ان المتتبع لحقيقة الدين الاسلامي يجده يستند على قاعدتين اساسيتين هما الكتاب المقدس والمقصود به القرأن الكريم والسنة النبوية وهي الاحاديث والافعال التي تصدر عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهاذين الامرين مرتبطان ببعضهما البعض غير قابلتين للافتراق كون ان القران الكريم هو كلام الله عز وجل نزل على النبي وهو اعلم بتاويله وتفسيره للناس وما يعزز هذا الاتجاه هو حديث الرسول محمد المروي عنه ((عن زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ــ (( …..وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ … ثُمَّ قَالَ وَأَهْلُ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي )) اذن هناك تاويل وتفسير للقرأن واحاديث وافعال صدرت من النبي محمد نقلها كتاب الحديث في كتبهم بغض النظر من صحة الحديث من عدمه ،ومن اهمها صحيح مسلم وصحيح البخاري وابن تيمية وغيرهم ،، والتي استندت عليها المذاهب الاربعة في اغلب ما جاء فيها واغفال بعضها مما ادى الى ظهور التيارات السلفية والوهابية ، والذين اعتبرو ان اصحاب المذاهب الاربعة لم يطبقو الدين الاسلامي الحنيف على حقيقته كما هو موجود في روايات مسلم والبخاري وابن تيمية وغيرهم من روات الحديث ، وهذا بحد ذاته يعتبر ضلالة كون الدين الاسلامي في اساسه اعتمد على التفريق بين الحق والباطل ولا مكان للمجاملة على حساب الدين وكما جاء في الحديث النبوي ((الساكت عن الحق شيطان اخرس ))ومن هذا المنطلق تتضح الاسباب التي جعلت اصحاب التيار السلفي التكفيري الى انتهاج السبل التي يعتبرونها تطبيقا للدين الاسلامي الصحيح وهم معتمدين على تفسير الايات القرأنية والاحاديث النبوية التي نقلها مسلم والبخاري وافتى على اساسها شيخ الاسلام ابن تيميةوغيرهم ، ومن هذه الاقوال والافعال نراها تتجسد على ارض الواقع في تصرفات تلك التيارات السلفية والوهابية المتمثلة في تنظيم القاعدة وداعش وغيرها من الجماعات وما تفعله في الموصل وفي سوريا وفي افغانستان وفي نيجيرياوفي الكثير من بقاع الارض من اعمال وحشية ينسبونها الى الاسلام مستندين على روايات الصحاح وفتاوي شيوخهم وماهم الا اداة لتطبيق الشريعة الاسلامية بصفتهم الفرقة الناجية التي جائت لتطبيق تعاليم الدين الاسلامي وفق ما جاء فيها ، وعند النظر الى هذه الاعمال الوحشية بتمعن نجدها لم تاتي من فراغ فعلى سبيل المثال والامثلة والشواهد كثيرة ما جاء في باب تكفير الشيعة ( الروافض ) ففي قول البخاري في تكفيرهم ((ماابالي صليت خلف الجهيمي والرافضي ام صليت خلف اليهودوالنصارى ،لايسلم عليهم ولايعادون ولايتناكحون ولايشهدون ولاتؤكل ذبائحهم )) في كتاب خلق افعال العباد ص١٢٥ . او ما جاء في باب عدم جواز بناء القبور ومن هذه الروايات حديث ((جَابِرٍ _رضي الله عنه_ قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ) رواه مسلم. وتجصيص القبور: تبييضها بالجصّ، وهو الجير.
وعَن عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ _رَضيَ اللهُ عنهما_ قَالَا: (لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا) رواه البخاريي وما جاء في صحيح مسلم في باب ختان النساء (( حديث عائشة رضي الله عنها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا جلس بين شعبها الأربع ، ومَسّ الختانُ الختانَ ، فقد وجب الغسل ” وما جاء في مجموع فتاوي ابن تيمية في باب قتل المرتدين االذين خالفوهم ((وطائفة كانت مسلمة فارتدت عن الإسلام وانقلبت على عقبيها : من العرب والفرس والروم وغيرهم . وهؤلاء أعظم جرما عند الله [ ص: 414 ] وعند رسوله والمؤمنين من الكافر الأصلي من وجوه كثيرة . فإن هؤلاء يجب قتلهم حتما ما لم يرجعوا إلى ما خرجوا عنه لا يجوز أن يعقد لهم ذمة ولا هدنة ولا أمان ولا يطلق أسيرهم ولا يفادى بمال ولا رجال ولا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم ولا يسترقون ; مع بقائهم على الردة بالاتفاق . ويقتل من قاتل منهم ومن لم يقاتل ; كالشيخ الهرم والأعمى والزمن باتفاق العلماء . وكذا نساؤهم عند الجمهور .
وبعد كل هذه الحقائق يتضح الامر جليا بان هؤلاء ضحية لروايات واحاديث وفتاوي محرفة لا اساس لها في الاسلام ولا مكان لها في العقل والمنطق اريد منها تشويه الدين الاسلامي وللاسف مر عليها المحققين من المذاهب الاربعة من دون ان يضعوها تحت المجهر واخضاعها الى الدليل العلمي خوفا من الطعن بروات الحديث متناسين انها منسوبة الى الدين الاسلامي الحنيف والى رسول الرحمة والنتائج ما يحصل اليوم في العالم من صور بشعة عن الاسلام ، ولا يمكن ان تتوقف مادام هناك فكر خاطى بني على اسس محرفة فعلاجه لايكون من خلال القوة بل يكون من خلال الفكر وتوجه علما الطائفة السنية الى فتح كتب الصحاح والاجماع على عدم صحة تلك الاحاديث الموضوعة والاعتماد على الاحاديث المتواترة والمروية لجمهور المسلمين وتشجيع حوار الاديان وايجاد المشتركات بين المذاهب والطوائف والاديان الاخرى ،ونختم بوصية امير المؤمنين على بن ابي طالب لواليه على مصر مالك الاشتر (ان الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).