23 ديسمبر، 2024 10:43 ص

داعش في بغداد ؟!!

داعش في بغداد ؟!!

ليس غريباً هذا الامر في ظل الانهيار الامني الكارثي والخطير على مستقبل العراق أرضاً وشعباً ، والذي يهدد العملية السياسية والمشروع الوطني الفتي ، الذي ذهبت من اجله أرواح الآلاف من الشهداء ، ويذبح الشعب يومياً من اجل غدٍ مشرق لأبناءنا .

ما حصل من انهيار أمني في الانبار كان مقدمة حتمية لانهيار اخر في مكان اخر ،

خصوصاً في ظل التقارير اليومية التي تكشف تشتت القوات الأمنية في دحرها الارهاب الأسود ودخول الفلوجة التي كانت محمية وبيئة مناسبة للإرهابيين وخصوصاً ” داعش ” الذين هم مجموعة من القتلة وقطاع الطرق ، وإرهابي القاعدة الذين كانوا يقاتلون في سوريا ، الى جانب الإرهابيين العرب والأفغان ، والشيشانيين ، وغيرهم من عصابات متمرسة على القتال في الجبال او الاراضي الصعبة ، ومن ثم تفاجئنا بانهيار أمني كان خطيراً وصعباً في نفس الوقت ، وهو سقوط سامراء واحتلالها من قبل زمر القاعدة في فترة قياسية تتجاوز ثلاث ساعات ؟!!

هنا نتساءل ، ماهو السر في سقوط سامراء بهذه السرعة ،وعدم سقوط الفلوجة الى حد اليوم ،بالرغم من مرور اكثر من سنة على احداث الانبار ، وما تلاها من فض ساحات الاعتصام والقبض على العلواني ، وما تلاها من احداث ودخول الجيش والشرطة ومحاصرة الفلوجة ؟!

بحسب التقارير الحكومية التي توكد تحرير سامراء بالكامل ، في حين ان الكثير من التقارير توكد ان ما نسبته ٨٠٪ ما زال تحت سيطرة القوى الإرهابية ، وفقط ما حول الضريح المقدس للعسكريين (ع)  هما تحت سيطرة القوات الأمنية والقوى المتعاونة معهم .

الانهيار الامني الخطير جداً هو سقوط ثاني اكبر مدينه عراقية في ضحى النهار الا وهي مدينه الموصل ،، والتي يتراوح عدد سكانها اكثر من مليوني نسمة ، وتحدها كرستان شمالا ، وكركوك شرقا ، وديالى وصلاح جنوبا.

هذا الانهيار عكس وضعاً أمنيا خطيراً في العراق ، بل يمكن ان ينذر بكارثة في حال اشتعلت بعض مناطق العاصمة بغداد ، خصوصا تلك المناطق المتأزمة ، والتي تشهد بين الفينة والأخرى الاشتباكات وانعدام الأمن بها .

سيطرت القوى الظلامية والإرهابية على مدينة الموصل ،، في حين انهارت المؤسسات الأمنية بشكل كامل ، وهروب القيادات الأمنية الى بغداد جواً ، في حين هرب البعض منهم الى كردستان بسيارات رباعية الدفع من غير حماية تذكر ، في الوقت نفسه فر أفراد الجيش العراقي  والقوى الأمنية الاخرى ، فمنهم من ذهب الى كردستان ، ومنهم من دخل الى كركوك ، ومنهم من تم حمايته في منازل الموصلين .

لست أبالغ ان قلت ان هذا الانهيار الخطير ينذر بحرب خطيرة ليست على الساحة الموصلية وحسب ، بل قد تمتد حتى حدود بغداد ، خصوصاً مع التقدم السريع في حركة الإرهابيين من جهة ، وسقوط المدن والقرى من جهة اخرى .

في مقابل ذلك نجد التشتت الواضح في الخطاب الحكومي ، وعدم القدرة على التعاطي مع الواقع المأساوي ، فأول قرار هو دعوة مجلس النواب الى هيكلة الجيش العراقي !! ، وطرد القادة الذين يثبت تورطهم وعلاقاتهم مع الارهاب ؟! ، وإعلان حالة التأهب القصوى في المحافظات المتأزمة ، ودعوة الفرقة الذهبية للدخول الى الموصل ، وتحريرها من الإرهابيين والدواعش .

طيب….. اين كانت الحكومة من القادة الفاسدين ، وهي تعلمهم جيدا ، وتعلم علاقتهم مع الارهاب ، خصوصاً وان اغلبهم كان من أزلام النظام البائد ، ومن فدائيي صدام ، وممن شارك بقتل الشعب العراقي إبان الانتفاضة الشعبانية عام ١٩٩١.

لماذا يتم الاعتماد على قتلة الشعب العراقي ، ورجال البعث ، وهناك الكثير من ابناء الشعب العراقي المخلص الذين ضُيق عليهم ، واُحيلوا على التقاعد ولأسباب سياسية بحتة .

اليوم العراق امام مفترقاً خطير للغاية ، فأما ان نصحو صباحاً لنرى الإرهابيون يجوبون شوارع بغداد ، وربما تعيدنا الذاكرة مرة ثانية الى احداث عام ٢٠٠٥ او نقع فريسة الحرب الطائفية من جديد ، لهذا تقع المسؤولية التاريخية والشرعية و الوطنية على التحالف الوطني ، الذي يعتبر المظلة والحاكم في العراق ، والسعي في ان يكون له دورا بارزا ، وصوتا قويا في هذه المواقف ، والتي نحتاج فيها الى موقف وطني ، وضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة وإيجاد حالة حقيقة من التغيير الجدي لا الشكلي ، وبناء المؤسسة الأمنية والعسكرية على اسس مهنية صحيحة ،بعيدا عن الولاءات الحزبية ، واستغلال المواقف والشخوص الضعفاء من أجل غايات حزبية ضيقة .

واعادة النظر في القيادات الأمنية ، وقيادات الجيش يجب ان تكون من أولويات الحكومة القادمة ، والسعي من اجل بناء الجيش العراقي على اسس وطنية ومهنية ، مع ضرورة محاسبة المقصرين ، وتفعيل دور اجتثاث البعثيين الذين ثبت تورطهم في اعمال ارهابية او مساندة الإرهابيين بصورة مباشرة او غير مباشرة ، وتفعيل الجهد الاستخباري وضرب الحواضن الإرهابية في عموم محافظات البلاد ، والنهوض بالواقع الخدمي والصحي للمدن المنكوبة ، وإصلاح ما دمره الارهاب والعمليات المسلحة ، وتعويض المتضررين وإعادتهم الى منازلهم ، والنظر الى الشعب العراقي  كونهم شعبا واحداً بغض النظر عن انتمائهم الديني والمذهبي والقومي ، والسعي بجدية من اجل حل الأزمات التي عصفت بالبلاد ونتائجها التي نراها اليوم في الإخفاق الامني الخطير في الموصل ، والذي يبدو انه سيمتد ليشمل صلاح الدين جنوبا ، والزحف نحو بغداد .