23 ديسمبر، 2024 6:27 ص

داعش صنيعة الإرث الإسلامي المنحرف

داعش صنيعة الإرث الإسلامي المنحرف

الرجوع إلى الماضي، يساعدنا في فهم الحاضر، فما يحصل اليوم من فتن وتكفير، لبعض المسلمين وقتلهم، بإسم الدين الإسلامي، لم يأت من فراغ؛ بل له جذور تاريخية قديمة.
ثمة رأي شائع لدى المهتمين، بالشأن السياسي وحتى من عامة الناس، أن داعش هي صنيعة أمريكا، ولهذا الرأي ما يبرره، ولسنا بصدد نفي أو إثبات هذا الرأي، وأقول أن داعش وأشباهها، ظهرت قبل ظهور الولايات المتحدة الأمريكية، أي بعد وفاة الرسول(عليه وعلى آله الصلاة والسلام).
 تشكلت الخلافة الإسلاميه، بعد تنحية وصي الرسول، علي(عليه السلام) حتى وصلت زعامتها، إلى معاوية وإبنه يزيد عليهما اللعنة، فنصب نفسه خليفة للمسلمين، وحكم على كل من لا يبايعه، بالقتل والتنكيل كما فعل بالإمام الحسين(عليهالسلام) وبرروا فعلتهم الشنيعة دينيا، حين قالوا أن الحسين(عليه السلام) كان باغيا، على إمام زمانه يزيد وهكذا إستمرت الخلافة الإسلامية، في عهد الأمويين والعباسيين، بالقتل والتنكيل بآل البيت وذريتهم وأتباعهم.
إن التطرف الديني والتكفير، هو حصيلة إنحراف المسلمون، عن القرآن والسنة الصحيحة، إذ تعرض التاريخ الإسلامي والسنة النبوية، إلى حملة تزوير وتدليس كبرى، ولو كان بمقدورهم، تحريف القرآن الكريم لحرفوه ؛ولكن ذلك الكتاب قد تعهد، الباري عز وجل بحفظه(إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)على خلاف بقية الكتب السماوية، التي حرفت كالتوراة والإنجيل؛ لكن وعاض السلاطين، عمدوا إلى تأويله إبتغاء الفتنة، وقد نجحوا في هذا المسعى، بعد أن أقنعوا فئة كبيرة، من المسلمين بآرائهم المنحرفة.
تزايد الشد الطائفي، بعد سقوط الطاغية صدام، وتغيير المعادلة الظالمة، التي حكمت العراق لمئات من السنين، بعد أن أخذ الأكثرية والأقلية، حقوقهم في الحكم، فلم يرق هذا النظام الجديد، لكثير من الدول العربية المستبدة، التي سهلت وتساهلت مع المتطرفين، في العبث في العراق، وقتل آلآف العراقيين منذ (2003) وإلى يومنا؛ لإفشال تلك التجربة الجديدة، على المنطقة العربية، وإرجاع المعادلة السابقة في الحكم.
لم تنصت تلك الدول لتحذيرات العراقيين، بأن هذا الأمر الخطير، يمثل لعبا بالنار، وأنهم يسحترقوا يوما، بتلك النار التي أوقدوها، فالأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة العربية، في السعودية والكويت وتونس ومصر، أكدت ذلك الرأي، بأن أحد لن يكون بمأمن، من الإرهاب الأعمى، وأن لهيب نيراهم بدأت تصل إليهم، فالخطر ليس في إيران أو في التشيع؛ بل من داخلهم، كما عبر عن هذا المعنى الرئيس أوباما.
بعد أن وقع المحذور وما كنا نتوقعه، فما تلك الأحداث إلا بداية، فإن لم تتعاون تلك الدول، مع العراق وإيرن وسوريا، وتشكل حلفا مشتركا؛ لمحاربة الإرهاب فكريا وعسكريا، ستكون الأوضاع في تلك الدول، أسوأ مما في العراق، الذي يمتلك مقومات النصر على الأعداء، غير متوفرة في غيره من الدول.