23 ديسمبر، 2024 4:00 م

داعش ليست متطرفة وإنما كافرة

داعش ليست متطرفة وإنما كافرة

كنت إلى وقت قريب أتصور أن داعش منظمة إرهابية متطرفة  حالها حال أي تنظيم متشدد يتخذ من الشريعة الإسلامية  سلما لتعصبه لكن الذي تغير لديَّ عنها آلآن  إنها كافرة جاحدة تغطي نفسها بغطاء التطرف الإسلامي أو قل التشدد كما تسميه الجماعات السلفية . والذي جعلها ترتدي ثوب الإسلام هو انها تمثل الحد الاشد في التعامل مع مجريات المسلمين بإعتبارها إمتداد للقاعدة , والقاعدة كما هو معروف هي خلاصة مقولات الإخوان المسلمين مستندين على مذهب محمد بن عبد الوهاب وهذا الأخير المبرمج العملي لطروحات إبن تيميه , رافع لواء المذهب الحنبلي .
 قد يتصور أحد أن  أحد الأسباب التي دفعت كل هؤلاء وغيرهم لرسم خارطة متطرفة هو المذهب الجعفري , بإعتبار أن الضد يخلق الضد وأشد  لكن بقراءة متانية تجد أن المذهب الجعفري خارج هذه  الولادات المتشنجة لأننا نجدها تعيش  حالة الإفتراق مع المذاهب الأخرى كالشافعي والحنفي والمالكي , وهي المفروض الأقرب اليها طائفيا , لهذا نرى كل هذه المذاهب تكفّر القاعدة وامثالها , بل وتكفر التطرف السلفي لما فيه من الإبتعاد عن سماحة الإسلام وروحيته الإنسانية العالية .
في العام 1966  إلتقى شاب يافع بايمن الظواهري وكانا يومها طلاب طبية وشكل معه  أول خلية  لتنظيم الجهاد وبعد مقتل السادات كان من ضمن المطلوبين فهرب إلى بيشاور في باكستان ومنها التحق مع مجموعة طالبان وظل معهم للأعوام 1983- 1994 وتولى الأمارة الشرعية للتنظيم ,سافر بعدها إلى السودان ثم اليمن , وبعد أحداث سبتمبر كان من ضمن المطلوبين على قائمة الإرهابيين البارزين فسلمته السلطات اليمنية للسلطات المصرية
 في العام 1999 دخل السجن وحكم عليه بالمؤبد وكان المتعارف أن  أسمه  سيد إمام عبد العزيز في حين أن أسمه الحقيقي عبد القادر عبد العزيز ولقبه الدكتور فضل وهو من مواليد بني سويف في مصر, وظل سجينا لحين ثورة 25  يناير عام 2011  حيث تم  إطلاق سراحه.
 طوال مدة سجنه كان المفكر والمنظر لكل الحركات المتطرفة بل أن تنظيراته هي التي أوجدت القاعدة لذلك إعتمدت كل طروحاته بعد ان كتب لها العديد من الكتب لعل أخطرها كتاب “العمدة في إعداد العدة” , ويومها كان الإخوان في ضوء هذه الكتب يعلقون كلمة الإرهاب على صدورهم كصفة نضالية حتى أن مرشدهم الخامس مصطفى مشهور يقول : إن لفظ الإرهاب من ألفاظ القرآن , وهو عقيدة إسلامية خالصة , ليس هو فقط ولكن لفظ الرعب , فنحن لا ننتصر إلا بإلارهاب والرعب ويجب أن لا ننهزم نفسيا  إذا أُتهمنا بالإرهاب , نعم نحن أرهابيون .
 في هذا الكتاب البالغ 443 صفحة يستشهد بكل الآيات القرآنية  التي تحض على الجهاد والقتال  ويترك كل تسامح للقرآن حتى كأنك لا تجد شيئا في الإسلام فيه تسامح , بل ويذهب إلى بعض الآيات فيقتطعها حسب  ما يتوافق وصورة الحالة التي يريدها ,وكذلك مع الحديث ويبرر ذلك  لضرورات الإستشهاد به في مكان آخر , لهذا عندما بدأت طلائع طروحاته تأخذ طريقها للتطبيق وظهرت حركات متشددة تقتل بلا رحمة وتستخرج مبررات ذلك من طروحاته  شعر بالإثم من  نفسه فقد شرَّع  الباب لكل عنف إسلامي , وتكفيرا عن ذنبه دعا لوقف كل نشاطات الجهاد العنيفة والمسلحة في الغرب وفي الدول
 الإسلامية . معللا أن كتابه هذا كان موجه لشباب أفغانستان أثناء الحكم الشيوعي , أما أن يرفع السلاح بوجه الدول الإسلامية أو حتى الدول المسيحية فهذا كفر , لأن الدين الإسلامي دين رحمة وتعاطف , وأصدر وثيقة أسماها وثيقة ترشيد العمل الجهادي في مصر والعالم .
يقول في مقدمتها : أن السبب الذي دعاه لمراجعة أفكار تنظيم الجهاد هو إنتشار المخالفات الشرعية في ممارسات الجماعات الإسلامية … نظرا لما تعرضت له كتاباتي السابقة من أعمال لا إخلاقية من التحريف والتغيير والسطو  والغختصار المخل , فلا يجوز أن ينشر شيئا عن كتاباتي ألا بإذني وحسبنا الله وهو نعم الوكيل ) . لكن الظواهري ورجالات القاعدة لم يعجبهم ذلك فردوا عليه ووصل بهم الحد لإتهامه بالعمل مع المخابرات الأمريكية  وتمسكوا بمقولاته السابقة  لأنها تتوافق وتوجهم التكفيري  الجديد , ولم يكتف بهذا الكراس بل ظل يواصل تصحيح أفكاره ويتبرأ منها
 بإعتبار أنها تقود إلى القتل وتضييق دائرة الإسلام المتسامح . يقول في أحدى تصريحاته  : بعد تجارب كثيرة لي مع هذه الحركات أتضح لي بالدليل القاطع  أن هذه التنظيمات  لا تستمر ولا تنشأ إلا برعاية دولية . .. وهذه الحركات موظفة من قبل دول ) .
في الموضوع القادم قراءة في كتاب العمدة في إعداد العدة .إن شاء الله .