لكلِّ معركةٍ سايكولوجيتها التي تدخل وتتداخل فيها اعتباراتٌ عدة , والقاسم المشترك لذلك هو المعركة الدفاعية , فحين يجري مهاجمة العدو بأضعافٍ مضاعفة من قواته , وتنهمر على رأسه اطنان القنابل والصواريخ من البرّ والجو , ويتم قطع طريق امداداته وانسحابه وبالتالي تطويقه , فأنّ أقلّ ما يصابون به جنود او افراد العدوّ هو التوتّر العصبي والإربالك النفسي وشدّ الإعصاب , وما يفرزه ذلك من أداءٍ متردٍّ في مواصلة القتال او التفكّر بالهروب والأنسحاب وحتى الإستسلام , وهذا ما ينطبق على داعش اكثر من سواها من الجيوش النظامية في هذه الأيام في معركة الموصل الكبرى , والتي تمرّ فيها داعش بأصعب اوقاتها وترى فيه ما لم تره من قبل في المعارك الأخريات , لكن ! أن يقوم الدواعش في ظرفهم العصيب والمنكسر هذا , بعملية اعدامات لضباط الجيش السابق بلغت نحو 90 – 80 ضابطاً في غضونِ الأيام القليلة الماضية وسط احتداد واشتداد المعركة وتقهقرهم في مناطقٍ عدّة , فهو أمرٌ له ما لهُ من دلالاتٍ يصعب فكّ رموزها في الوقت الحالي وقد يتطلب زمناً طويلاً لمعرفة اسباب ودوافع ذلك .! ولعلّ ما يزيد هذا الغموض غموضاً آخراً هو حرص واهتمام الدواعش على نقل جثث ضباط الجيش السابق المعدومين ورميهم في وسط مياه النهر , فلماذا لمْ يتركوا الجثث في امكنة اعدامها .! وهل انهم متفرّغون لذلك .! بينما تنصبّ حمم القذائف عليهم من كلّ المحاور .. لا ريبَ أنّ هؤلاء الضباط المعدومين لا يُشكّلون ايّ خطرٍ أمنيٍّ عليهم , وهم مجرّدون من السلاح ومن دون جنودٍ بأمرتهم ! وعملية الإعدامات توحي على تنفيذ مقاتلي الدواعش لأوامرٍ وتعليماتٍ صارمة للغاية تتعلّقُ بالثأر والإنتقام الحاد من مجمل الجيش السابق الذي خاض الحروب ضدّ اطرافٍ محلية واقليمية ودولية كثيرة كما معروفٌ سلفاً , إنّما مَنْ هي الجهة او الدولة التي تتحكّم بداعش وتحرّك بوصلتها بالإتجاه الذي تشاء .!لاشكَّ بأمكانية افتراض اكثر من دولةٍ او جهةٍ في ذلك , والمسالةُ قابلةٌ جداً للتفسير والإدراك والتحليل , والأمرُ متروكٌ للقرّاء ..