العراق بلد التحولات الامبراطورية في العالم,لايمكن ان تستولي اية قوة على محاور واقطاب الكرة الارضية دون ان تمر بمركز الثروات والاديان والثقافات الانسانية الموروثة,
بلاد الهلال الخصيب ,
الا انه كما يبدو ان ارضه تمتلك تعويذة ابدية,لعنة من لعنات التاريخ, انها لعنة بابل(على غرار لعنة الفراعنة),لاينجح ولايبقى عليها باغ او معاد او طامع حقير,يمر من خلالها الحاقدون ,ولايبقى اثر الا رائحة وصدا عبق الحضارات.
عندما حنث الاب بوش بوعده وقسمه بنصرة الشعب العراقي عام 1991 فيما لو انتفض على المجرم صدام,اغلقت كل ابواب الارض ,ولم يبقى لنا الا السماء والصحراء ومذابح الطاغوت,ولم يكن احدا يعترف بثورتنا وعروبتنا وانسانيتنا,ولم نجد اي وسيلة اعلامية او سياسية او مدنية او اجتماعية تنظر الينا او تنصفنا,او ان تتحدث عن كارثة الشعب المنتفض,اغلقت كل
سفارات الاشقاء بوجهنا,وبقي لنا منفذين ايران وسوريا,فكانوا لنا عونا وسندا واخوة وخيرا(رحم الله السيد الخميني والرئيس حافظ الاسد),وبعد ان تحطم الامبراطور السوفيتي,صار القرار الامبريالي الجديد, ان تتحول الانظمة الشمولية الى انظمة ديمقراطية جاهزة,هكذا هي وجهة نظر الشركات الراسمالية الامبريالية تجاه تفكيك اقتصاديات الدول الفقيرة سياسيا,وكذلك الناشئة اقتصاديا,لاقتحام اسواقها وتحطيم بناها التحتية في مختلف المجالات لاسيما الزراعية والصناعية والتجارية,
فجاءت حجة احداث ابراج التجارة العالمية ,الهجمات الارهابية 11سبتمبر في امريكا,لتكون شرار تغيير الانظمة العربية,فتم اختيار الهدف الظاهري(الارهاب في افغانستان),والهدف الاستراتيجي الاخر هو العراق,نقطة الانطلاق نحو مشروع الاستقرار الامريكي الطويل الامد في المنطقة,وليس غريبا ان تتزامن الاحتجاجات الايرانية (حسين موسوي-مهدي كروبي)مع ثورات الربيع العربي,فهو مشروع استعماري شامل,مع ان اكثر الدول تأثرا بتلك المخططات المدمرة العراق وسوريا,فبعد ان نجحت
خدعة ال سعود ,وملك الاردن صاحب مقولة الهلال الشيعي(الاردن ..الدولة الراعية للارهاب بصمت)للرئس الشاب قليل الخبرة بشار الاسد,عندما اقنعته ان العراق سيكون منطلقا لتغيير كل الانظمة العربية بما فيها السعودية,ففتح بلاده لعبور الارهاب الى العراق,سرعان ما انقلبت الامور فتحولوا لكسر الضلع الرئيس في مايسمونه بالهلال(سوريا والمقاومة اللبنانية حزب الله),وكأن التحالف الجديد الذي اقتنعت به الادارة الامريكية ودول الخليج,هو احياء الفتنة الطائفية للقضاء على الدول الثلاث(ايران العراق سوريا..وحزب الله لبنان),على شرط بقاء الانظمة الخليجية الحالية دون تغيير ,بعيدة عن مشروع الشرق الاوسط الجديد,ولهذا سكت العالم عن مجازر ال خليفة في البحرين ,المرتكبة بحق ابناء البلد الثائر ضد الظلم والاقصاء والتهميش,وكذلك اعطاء مفاتيح الخليج وقراره السياسي بيد ال سعود (ولهذا تلح بضرورة اقرار الاتحاد الخليجي للابتعاد عن مخاطر الانهيار),مع اعطاء ادوارا ارهابية مهمة للقطة المدللة قطر,
وعلى الرغم من كل الاحداث الارهابية الكبيرة,وحجم التمويل والتدريب والتحشيد والتسليح المقدم للجماعات
الارهابية,فشل المشروع الارهابي في سوريا والعراق,لكن نجد في المقابل اصرار عجيبا على الذهاب بعيدا في مشروع تدمير البلدان العربية الكبيرة(مصر والعراق وسوريا),ولولا اللطف الالهي والوعي المصري لتغيير حكم الاخوان الارهابي,وصمود الشعب والقيادة والجيش السوري,وصبر العراق على العديد من الاعتداءات الارهابية المدعومة خليجيا,لكانت الاوضاع اصعب بكثير مما هي عليه اليوم.
اما قصة داعش ونغمة التهميش التي عزف عليها اغلب السياسيين العرب السنة,وهم ممن كان قد خدم الطاغية المقبور صدام وحزبه الاجرامي,ولان قاعدة عفى الله عما سلف لايمكنها ان تنطبق على مجرمي البعث,الا ان الحكومة والمرجعيات الدينية الشيعية,التي صرح عدد منهاعلنا ان نظام صدام ليس طائفا ,ولكنه نظام دكتاتوري,وهي بمثابة تبرئة المكون السني من جرائم النظام البائد,مع ان الحقائق عكس ذلك تماما,الان ان متطلبات الوحدة الوطنية تقتضي ان نتجه الى هكذا خطابات وحدوية,لكن ملاحظناه ان ماكينة العمالة والخيانة والكذب بقيت دائرة ,فتائلها مشتعلة مستعرة
,اضافة الى استمرار عمليات الدعم والاحتضان المتواصل للارهابيين المنتشرة في اغلب المحافظات والمناطق الغربية,
ومع ان غالبية سكان تلك المناطق هم من العرب السنة الرافضين بشدة لتلك الجرائم,او اي مشروع خارجي يستهدف وحدة العراق وامنه واستقراره,الا ان الادعاءات الكاذبة والتحدث سياسيا واعلاميا داخليا وخارجيا بلغة الاقصاء والتهميش,وان السجناء من العرب السنة هم من الابرياء وليس ارهابيين وخونة,ثم تغيرت نغمات وعبارات ساسة وشيوخ الفتنة الطائفية من ان السجون تمتلأ بالسجينات… الخ.
توالت خيوط المؤامرة والخيانة للوطن والارض والشعب بالادعاء بان الجيش الحالي ليس جيش العراق انما جيش المالكي,علما ان غالبية الجيش العراقي السابق في عهد صدام كان من الشيعة(الا انهم كانوا في الغالب جنود وليس قيادات او ضباط),لكن لااحد يذكر ان الجيش ووفقا للنسب السكانية والمحاصصة السياسية من المفترض ان تكون غالبيته من الشيعة العرب,الغريب ان الادارة الامريكية وفي معرض
تعليقها حول التطورات الاخيرة في العراق,ودخول داعش بمساعدة بعض الخونة والمتخاذلين من الجيش(قيادات الجيش المتخاذلة كانت من المكون العربي السني والكردي),مدعية ان الاوضاع السياسية المضطربة والخلافات المستمرة بين شركاء العملية السياسية,وسياسة المكون الشيعي بقيادة المالكي ضد المكونات الاجتماعية الاخرى, هي احد الاسباب الرئيسية لهذا التدهور الخطير, الذي امتد لصلاح الدين وديالى والانبار وكركوك,
ولكن من المهمش,وهو مشارك في كل مرافق الدولة الحساسة,وعطل موازنة الدولة الاتحادية وبقية القوانين ؟
ومن هي الاطراف المسببة للتوتر,من يسرق عائدات النفط,والمتعاون مع اعداء العراق؟
يبدو ان قبول تلك الادعاءات واعادة تسويقها دوليا,هي عبارة عن مؤامرة دولية اقليمية خليجية لاثارة التوترات الطائفية في المنطقة,استكمالا للمخططات الامبريالية القاضية بوجوب وجود قواعد لهم قبالة الحدود والسواحل الروسية الصينية.
العراق ومنذ تأسيس دولته الحديثة عشرينيات القرن الماضي مارست التهميش والاقصاء والاضطهاد المتعمد ضد المكون الرئيس الشيعة,بينما كانت الديمقراطية اكثر كرما مع الجميع بمافيهم العرب السنة والاكراد وبقية الاقليات,بل ان البعض اخذ اكثر من حقوقه وفقا لنسبته السكانية,
فعندما تقول الحكومة لاقليم كردستان لاتصدر النفط دون الرجوع للمركز ,هل يعني هذا سياسة اقصاء واستأثار بالسلطة من جانب رئيس الوزراء المالكي!
وعندما يسمح للقضاء العراقي باصدار مذكرات استدعاء واعتقال بحق المجرم الهارب طارق الهاشمي,والعيساوي واخرين,فهل هذا يعني اقصاء وتهميش للمكون السني,
بينما هناك عشرات الالاف من معاملات وملفات ضحايا النظام البائد الى الان بلا اجابة وباقية على الرفوف.
هذه الاسطوانة القذرة التي خدع من خلالها بعض اهالي الموصل وديالى والانبارمصيرها مزبلة التاريخ,فقد جرب ابناء وبنات تلك المناطق عقلية الارهاب التكفيري الخارج على الدين والاخلاق والانسانية ,ولاحظ الجميع
كم هو خسيس ودنيئ ومليئ بالخرافات البربرية البالية(ضرورة مبايعة الذباح كأمير,والزنى بالنساء بحجة جهاد نكاح ,وتطبيق سنة الامويين والعباسيين بقطع رقاب الناس الابرياء,الخ.),لن تدوم طويلا,لكننا نعرف ان الثمن باهظ وسيدفعه جميع العراقيين عربا واكرادا,سنة وشيعة,لان الارهاب والفوضى لايبني وطنا ,ولايعمر ارضا ,ولايخدم بشرا,ولعل نكتة داعش والتهميش ستصبح مثار سخرية المجتمع عاجلا ام اجلا,ولن يبقى في هذه الارض الا ابنائها الصالحون…