لم يكن مسيلمة الكذاب بلا أتباع
كان للغزو مفهوما أسلاميا يعبر عن لحظة من لحظات الجهاد التي تتسم بالنفرة وأستنهاض الهمم وأظهارالشجاعة , وجمع القوة لرد وردع المعتدي ومن يشكل خطرا على السلم ألآنساني وألآمن العقائدي المؤسس على ألآمن ألآخلاقي وهو سر السماء وهديها المستودع في رسالات ألآنبياء .
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا أن الله لايحب المعتدين ” – 190- البقرة –
وكان للجهاد ثقافة أسلامية تستجمع سايكولوجية السلوك وطرق التفكير و قيما تتناول هموم المنظومة البشرية وتطلعاتها نحو البناء والتقدم والتكامل في أطاريجمعه ألآيمان العام بالدين , وتخصصه الشرائع السماوية لتمنح أتباعها حرية ألآعتقاد بعيدا عن القهر وألآضطهاد ” لا أكراه في الدين ” وتترك للتلاقي فرصة أنتظار المصير الموعود الذي يظهر وحدة ألآنبياء والرسل والمؤمنين جميعا خلافا لما كان شائعا من أختلاف وخلاف غير حقيقي في أمور الدنيا , وداعش من أسوأ من عمل وأستغل خلافات الدنيا وضلالاتها .
وجاهدوا في الله حق جهاده هو أجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم أبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وأعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ” – 78- الحج –
والجهاد في ألآسلام هو ليس الحرب والقتال وهما للضرورة ودفع الخطر وجهاد الحرب هو الجهاد ألآصغر , وأنما الجهاد في أوسع معانيه هو جهاد النفس وهو الجهاد ألآكبر, وداعش قلبت هذه المفاهيم وحرفتها لمحدودية في عقول من يقودها وسبات في عقول أتباعها من الذين سمعوا بالجهاد ولم يعرفوا قواعده ومضامينه وسمعوا بالغزو ولم يعرفوا زمانه ومعانيه فتفاعلوا مع أشتداد الرغبة في التمثيل ولم يفهموا معاني التنزيل , وأستعجلوا ألآنقلاب على واقع المجتمعات وألآنظمة فوقعوا بفساد أكبر , فأصبح موتهم أنتحارا وشعارهم شنارا وعملهم عارا , ودعوتهم منكرة لايألفها ألآ غاو , ولاينشرها ألآ شاغب متحرف , ولا يدعو لها ألآ ناقص عقل وفاقد علم ومحارب طائش , ولايطمئن لها ألآ صاحب شهوة ومبتذل عرض ومتحلل من ألآخلاق لايؤتمن على شيئ .
أن مشهد داعش الذي كثر عنه حديث الناس وتناولته أقلام الكتاب وتحليلات المحللين والمعلقين , وأمعنت في شرحه الدراسات والبحوث , العسكرية منها والفكرية , والسايكولوجية , وألآجتماعية وأحيانا ألآقتصادية , ووحدها ظلت الدراسات الفقهية تقدم رجلا وتؤخر أخرى , بأستثناء ما سمعناه من بعض الذين لايخشون في الله لومة لائم وفي مقدمتهم الشيخ ألآزهري أحمد كريمة , وبعض مشايخ مصر وتونس , وبعض ألآصوات الحرة في لبنان ومنهم الشيخ ماهر حمود في صيدا , ولمفتي سورية الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون أفاضات في نقد الفكر الوهابي التكفيري والسلفية ألآرهابية سبقه في ذلك العلامة الدكتور الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي رئيس هيئة علماء الشام الذي أغتالته العصابات ألآرهابية وهو يدرس القرأن في جامع ألآيمان بدمشق , وعندما تضاف هذه ألآعمال ألآجرامية الى ماصرحت به الفتاة البريطانية التي هربت مع طفلها من عصابات داعش في الرقة الى الجيش التركي لآنهم فرضوا عليها الزواج من أعضاء داعش على طريقة مايسمى بنكاح الجهاد وهو بدعة وزنا , أما قطع الرؤس وذبح البشر كما تذبح الخراف وسبي النساء وبيعهن بسوق النخاسة وفرض عليهن التبرع بالدم , وتخريب السدود ومحطات الكهرباء والماء وأبراج ألآتصلات , وتخريب سكك الحديد , وتدمير المطارات , وتعطيل المدارس والجامعات , وتفجير أضرحة ألآنبياء ومقامات ألآولياء والعلماء , وتهديم الكنائس , وتفجير مجالس العزاء ووضع العبوات الناسفة في طريق زوار العتبات المقدسة والتهديد بهدم قبة وضريح رسول الله “ص” وأزالة الحجر ألآسود , كل هذه ألآعمال والممارسات هي أجرام موصوف لايحتاج الى دليل لآدانته لآنه يحمل بطلانه في نفسه , والباطل كان زهوقا لاروح فيه ولا حياة , ومن لاحياة له لايستحق أن يظل مسجى على وجه ألآرض لآنه أصبح جثة , وكل جثة تتعرض للتفسخ حسب قانون بيولوجية الاحياء الذي جعل وليمة الوحوش والنسور والغربان ثم النمل والدود هي الجثث سواء كانت أدمية أو حيوانية .
أن من يحلو له الحديث عن شجاعة عصابات داعش ويبلغ به الحماس للآشادة بتلك الشجاعة , نقول لهم أنكم لم تفرقوا بين الهوس والشغب والغوغاء التي هي حصيلة أضطراب وسائل ألآدراك ومستلزمات الفهم ويقف وراء ذلك نفوس مضطربة محرومة من نعمة الرضا بقسمة الرب في تخصيص ألآصطفاء وألآجتباء للذرية الصالحة في قيادة البشرية .
في التاريخ ألايماني الموحد يضرب لنا مثالا بطالوت وشجاعته التي هزمت جالوت , وفي التاريخ ألآسلامي يضرب لنا مثلا بشجاعة علي بن أبي طالب “ع” في معركة الخندق التي كان فيها عمرو بن ود العامري الشجاع المتهور الذي صرع على يد الشجاع المستقيم المتزن بنور العلم وبركة الرب ذلك هو علي بن أبي طالب “ع” من خلال هذين المثالين علينا أن يكون خيارنا مع شجاعة ألآستقامة والعلم لا مع شجاعة التهور والجهل , فالعضلات قوة فسلجية , وألآرادة قوة روحية , والشجاعة مع القوة الروحية أدوم وأنفع وأصلح قيل للامام علي “ع” كيف كنت تصرع أبطال العرب ؟
قال : “ع” : مانازلت رجلا ألآ وأعانني على نفسه ؟
يعني أن ألآمام “ع” كان يتقدم لنزال ألآبطال وهو مؤمن بالنصر من ربه وواثق من نفسه , بينما يتقدم خصومه وهم خائفين مرعوبين لاثقة لهم بالنصر ولا أيمان لهم بالرب .
وعندما يقول خطيب داعش في جمعة الموصل المدعو أبو سعد ألآنصاري أنهم سيهزمون القوات العراقية المتقدمة نحوهم , أنما يعبر عن هلع الدواعش وخيبتهم الذين طمعوا بمظاهر الدنيا وخالفوا الله وشريعته ومارسوا أبشع الجرائم والعدوان فهم بغاة , والباغي مصروع حتما , وهذا المعنى لايعرفه أبراهيم الجميلي خطيب جمعة الفلوجة ولا أبو سعد ألآنصاري خطيب الدواعش في الموصل , ولايعرفه من يتولى نشر أخبار داعش عبر الفيسبوك , ولايعرفه الظواهري وأبو بكر البغدادي وأبو محمد الجولاني الذين يفرحون بألآتباع الفاشلين في مجتمعات الغرب , وألآتباع المتمردين وهم من المارقين والناكثين والقاسطين وهم خوارج ألآمة في العراق وسورية ولبنان ومصر وليبيا وتونس واليمن والصومال ومالي وباكستان وأفغانستان وهؤلاء نسوا أن مسليمة الكذاب لم يكن بلا أتباع