18 ديسمبر، 2024 8:43 م

داعش لعبة المحاور وحرق الأوراق، أزمة الحريري والفساد في السعودية

داعش لعبة المحاور وحرق الأوراق، أزمة الحريري والفساد في السعودية

سياسة المحاور ولعبة الأوراق رائجة هذه الأيام في السياسة الخارجية العالمية، إذ بدأت تمزق جسد الشرق الأوسط “المريض أصلا”، وإن أبدل جلده وأصبح جديداً حسب نظرية السمراء “رايس”، إلا أن سياسة المحاور التي أطلقها “بوش الابن” بقوله :”من لم يكن معنا فهو عدونا”، لا زالت هي المبدأ العام لهذه اللعبة.

تمر المنطقة هذه الأيام بلعبة جديدة، بدأت بالخفاء حينما زار الصهر “كوشنر” العاصمة الرياض قادما من العاصمة “تل أبيب”، وبعدها بيومين تم استدعاء الحريري وعائلته الى المملكة، ومن هناك ألقى خطاب الاستقالة القسرية، والذي أملي عليه حسب “الأسوشيتد برس”.

هذا السيناريو تزامن مع إنشاء لجنة لمكافحة الفساد، يرأسها الأمير محمد بن سلمان، جاءت ثمارها بعد ساعتين باعتقال عشرات الأمراء والوزراء السابقين، وإقالة متعب بن الملك عبدالله رئيس الحرس الوطني ومقتل الأمير منصور بن مقرن بتحطم طائرته “مصادفة” مع هذه الأحداث…!

المعتقلون بتهم “الفساد”وصل عددهم إلى أكثر من 200 شخص، وأثرياء آخرون في السعودية نقلوا أصولهم المالية إلى الخارج، خوفا من الاعتقال حسب وكالة “بلومبيرك” الإعلامية، كل هؤلاء تهمتهم الفساد، بينما ولي العهد محمد بن سلمان أشترى يختا ب 550 م.د، وسعره لا يتجاوز 350 م.د، وهذا ما يجعل البعض يشكك؛ ويرمي إلى أن الاعتقالات جاءت لأهداف أخرى مختلفة تماما عن المعلن، قد يكون الكرسي العقيم واحد منها، أو أن لعبة المؤامرة والانقلاب هدفها الأساس.

العامل الداخلي للمملكة حاسم ومهم في هذه الأحداث، نظراً لطريقة الحكم المتوارثة، فهذا الحدث تاريخي وستكون له تبعات تاريخية، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار نظرية ما بعد الشيوخ، التي تنبأ بها وحبك تفاصيلها الكاتب “كريستوفر ديفيدسون”، ومعروف عن الانكليز أنهم لا ينطقون إلا عن تعليمات ومعلومات إستراتيجية ومن عمق الداخل السعودي.

مثلا وزارة الحرس الوطني، تتكون من قبائل شمر “وهم أخوال الملك عبداللة وأخوال الأمير المقال متعب”، بالإضافة إلى قبائل المطيري والعتيبي، فهذه الوزارة تعتبر العمود الفقري للقوات المسلحة السعودية، والعبث بها يعني رسم نهاية سريعة للأحداث الجارية، فيما لو لاحظنا العجلة التي يتعامل بها “ولي العهد والملك القادم” مع هذه الأحداث المتصارعة والمتسارعة.

كذلك حاشية البلاط الملكي “الشبابية”، تتكون من “السلمانيون” الجدد وهم الإخوة الكبار فيصل وعبداللة، والأشقاء الصغار خالد (29 سنة) وتركي (26سنة)، بالإضافة الى المستشار الأمني أحمد العسيري والمستشار الإعلامي للملك ومدير قناة العربية تركي الدخيل، ومسعود القحطاني وياسر الرميان واحمد عقيل الحطيب كمستشارون في مجالات أخرى.

لعبة المحاور دخلتها المملكة مرغمة ًبالضد من إيران، فدعمت إسقاط النظام في سوريا ولم يسقط، وضربت الحوثيين لمدة عامين متتاليين ولم تنل إلا من الأطفال والمدنيين، وبواسطة الكوليرا والجوع وقتل الأطفال بصواريخ الطائرات، حسب “هيومن رايتس ووتش”، وحاصرت قطر ولم تؤثر كثيرا فيها، وتدخلت في البحرين وخسرت فيها المليارات، والآن تنجر للعب بأخطر ورقة إقليمية وهي لبنان.

وكالة “رويترز” للأنباء، توافقت مع حسن نصرالله الذي قال :”إن الرئيس الحريري أجبر على استقالة مليت عليه بأدبيات سعودية، وهو تحت الإقامة الجبرية”، بينما صرح عادل الجبير :”نريد أن ننقذ الشعب اللبناني بهذه الإجراءات”، أعقبه “تيليرسون” فقال :”نحذر من إشعال حرب بالوكالة في لبنان”.

“السعودية تفتح حرباً جديدة ضد إيران وتريد من إسرائيل أن تقوم بالإعمال القذرة بدلا عنها”، هذا ما جاء بصحيفة “هاريتس” الإسرائيلية ونشرته “بالبوند” العريض، بينما جاءت قنبلة الرئيس اللبناني أميل لحود مفاجأة للجميع فقال: إن الرئيس الحريري محتجز في السعودية وعائلته تُفًتش عند الدخول والخروج وهذا مخالف لمعاهدة فيينا”.

حرق الأوراق ولعبة المحاور لعبة أمريكية بإمتيار، نفذتها السعودية بالزمان الخطأ “لعبة الفساد الداخلية” وفي المكان الخطأ “لبنان”، الغرض من هذه اللعبة التخلص من ورقة الحريري، لأنه “نأى بنفسه” عن تدخلات حزب الله في أزمات الشرق الأوسط، وهي شبيهة بورقة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، المحتجز في الرياض منذ 9 أشهر، بسبب خلاف محوري مع الإمارات.

اللافت للنظر أن “محرقة” إيران نظيفة دائماً، ولم تضع فيها أي ورقة سياسية مهما كانت عقيمة وعديمة الفائدة، بينما أمريكا أحرقت دول ورؤساء وعملاء كإيران الشاه وصدام حسين وحسني مبارك، مما يجدر بنا القول: (خاصة بعد تصريحات الرئيس الفرنسي “ماكرون” بتأمين الإقامة للرئيس الحريري وعائلته) أن السعودية إسوةً بأمريكا انتهجت عمل المحاور وحرق الأوراق، إذا أبقت على احتجاز الحريري، أو نجحت في تنحيته عن منصبه