15 نوفمبر، 2024 12:28 م
Search
Close this search box.

داعش فرصة وقصة

ماذا يجري في العراق، هل هو صراع عقائدي؟ أو نزاع سلطوي؟ أو تقاطع إرادات؟ نعم كل أنواع الصراعات موجودة، وصراع يطغي على الآخر، لكن ما يبدوا ساذجا هو من لا يفهم اللعبة، لحد الآن من الشيعة والسنة.

لعل ما يجري أوله، صراع إرادات دولية واقليمة، الحرب الباردة بين إيران وأمريكا، بدأت تسخن شيئا فشيء، إيران سياستها لا تختلف عن أمريكا، وكلاهما يتعاملان برغماتيا!

الاثنين يبحثان عن نتائج، وفرض أرادات في ساحات ابعد من أوساطهم الداخلية، وربما أمريكا نجحت بإيصال المعركة، بالقرب من الشريط الحدودي الإيراني، واستطاعت أن تستنزف إيران بشكل مباشر؛ من خلال استهلاك ترسانتها العسكرية والمالية، في كل من العراق وسوريا، وحتى لبنان.

باتت إيران في خطر حقيقي، من تمدد أمريكا لساحات نفوذها، أمريكا قد تكون المنتصر الأكثر، في هذه التشابكية الحاصلة؛ لأنها لا تقاتل بشكل مباشر، وتستعمل أدواتها وخارج مساحات نفوذها.

من يتوقع أن حربا عسكرية، ستحدث بين أمريكا وإيران، فهو ساذج ومتوهم! فكلا الطرفان مستفيدان بشكل مباشر من العداء في ما بينهما، أمريكا، جعلت إيران عدوا افتراضيا لدول الخليج، وإسرائيل، وأستحصلت جراء ذلك على هيمنة كبيرة على الشرق الأوسط، بواسطة إخافة الآخرين بذلك العدو الافتراضي.. كما أن إيران، مستفيدة في عدائها لأمريكا وإسرائيل، وربما من المحال أن تبادر إيران، بشن حربا، على إسرائيل، أو دول خليج، أو أي مصالح أمريكية.

إيران، أيضا واجهت تحدياتها الداخلية، بجعل عدو لشعبها، يخشى منه، ويهدد مقدساتها العقائدية والقومية، أن ظاهرية الصراع واضحة، ويحتاج لعقال من سياسيين العراق، يملكون عقل وحكمة السيستاني الذي هو أكثر الواعين، لخفايا الأمور، ويعرف جيدا أن إيران وظفت فتواه في الجهاد، ضد “داعش” توظيفا سياسيا، بشكل كبير، و دورها الذي ينظر له ايجابيا أيضا، فيه كثير من الاستفهام.

إن ما يدعو للقلق، ربما يكمن في الشارع السني، بماهية مشروعه ومن يمثله، ومن يحركه، سلبا وإيجابا، فهل سيبقى الشارع السني حطب لنار ليس له فائدة منها؟ أن سيطرة “داعش” على العقل الجمعي السني، يمثل خطرا واقعيا على وحدة العراق، وان عدم أيمان السنة بالعملية السياسية، وحكم الأغلبية يجب أن ينتهي.. فإذا استمر ذلك العصيان، فمن سينتهي هو السنة أنفسهم.

يعد الشيعة اليوم ليس قوة سياسيه فقط، فقوتهم العسكرية، واحترافهم التنظيمي العالي، في القتال جعلتهم، قوة لا يمكن قهرها.

قد تختلط الأوراق، وتتقاطع المشاريع ويستنزف الشعب العراقي أكثر من ذلك، لكن ما يعول عليه هو الصحوة السياسية؛ لدى النخبة، وضرورة إنضاج مشروع وطني حقيقي، يقوده العقلاء والحكماء من الشيعة والسنة، ولعل البعض سيعمل على تفتيت القوى، وإدامة الصراع، ليكون الجميع أمام خيار الفوضى والدماء. هناك ثلاث مشاريع تلوح في الأفق، لا يمكن الابتعاد عنها أو الهروب منها:- “الأول” إبقاء الحرب قائمة وطويلة، ليستنزف الجميع فيها، ولتبقى الدولة محطة صراع ونفوذ دولي.

“الثاني” التقسيم وفرض أمر الواقع، وعزل السنة في محافظات بائسة فقيرة، لتبقى ساحتهم مقرا للمتطرفين والقتلة.

“الثالث” هو استثمار التحدي، إلى رص الصفوف، وتشكيل قوة سياسية حقيقية، بين خمسة لا سادس لهم ” البرزاني ، الحكيم ، الصدر، العبادي، الجبوري” بما يمتلكوه من تأثير سياسي واجتماعي وإقليمي ودولي، وسهولة التفاهم في ما بينهم، فإذا قرروا وحدة العراق وفرض هيبة القانون، والتجرد من الأحقاد، وتعزيز الثقة، والاتفاق على مشروع محدد وواضح؛ حينها سينجو العراق.

ستكون الأيام القادمة، حاسمة وفاصلة في تاريخ العراق المعاصر، وربما سيخسر في آخر المعركة، ليس فقط “داعش” ، بل ألعبادي أيضا مهدد بالخسارة، وفقدان الثقة؛ لأنه بدأ يفكر بعقل المالكي! ورجع فريق المالكي السيئ الصيت، يسيطر عليه وتخويفه وإبعاده عن شركائه، ولا احد ينفع

ألعبادي، سوى الحكيم والصدر وإذا فقدوا الثقة به؛ سيعرض نفسه للسهام، ما يمكن أن يكون هو في تحكيم العقول والمعقول، وتقديم المصالح العامة على الخاصة.

ولا ننسى أن إيران وأمريكا كلاهما لا يريدان عراق قوي موحد مستقر، فهل سيتعض ساسة العراق أم يبقون أسرى لمشاريع خارجية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات