لايخفى على احد الحال الذي وصل إليه العالم بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف الإرهابي على ساحة الأحداث واجتياحه الأراضي السورية والااراضي العراقية في فترة سنوات عديدة منذ تكوينه وشعاره إن دولة الإسلام باقية وتتمدد وما الأحداث الأخيرة في فرنسا وضرب أوربا من الداخل(الصحيفة الفرنسية ) إلا مؤشر يدل على خطورة هذا التنظيم ولا ننسى أن أساس التنظيم من العراق بني على أنقاض تنظيم الدولة الإسلامية في العراق (ألزرقاوي وامتداده وأبو عمر البغدادي ) وكأن قول الحجاج ابن يوسف الثقفي يتحقق بان العراق سره الأرض .ومن هنا نقول بان القضاء على هذا التنظيم في العراق بات امرأ ملحا لأنه قاعدة انطلاق التنظيم إلى العالم ومن خلال متابعة الأحداث والجهود التي تقوم بها الحكومة العراقية مع جهود التحالف الدولي الفقيرة مع الوجود العسكري الإيراني لصد هذا التنظيم نتبين إن كل الذي يحدث يصب في مصلحة داعش بكل مال لكلمة من معنى فداعش لايبحث عن ارض يسيطر عليها بقدر مايبحث عن أنصار تدين له بالولاء وهو يستقطب ألاف الجهاديين من كل بقاع العالم ولا يمر يوم إلا وتتم مبايعته من مختلف التنظيمات الإرهابية في مختلف بقاع الأرض وهنا أورد ماقاله أيمن الظواهري بعد الحرب الأمريكية على أفغانستان في معرض حديثه عن نتيجة الضربات الأمريكية والقضاء على طالبان (كنا قاعدة واحدة يقودها ابن لادن وألان صرنا مجموعة قواعد منتشرة في كل أنحاء العالم ) وهي فعالة وتضرب متى تشاء ومن هنا يجب التركيز على العراق باعتباره البؤرة التي تتوالد فيها داعش حيث إنها أعلنت دولة تضم ثلث العراق وثلث سوريا ولا أريد أن أخوض في الحلول العسكرية واتركها للمختصين باعتبار إن تنظيم داعش يحتل الأرض العراقية منذ فترة سبعة أشهر ولحد الآن ولم تتمكن الحلول العسكرية من إخراجه لا بل أصبح هو صاحب المبادرة وهو الذي يهاجم القطعات العسكرية التي تلعب دور المدافع فقط إذا استثنينا الجهود في تحرير جرف الصخر وفك الحصار عن امرلي . وللانتصار على هذا التنظيم نحتاج إلى معرفة االاستراتيجية التي يعتمدها هذا التنظيم والمتمثلة بمراحل ثلاثة : 1- مرحلة شوكة النكاية والإنهاك وأهدافها 1- إنهاك قوات العدو وتشتيت جهوده عن طريق القيام بعمليات وان كانت صغيرة الحجم إلا إن انتشارها وتصاعديتها سيكون له تأثير على المدى الطويل 2- جذب
شباب للعمل الجهادي عن طريق القيام كل فترة بعمليات نوعية تلفت أنظار الناس وما حدث في فرنسا مؤخرا باستهداف الصحيفة إلا مثال على ذلك مع العلم انه حدثت عملية لتنظيم بوكو حرام في نيجيريا تم قتل أكثر من 2000 مواطن بريء إلا إن العملية لم تلقى صداها الإعلامي بعكس الذي حدث في فرنسا .2- مرحلة إدارة التوحش أو إدارة الفوضى المتوحشة وهذا الذي يحدث في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش من سوريا والعراق 3- مرحلة شوكة التمكين –قيام الدولة من هنا نتبين إن تنظيم داعش لايتحرك اعتباطا بل يتحرك بطريقة ذكية ومحسوبة ومدروسة والاستهانة بهذا العدو واعتباره مجموعه لاتمتلك وعي أو دراية أو إستراتيجية هو الغباء بعينه ومواجهته تتطلب جهود استثنائية من الحكومة والأجهزة الأمنية والعسكرية ف داعش يراهن على الشعوب ويعتبرها هي الرقم الصعب الذي يكون ظهر التنظيم ومدده ولكسب الحرب ضده لابد من اعتماد إستراتيجية تؤدي إلى أن تكون الشعوب هي ظهر الحكومة ومددها ولكن الذي يحدث في العراق والذي يجب الانتباه له هو العكس حيث إن كل الحكومة بكل مؤسساتها تعتمد على أبناء الحشد الشعبي والذي يمثل أغلبية شيعية اعتمدت بقتالها التنظيم على فتوى السيد السيستاني مع ترك أبناء الطائفة المعنية (السنة) بقتال تنظيم داعش باعتبار إن المناطق المحتلة هي مناطق ذات أغلبية سنية بالعموم وإذا استمر هذا التجاهل الحكومي لهذا الموضوع مع تصرفات بعض المحسوبين على الحشد الشعبي عند تحرير المناطق من داعش والهالة الإعلامية التي تسلط على هذه السلوكيات المشينة لقضية الحشد فان الذي سيحدث هو تحول كل المكون السني إلى داعش وسيتم سحب السنة إلى معركة طائفية ضد الشيعة المتمثل بالحشد والحكومة وإعطاء الصراع لتحرير المناطق من قبضة داعش صبغة طائفية وهذا ماتريده داعش , لكل هذا أصبح سحب الطائفة السنية إلى الحرب ضد داعش امرأ ملحا وضروريا بل أساسيا للقضاء على هذا الإرهاب المبني على التطرف بالإضافة إلى ا ن أهل مكة أدرى بشعابها مع الانتباه إلى نقطة مهمة تخص الحشد الشعبي الذي لبى نداء المرجعية وهب للدفاع عن المقدسات الشيعية وهي تنتهي عند سامراء فكيف الحال لتحرير الموصل وتكريت والانبار فصار لزاما تشريع قانون الحرس الوطني أو تسليح العشائر السنية لحرب داعش عن طريق آليات مدروسة ومحسوبة , وتجربة الصحوات في العراق خير دليل على نجاح الطائفة السنية في قتال التنظيمات الإرهابية بكل أشكالها بالإضافة إلى إن الطائفة السنية تمثل الحاضنة للتنظيم والحبل السري الذي يغذيه بالرجال والمال إذا ما تم تجاهلها وعدم احتوائها بالطرق الصحيحة . لذلك باتت الحاجة ملحة لإعادة تدوير العقلية العراقية بكل إشكالها(كل الجهات الحكومية) بالتعامل مع قضية داعش والابتعاد عن العنتريات الفارغة والأحقاد بين المذاهب المتناحرة
التي يستفاد منها داعش في تحقيق هدفه والتعامل بعقلية تعتمد على الشعوب لمسك الأرض وصد العدو, وما التظاهرة الفرنسية التي رفعت شعار الوحدة بالإضافة إلى الإخاء والمساواة والتحرر إلا دليل على التعامل الواعي من قبل الحكومة الفرنسية التي سيطرت على التطرف في رد الفعل المتوقع حدوثه نتيجة الهجوم على الصحيفة والذي يماثل اعتداءات 11 أيلول . وما دعوة الرئيس السيسي العقلانية أثناء زيارة الدكتور ألعبادي إلى مصر بضرورة توحيد الخطاب بين النجف والأزهر إلا دليل على إن الإرهاب والتطرف لاينتهي بالقوة العسكرية فقط وإنما يقارع بالفكر لان معامل التفريخ الإرهابية تعتمد الفكر في تجنيد أعضاءها ولابد من الإشارة هنا إلى ضرورة الاعتماد على إعلام رصين ومضاد وعلمي قائم على أساس حقيقي ومتين لمقارعة الفكر التكفيري وليس على غرار الإعلام الساذج الحالي الذي يعتمد على نظرية (خالي ابن اختك هالمعرض خالي ) .كما لانغفل الحاجة إلى التنسيق العالي مع التحالف الدولي لان داعش أصبحت قضية دولية وإذا لم تتضافر الجهود للحد من قوتها فإننا سنجد أن شعارها باقية وتتمدد قاب قوسين أو أدنى من التحقق . والحد من التدخل الإيراني العلني أو إضفاء طابع السرية على هذا التدخل كحد أدنى لان هذا التدخل يكسب داعش تعاطف السنة في العراق والمنطقة والأسباب معروفة .