بعد أن تتخلص الحكومة العراقية أو خلال محاولتها الجادة في القضاء على داعش، عليها أن تفكر جديا في القضاء على الميليشيات الشيعية بنفس القدر والأسلوب. فجرائم المليشيات الشيعية لا تطال السنة فقط، بل طالت قبلها الآثار العراقية والشيعة والكرد والمسيح وغيرها من القوميات التي تعايشت لسنوات طويلة قد تمتد إلى عشرات القرون لو لم أكن مبالغا. ففي عام 2004 للميلاد فجرت القوى الشيعية الجنوبية وبدعم من إيران مرقد ومسجد الصحابي الجليل (طلحة) غرب البصرة. ويعتبر هذا المرقد من الآثار المهمة في العراق إذ إنه يرجع إلى العقد الثالث للهجرة أي تجاوز بناؤه ألف واربعمائة عام. ولم تقم أي منظمات إنسانية أو عالمية بالدفاع عن المرقد على الرغم من إنه إسلامي بحت. وهذا ما فعلته داعش في الوقت الحالي بتفجيرها المناطق الآثرية التي تسطر بدايات التاريخ العالمي والإنساني والتي قد تكشف لمن يريد البحث والتقصي عن آثار الأنبياء والرسل في تلك الحقبة. فهذه جريمة تشابه تلك الجريمة. ولكن لم تتخذ الحكومة العراقية أي ردود فعل جدية في محاربة أو محاسبة تلك الميشيات وهي تعرف تماماً هويتها والجهات التي تساندها.
وقامت داعش ايضاً بتهجير وقتل الآلاف من السنة في شمال العراق في الموصل وتكريت وفي غرب العراق في الأنبار. وعرضت أرواح الكثير من الأهالي من النساء والأطفال إلى خطر الموت برداً وجوعاً في مخيمات لا تصلح لقضاء عطلة نهاية الأسبوع لمن يريد الخروج في نزهة فكيف بمئات الآسر التي لا تجد إلا تلك المخيمات ملجأ لها؟ وفي الأعوام التي تلت سقوط النظام السابق هجرت المليشيات الشيعية في بغداد والكثير من المحافظات العراقية الأخرى المئات من السنة بدعم ايضاً من إيران وعرضت ارواح الكثير من الأسر إلى خطر الموت خوفاً أو قتلاً على يد المليشيات المسلحة في حال عدم الهجرة. فهل هناك إختلاف بين الجريمتين؟
قامت داعش بالسيطرة على منافذ الدولة في المناطق الشمالية والغربية ونصبت الكثير من نقاط التفتيش الوهمية التي تهدف إلى خطف وقتل وتصفية الشعب العراقي من كل طوائفه. واحتلت الموارد العراقية وسلبت الأموال العراقية من المصارف العراقية الحكومية والأهلية. وفي عام 2008 قامت مليشيات شيعية في البصرة فيي احتلال مراكز الشرطة ودوائر عراقية مهمة واسقطت السلطة الحكومية والمدنية في البصرة. ونصبت الكثير من السيطرات العلنية لقتل وتصفية الشعب العراقي. فهل هناك اي اختلاف بين الجريمتين؟
ولو رجعنا إلى التعبير عن الرأي وحرية التفكير، قتلت المليشيات الشيعية العشرات من الصحفيين والكتاب والمدونين لأنهم هاجموا الحكومة العراقية التي حكمت العراق بعد عام 2003 حتى انتهاء فترتها التشريعية الرسمية عام 2014. وتقوم داعش اليوم بقطع الأيدي والرؤوس لأنصارها لأنهم اختلفوا في الراي أو رفضوا طريقة أو اسلوب جاعش في القتال او الحكم. فهل هناك فرق بين الحكمين؟
إذن. لا فرق بين داعش وامليشيات الشيعية. داعش والى دول خارجية وساندته في الدخول الى العراق وتنفيذ ما يجري الأن في العراق. وساندت ايران ومنظمة حزب الله المليشيات الشيعية في تنفيذ خطط وتصفيات جسدية للعراقيين حتى الآن. فالمشكلة إننا
نستعمل المجرمين في القضاء على المجرمين وهي خطة جيدة لأننا نتخلص من عدوين بحجر واحد ولكن على الحكومة العراقية أن تتفرغ الى المليشيات الشيعية وأن تقضي عليها في حملة كالتي تقوم بها اليوم على داعش. ويجب ان تتمتع الحكومة العراقية بقوة وروح وطنية عالية تلغي الذات والمجاملات والتربيت على الأكتاف لكي تفعل هذا. فهل لدى حكومتنا الرشيدة هذه المواصفات؟ أم إنها قد تنتفع من وجود تلك المليشيات المجرمة في تنفيذ خططها التي نعرف عنها شيء؟ فالحكومة السابقة قبل 2015 كانت تستعمل عصائب أهل الحق لكي تضرب بيد من حديد على كل من لا يوالي الصنم الأكبر في العراق وهي الأن تقاتل مع من تتصفهم بالمجرمين والخونة قبل عام، فهل هذا من ضروريات المرحلة أنها تنفذ خطط جديدة ولكن بالشراكة مع المجرمين؟ وقضية التدخل الإيراني اليوم في العراق مزعج فقتل الإيرانيين للسنة بمثابة انتقام من الضباط العراقيين الذين قاتلوا في الجبهات العراقية – الإيرانية قبل اكثر من ثلاث عقود. وقاسم سليماني الحاكم الفعلي للعراق اليوم يريد أن يقضي على السنة في العراق ويريد أن يكافئ كل من يشارك في تحرير تكريت والموصل بأن يسكن فيها في أي منطقة يريد وهذا يعني تشييع المناطق العراقية السنية بعد ان تهجر منها اهلها وعلى من بقي فيها من السنة أن يقبلوا أو أن يقتلوا لأنهم سيكونون من اتباع داعش لأنهم يرفضون مجاورة الشيعة. وبعد سنتين أو أكثر وفق ما خططت لها الولايات المتحدة لخروج داعش من العراق سيكون هناك حسينية وموكب حسيني في قلب تكريت والدواسة وشارع الثقافة في الموصل.
قضت الولايات المتحدة الأمريكية على صدام حسين في غضون اسبوعان وانتهى اسطورة النظام السابق العسكرية التي اجبرت غيران على السلم. وعجز الطيران الذي هدم بغداد في القضاء على ثلة من العصابات التي جاءت تحت اعين الولايات المتحدة. فهل الأسبوعان في عام 2003 لا تساوي اسبوعان من عام 2014 و2015 و 2016 و……. ؟ لماذا؟ علل ما ورد اعلاه. ولكن لا تنسى أن تعلل الجملة العرضية أعلاه بينك وبين نفسك لأنك ستقتل لو افصحت عن رأيك.