تقترب أمريكا في معركة الموصل ،أن تحسم الصراع مع تنظيم الدولة الاسلامية داعش، في اكبر معركة في التاريخ المعاصر ، بعد ان جيشت الدول العظمى حشوداعسكرية بالالوف المؤلفة عدا الفرق العسكرية والشرطة وقوات مكافحة الارهاب العراقية ،وقوات الحشد الشعبي وقوات البشمركة والحشد الوطني والعشائري،وأحدث الاسلحة والصواريخ والطائرات التي تستخدم لاول مرة في الحروب،بل وصنعت خصيصا لمعركة الموصل ،كالمدافع الذكية والصواريخ الذكية التي لاتخطيء هدفها ،مع تحشيد إعلامي هائل تم ضخه على مدار سنة كاملة من البث المنظم ،وتم انشاء اذاعات وفضائيات وصحف وبرامج وكوادر اعلامية خاصة مع بقية الفضائيات الاخرى التي تناهض هذا التنظيم ،لهذه المعركة الكبيرة، وكأننا في حرب عالمية ثالثة ،تكون الموصل واهلها وارضها ساحة لها ،بل نحن في حرب عالمية ثالثة بمعنى الكلمة ،يقابل هذا تواجد تنظيم الدولة الاسلامية داعش في الموصل بأعداد تقارب ال( 8 الاف)
عنصر ،حسب احصائيات عالمية وأممية، اذن لمن هذا التجييش العسكري الهائل في الشرق الاوسط،وهل يعقله انسان اي يكون للقضاء على تنظيم داعش كما تزعم الدول العظمى امريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والتحالف الدولي والعربي ، قطعا الامر يتعدى هذا بكثير ،والايام المقبلة التي بعد تحرير الموصل والرقة ،ستنطلق استراتيجية امريكا وتحالفها في الشرق الاوسط،لتوزيع الادوار وغنائم (النصرعلى داعش)،على الدول المشاركة في المعركة ، وهذا ما تسميه امريكا اعادة خارطة المنطقة في مرحلة بعد داعش، وبعد انتهاء معاهدة سايكس-بيكو،وهذه الاستراتيجية التي جعلت مشاركة روسيا وبريطانيا وفرنسا لتقاسم النفوذ وتحقيق الاهداف الاستراتيجية لهذه الدول،والتي كانت تعمل عليها طوال سنين طويلة ،أي ما بعد الحرب الباردة بين الدول العظمى لتقاسم النفوذ في منطقة الشرق الاوسط،ابتداء من العراق ،والتي حركت ايران الخميني لمحاربة العراق وايجاد مبررات القضاء على النظام السابق،لانه كان يمثل العقبة الكأداء في طريق الدول العظمى وفي مقدمتها امريكا لتحق وتنفيذ مشاريعها ، والان وبعد ان انفضحت استراتيجية هذه الدول امام العالم كله، وتعرت امريكا وحلفاؤها بعد ان اكشفت سوأتها في نشر الديمقراطية في العراق والمنطقة،وكذبة الربيع العربي،وتدمير ليبيا والعراق وسوريا واليمن ، يبدو المشهد الامريكي ومشاريعها واهدافها واضحة الان اكثر من اي وقت مضى،ولم تعد الغشاوة تلف وجوه البعض من الحكام العرب ودول المنطقة ،واصبح خطر الارهاب العالمي الذي صنعته امريكا وحلفاؤها يهدد مستقبل العرب حكاما وشعوبا ، بل يهدد حتى الدول الاوربية، راعية الارهاب بتحالفها مع امريكا وايران في المنطقة، وإسقاط النظام السابق لاهداف وغايات ومشاريع سياسية وعسكرية ،وهكذا فإن معركة الموصل ستكون معركة فاصلة بكل تأكيد ،وتاريخية بكل تأكيد ، فالجميع يبحث عن (كعكة النفوذ والغنائم ) فيها ،لما بعد داعش، وحينما يكون العراق ضعيفا الى حد التلاشي،فإن الغنائم تكون بمتناول الدول الاقليمية والعالمية التي تشارك في المعركة،بل حتى القوات التي ستشارك ايضا وضعت شروطا على حكومة العبادي للحصول على حصتها من اراضي الموصل ،ومن النفوذ والسلطة الادارية ،لما بعد داعش ،وتمثل زيارة رئيس اقليم كردستان مسعود البرازاني ،لتضع النقاط على الحروف في انطلاق معركة الموصل ،والتي كانت الخلافات والصراعات السياسية بين الاقليم والمركز سببا في تأخيرها ،إن استراتيجية معركة الموصل لما بعد التحرير ،ليس كإستراتيجيتها قبل التحرير ،واعلنت هذا ادارة اوباما بشكل واضح وصريح على لسان سفيرها الجديد في بغدادوقالت ،
( ان لاتغيير في الحدود الادارية للموصل بعد التحرير وان امريكا لاتوافق على تقسيم المحافظة )،وهكذا تحسم الجدل وصراع الارادات وترفض التقسيم ايا كان شكله ،لانه وحسب استراتيجيتها يشكل تهديدا لنفوذها المستقبلي في العراق عموما وفي الموصل خاصة،وتحديدا بعد السيطرة على قاعدة القيارة وجعلها قاعدة عسكرية امريكية دائمة لها في العراق والمنطقة،ولتكون كلمتها العليا في المنطقة لعشرين سنة قادمة أو أكثر ربما، ولا أحد في العملية السياسية يستطيع رفض وعدم اطاعة وتنفيذ كلمة امريكا في العراق، وان ما تقوله هو الذي ينفذ ،وما يقوله الاخرون مجرد هراء وتسويق اعلامي داخلي ودعاية انتخابية ، وهكذا أعدت امريكا ،ووضعت استراتيجيتها العسكرية والسياسية لما بعد داعش ،وبعد معركة الموصل ، أن القرار الامريكي سيكون له شأن في السياسة العراقية،لانها ستقول لهم أن امريكا هي من حرركم من داعش ،وانها سترفع بوجههم ورقة داعش كلما اعترضوا على قرار لها ،وبهذا تحكم سيطرتها على العراق وساسته بالتلويح بداعش واخواتها ،أما الميليشيات الايرانية المغطاة الان تحت اسم الحشد الشعبي وتسير باسمه ورايته وفتوته ،(مع احترامنا للمتطوعين العراقيين في الحشد الشعبي والعشائري ضد داعش وليس ميليشيات ايران التي ترفع صور المرشد وتأخذ اوامرها وتمويلها وتسليحها منه )،
فلها صولة وجولة قادمة مع امريكا في العراق،ولكن تأخير تحجيمها وانهاء دورها الان غير وارد ،لانها تستخدمها في محاربة داعش والقضاء عليه ،وتريد انهاكها مع داعش ليسهل القضاء عليها لاحقا ،اذ انها لاتستطيع مقاتلتهما معا ،هي تريد ان ينهي كل طرف خصمه وتبقى هي متفرجة على نهاياتهما ،وهذا ما تمارسه ادارة اوباما منذ سنوات مع كل من داعش والميليشيات ،وكلنا يعلم انها تدعم الطرفين عسكريا واعلاميا لهذا الغرض، لذلك فادارة اوباما الان منعت دخول الحشد الشعبي والميليشيات الى الموصل ،وابقته على اطرافها ،وكذلك منعت دخول قوات البشمركة الى الموصل، لاهداف عسكرية، وسياسية ،فالعسكرية لكي تجير التحرير عسكريا لها ولطيرانها وصواريخها وجيشها ومستشاريها ،وسياسيا لترفع من اسهم الحزب الديمقراطي في انتخاباتها المقبلة بداية العام القادم ،وليكون النصر امريكا لاعراقيا ،وهذا الاستراتيجية اعلنها اوباما منذ أشهر قليلة وقال سوف نعلن النصر من قلب الموصل بالقضاء على داعش،وهذا كان عندما كانت هيلاري كلنتون تعاني من نقص فرصتها في الفوز ويتقدمها المرشح ترامب بنقاط كثيرة جدا،مما رفع رصيدها الانتخابي فوراوتراجع رصيد ترامب،لذلك نقول ،إن استراتيجية امريكا ما بعد داعش هي السيطرة والهيمنة الكاملة على العراق سياسيا وعسكريا،وازاحة الاحزاب والعمائم الدينية التي استهلكها الشارع العراقي،وابدالها بوجوه جديدة وشخصيات جدد،واحزاب جديدة يتقبلها الشارع العراقي بعد داعش، لتفرغ لازاحة دول اخرى في المنطقة ضمن استراتسجيتها العسكرية ،واستحداث مبررات وتنظيمات، اكثر تطرفا لتحقيق اهدافها في مرحلتها المقبلة، وما قانون(جاستا)،الا دليل على ترشيح دولا اخرى على قائمة الاستهداف في المنطقة ،ومن المؤكد ان ايران او السعودية ،ستكون احداها الهدف التالي بعد العراق، يبقى ان نذكر ان امريكا استطاعت ان تروض روسيا وتسكت ايران في سوريا ،بإعطائهما دورا هامشيا في الصراع والحرب هناك مع داعش، وهكذا هي اليوم في معركة الموصل،والتي تصر ايران ان تشرك ميليشياتها في معركة الموصل المرتقبة،وهذا يؤكد اصرار الميليشيات وقادتها على التهديد والوعيد، لمن يرفض دخول ومشاركة الحشد في معركة الموصل،رغم ان مجلس المحافظة ومجلس عشائرها ،يرفضان دخول ومشاركة الميليشسات في المعركة ، وهكذا تنجح امريكا في إدارتها لمعركة الموصل ،
التي أصبحت قاب قوسين أو ادنى من الانطلاق، لتعلن عن اكبر معركة في التاريخ تشترك فيها كل جيوش العالم وأحدث اسلحتها وصواريخها،ضد عناصر متفرقة وعصابات اجرامية متطرفة ،تحارب حرب العصابات وحرب المدن الغير متكافئة ،عسكريا ، إن استراتيجية أمريكا قبل وبعد داعش، تؤكد نجاح امريكا في إدارة الصراع في الشرق الاوسط ،وخلقها توازنات استراتيجية لمدى طويل ،تمارس فيه ابشع الجرائم واشعال الحروب الداخلية ،بين الشعوب على اسس عرقية وطائفية وقومية،وهذا ما تسميه امريكا ،بالفوضى الخلاقة في منطقة الشرق الاوسط ،انها استراتيجية القوة العظمى لقهر الشعوب وتدمير انظمتهم وقتل شعوبهم ،من اجل ان تكون امريكا القوة الاهم والوحيدة في القرن الحادي والعشرين كما قال هنري كيسنجر عرابها ذات يوم ،انها قوة الوهم ووهم القوة في حكم العالم وتفرد القطب الامريكي الواحد…………………………