23 ديسمبر، 2024 12:47 ص

“داعش” في العراق على خطى “طالبان” في افغانستان

“داعش” في العراق على خطى “طالبان” في افغانستان

لاتوجد ارقام ومعطيات واضحة ومحددة حول عدد المراقد والاضرحة واماكن العبادة الدينية التي تعرضت للتدمير والتخريب على ايدي تنظيم مايسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام(داعش)، وكذلك لاتوجد ارقام ومعطيات واضحة ومحددة عن عدد الذين تم قتلهم وتهجيرهم وتشريدهم ونهب ممتلكاتهم من المسلمين (شيعة وسنة)، والمسيحيين، والعرب والتركمان والاكراد والشبك.

   بيد ان الحقائق الماثلة على ارض الواقع تؤكد بما لايقبل الشك، ان تلك الارقام والمعطيات كبيرة جدا بالقياس الى الفترة الزمنية القصيرة لعمر الازمة التي انطلقت شرارتها من محافظة نينوى قبل خمسين واربعين يوما بالضبط، اي قبل حوالي سبعة اسابيع.

 

ثلاثون والبقية تأتي!

    وتشير تقارير اصدرتها منظمات غير حكومية ، الى ان تنظيم ما يسمى بالدولة الاسلامية في العراق والشام(داعش) دمر حتى الان اكثر من ثلاثين مرقدا وضريحا ومسجدا في محافظتي نينوى وكركوك.

   ومن بين التقارير التي صدرت بهذا الشأن، تقرير لمنظمة الحمة الشعبية الوطنية لادراج تفجيرات العراق على لائحة جرائم الابادة الجماعية(حشد)، والذي قالت فيه “ان التنظيمات الإرهابية ومنذ سيطرتها على مدينة الموصل شمالي العراق وأجزاء من محافظة كركوك أقدمت على هدم عدد كبير من المزارات والمراقد الدينية والأثرية والمهمة والتي يعود تاريخ بعضها إلى مئات السنيين وتحظى بقدسية واحترام كافة مكونات الشعب العراقي، وان عدد المراقد والمزارت والمساجد التي تم تفجيرها وهدمها حتى الان هو أكثر من ثلاثين مرقداً ومزاراً ومسجداً على الأقل كان أبرزها قبور الأنبياء يونس وشيت وجرجيس ودانيال”،

  وترى المنظمة المذكورة في تقريرها “ان تلك الجماعات الهمجية مارست حملة ابادة بحق المراقد والمزارات الدينية والتاريخية ولم تراعي الاهمية التاريخية والحضارية لتلك المراقد والمزارات المساجد”،

   ففضلا عن تفجير مراقد النبي يونس والنبي شيت والنبي جرجيس، تم-على سبيل المثال لا الحصر-تدمير مرقد علي الاصغر نجل الامام الحسن عليهما السلام، ومرقد الإمام السلطان عبد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ومقام الامام العباس، وكنيسة مريم العذراء عليها السلام، وغيرها.

    والاخطر من ذلك توجد مؤشرات على ان “داعش” تسعى الى هدم وتدمير كل المراقد والاضرحة والمساجد والحسينيات والكنائس والمعالم الاثرية في المناطق التي تخضع لسيطرتها.

  وتكشف مصادر امنية في نينوى عن تخطيط تنظيم داعش تفجير اكثر من خمسين مرقدا وضريحا ومزارا ومعلما اثريا، من بينها مرقد النبي ادريس، والمنارة الحدباء، والجامع الكبير، ومسجد الائمة التسعة، وجامع الباشا. 

   ويؤكد رئيس مجلس إسناد ام الربيعين زهير الجلبي، “عزم مسلحي تنظيم “داعش” تفجير المنارة الحدباء والجامع الكبير وسط مدينة الموصل”، مبينا أن جمعا من الأهالي تحصنوا داخل الجامع لمنع التفجير.

   وحينما نضيف الى هذا التدمير والتخريب الهمجي للمراقد والاضرحة والمزارات الدينية، والمعالم التراثية التأريخية، الاعداد الهائلة من النازحين والمشردين والشهداء من المسيحيين والتركمان والشيعة والشبك والاكراد، فأننا سنكون امام صورة سوداوية قاتمة تكشف حقيقة تنظيم داعش الاجرامية وبعده عن كل القيم والمباديء الدينية والانسانية والاخلاقية والحضارية، ولعل تلك الصورة السوداوية القاتمة تذكر بالصورة التي تشكلت في افغانستان قبل حوالي اربعة عشر عاما، حينما سيطرت حركة طالبان المتطرفة على مقاليد الامور في هذا البلد لمدة عام تقريبا.

   وليس غريبا ان تتشابه السلوكيات والممارسات الاجرامية الدموية لحركة طالبان ولتنظيم داعش، وتنظيمات مماثلة في بلدان اخرى، لان الاسس والخلفيات والمنطلقات والبيئات الفكرية هي واحدة، ناهيك عن مصادر الدعم والتمويل والتحريض والتوجيه. 

 

لابد من تدخل اممي سريع

   ورغم المواقف الاقليمية والدولية الرافضة لممارسات تنظيم داعشن الا ان تلك المواقف لم ترتق الى مستوى الجرائم المرتكبة، ولم تترجم الى اجراءات وخطوات عملية من شأنها ان تضع حدا لتلك الجرائم، في ذات الوقت الذي تساهم فيه بالتخفيف من المعاناة الانسانية الاليمة للاعداد الهائلة من النازحين والمشردين.  

   وطبيعي ان الاصوات التي اخذت ترتفع من هنا وهناك مطالبة بتكاتف وتعاون المجتمع الدولي، لاسيما الاطراف النافذة والمؤثرة فيهبة بتكاتف وتعاون المجتمع الدولي، لاسيما الاطراف النافذة والمؤثرة فيه، تعكس خطورة وحساسية المشهد المأساوي الذي رسمه تنظيم داعش في العراق، والذي يعد مكملا للمشهد المأساوي في سوريا.

   ولعل ما يحتم على المجتمع الدولي التدخل السريع والفوري والجاد، هو ان تنظيم داعش يخطط لتوسيع مساحات نفوذه وهيمنته الى بلدان اخرى مجاورة للعراق او قريبة منه، فضلا عن الوصول الى مساحات ابعد في اوربا واسيا وافريقيا واميركا واستراليا. وكذلك فأن ما يتعرض للتدمير والتخريب على ايدي داعش، يعد جزءا من التراث العالمي بأعتباره مسجلا لدى منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والفنون والاداب (يونيسكو).

   ولاشك ان اليونيسكو تتحمل مسؤولية كبرى في هذا الجانب، من هنا برزت مطالبات واضحة لها للتحرك الجاد والسريع لايقاف حملات داعش التدميرية.

   ومايدفع الى القلق الكبير هو ان تنظيم داعش يعلن صراحة ان احد اولوياته هي هدم وتخريب المراقد والمزارات والاضرحة والمعالم الدينية والاثرية ، بأعتبار انها بدعة  وضلالة، وهذا مايجعلنا نتوقع هدم وتخريب المزيد من تلك الاماكن في حال تمكن ارهابيو داعش من الوصول اليها في اي مكان.
[email protected]