23 ديسمبر، 2024 10:52 ص

داعش ليس العدو الأول.. ولا الأخير

داعش ليس العدو الأول.. ولا الأخير

مع كثرة المنغصات في حياتنا مازال دأب العراقيين هو التشبث بكل مايعطي رونقا وجمالا للحياة، إذ ينسل الى نفوس العراقيين من كوة الحزن مايفرحهم، بين لحن وأنشودة وأرجوزة تبعث في النفس الحماس، الأمر الذي يقرب البون بيننا وبين إحراز النصر في ظرفنا العصيب. فالأنباء اليوم ترجِّح كفة العراق الواحد الموحد رغم بعض الكبوات التي تنقلها لنا وسائل الإعلام، وقطعا كما نقول في مثلنا: (ماكو زور يخلى من الواوية) فـ (واوية) الإعلام الأصفر كثيرة في وقتنا هذا، وعلى الجميع توخي الحذر من الاستماع اليها، فأكثرها ينفخ في قربة منخورة، بهدف واضح لدى الجميع.
وقد يأتي الخبر أحيانا بحقيقة محزنة لكل عراقي شريف حريص على كل شبر من بلده، إلا أن بصيص الأمل معقود بهمة من وضعوا أنفسهم قربانا للسلام والحياة الحرة الكريمة، بما يضمن إخلاء أرض العراق من كل قدم دنستها من أقدام التكفيريين، سواء من داعش أم ممن يمت لهم بصلة من قريب او بعيد!، كالذين أتوا من الشيشان وأفغانستان وليبيا وتونس وباكستان، بشكل يذكرنا بمثلنا العراقي: (من كل زيج رگعة). ومن المؤكد أن قدوم نفر من هذي البقاع المترامية الأطراف، من غير المعقول ان يكون بنية صافية وهدف نبيل كما تروج له وسائل الإعلام المغرضة بأخبارها مدفوعة الثمن، فهم يجتمعون كالضباع المسعورة التي يعلو ضباحها على فريسة، هم لم يكونوا قادرين على التقرب منها، لولا الأنجاس من الخونة وبائعي الضمير والشرف، الذين كانوا لهم خير عون، من دون أن يعلموا ان بانتظارهم مصيرا بائسا لايشرف اي مخلوق سوي. والعد التنازلي قد بدأ بشكل مذهل منذ توحد صفوف العراقيين بشرائحهم على اختلفها، بكل فئاتهم وأديانهم وطوائفهم وقومياتهم، ووقوفهم بعزم وبأس لن يكونا أقل من بأس أجدادنا الذين خرجوا في ثورة العشرين، او ثورة مايس عام 1941 او الذين لم يناموا على ضيم وظلم من حاكم جائر، وكلنا يذكر الانتفاضات التي قام بها شعبنا في سنين الجور القمع، بعد أن بلغ السيل الزبى.
وكما يقول مثلنا؛ (أيام المزبن گضن تگضن يأيام اللف) كذلك يأتي اليوم الذي تنقضي فيه محنة العراقيين مع ما يواجههم في ظرفهم الحالي، إذ هي مواجهة شرسة غير متكافئة، ولا أقصد من وجه التكافؤ هو القدرات القتالية بين قواتنا وبين قوى داعش، حيث داعش يمثل واحدا من أعداء العراقيين وهو ليس أولهم، كما أنه لن يكون آخرهم حتما، بل قد يأتي اليوم الذي يضع العراقيون فيه داعش بمنزلة الأعداء متوسطي الضرر -إن صح تعبيري- ذلك أن هناك بين ظهرانينا من الأعداء مايفوق داعش ظلما، ويسبقه في الجهل والخسة ودناءة الخلق، وهم لسوء حظ العراقيين يتبوأون مناصب رفيعة، ومنها قيادية في صنع القرار وتشريعه وتنفيذه، وهم إن قبعوا في سدة الحكم واستمروا بالتحكم بمصائر العباد، فلا فرج في الأفق يراه العراقيون، ولا تقدما ينوب بلادهم، ولا استقرارا ينعمون به، ولا أمانا ولا أمنا ولا هم يفرحون.
[email protected]