18 ديسمبر، 2024 11:41 م

داعش ليس بندقية فقط !

داعش ليس بندقية فقط !

واهم من يظن إن داعش بندقية نسقطها ونرتاح من كوارثها ، فالفكر جاء سابقا للبندقية ، وهو منتج متواصل لها ومتحايث تنفيذاتها ..والأخطر قدرة هذا الفكر على أن يغذي أفكاراً أخرى مختلفة معه في الشكل ومتطابقة في المضمون !
تحريم الموسيقى والرقص والفنون الأخرى والنتاج الثقافي الحر من مخرجات الفكر الداعشي المتساوق مع افكار دينية أخرى تتعارض معه حد القتل المستباح ، لكنها في سلّة واحدة ومخرجاتها الى حد كبير مع اختلافات في السياق الزمني والتطبيقي للفكرة نفسها والاستحكام من ظرفها !
في تجربتنا السياسية يظهر الفكر الداعشي متخفيا بواجهات ومبررات وتخريجات تلتقي كلّها في الزاوية نفسها ، ففرض نمط محدد من الحياة والسلوك والأفكار على جماعة من الناس تحت خيمة الدين ليس إلا شكلا من أشكال الإرهاب الداعشي، وعلينا أن نتصور مثل هذا الوجود الذي يمارس إلغاء الآخر وهو مسلح بالفكر والبندقية معا !!
منع وتحريم الموسيقى والرقص، سلوك داعشي بامتياز، لكنها ممارسة في أغلب المحافظات العراقية، وتتعرض حفلات موسيقية ينظمها ناشطون ومثقفون إلى الإلغاء والمنع وملاحقة المنظمين وتهديدهم..
إزالة النصب والتماثيل، سلوك داعشي لإلغاء الهوية العراقية، ذلك ان هذه المنحوتات هي تعبير عن ثقافة وفكر وحضارة وتأريخ
فرض نمط من الحياة، سلوك داعشي معروف، وتقوم ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون ومنفلتة في مدن ومحافظات عديدة بفرض نوع من الحياة والممارسات والسلوكيات لا تتناسب مع أفكارهم، والفرق أن هذا السلوك الداعشي لا يتم بنفس طريقة داعش وإنما من خلال الإيحاء والتهديدات والتحريمات..
اغتيالات الجمال والحياة لفتيات بغداد الرائعات، تلك الاغتيالات التي مرّت من أمام الكاميرات بسلاسة ثم قيّدت ضد مجهول..أليس حضورا داعشيا في قلب العاصمة بفكر وسلاح !
في تفاصيل حياتنا اليومية نتلمس مجموعة الممنوعات الرسمية منها أو التي تفرضها قوى مسلّحة قادرة على إنفاذ قانونها الخاص في حياتنا و التي تسوّق نفسها من مبدأ الإيمان والحفاظ على آداب المجتمع..
ألم يتولى بعض حرس الجامعات مهام “التأديب ” لطالبات يرتدين سراويل الجنس، بأوامر غير رسمية..
ماذا نسمي ذلك ..
ماذا نسمي منع مهرجان بابل للفنون والموسيقى الذي كان عنواناً لهوية بابل لسنوات طويلة ..
ماذا نسمي الهجوم الغريب والمجنون على احتفالية غرب آسيا في ملعب كربلاء الدولي ، وحسناً فعلت المرجعية الدينية في النجف بالقام افواههم حجراً حين تجاوزت الموضوع في خطبة الجمعة ..
وأخيراً ، ويبدو ليس آخراً قرار إعلان شرطة محافظة الانبار، أن ارتداء ’’البرمودا’’ مخالف لقانون الآداب والاعراف العشائرية ،وأنها ستطبق القانون حرفياً ضد ظاهرة شاذة تخدش الحياء !
هل سمعتم بعرف عشائري يمنع ارتداء البرمودا ؟!
التبرير هو إن مرتدي البرمودا يتحرشون في النساء والفتيات ، وهكذا بعبقرية فكرية نكتشف ان المشكلة في البرمودا وليس في الرأس والثقافة التي انتجت مثل هذه الظواهر التي اشك بحصولها في مجتمع كالمجتمع الانباري !
ألم نقل داعش ليس بندقية فقط نسقطها من على أكتافهم.. فالكثير من الأكتاف بيننا تحمل ماهو أسوأ من داعش وإن لم يصدق أحد !!