لايمکن التصور بأن تنظيم الدولة الاسلامية(داعش)، سيبقى على حاله هذا لفترة طويلة، خصوصا بعد أن إنتقل في کثير من المناطق في العراق من مرحلة الهجوم الى الدفاع و التقهقر، ولم يعد بوسعه تحقيق نتائج کالتي کان يحققها سابقا بإستيلائه المفاجئ على مدن او مساحات شاسعة بل بات يتراجع الى مرحلة تشبه الانطواء و التقوقع النسبي.
داعش الذي هو اساسا حاصل تحصيل مجموعة من الاجندات و المصالح السياسية المختلفة في المنطقة، يراد به الترتيب لتنفيذ أکثر من مخطط و مشروع سياسي، وليس بغريب أن تکون هناك آراء و وجهات نظر عديدة تتفق على أن هناك أکثر من طرف يشترك في مغامرة داعش الارهابية، لکن من الواضح و المؤکد أن المستفيد والرابح واللاعب الاوفر حظا لحد الان هو النظام الايراني الذي يلعب على أکثر من جبهة و بأکثر من إتجاه.
الميليشيات الشيعية التابعة و الموجهة من قبل طهران و التي تشکل العمود الفقري لقوات الحشد الشعبي، تشکل القوة الضاربة ضد داعش وفي نفس الوقت ماکنة التغيير الديموغرافي الموجهة ضد المدن و المناطق ذات الاغلبية السنية، ويبدو ان الاستراتيجية الجديدة التي تبناها النظام الايراني تقوم ليس فقط على ضرب التنظيمات السنية المتطرفة و القضاء عليها فقط وانما أيضا السعي من أجل تجفيف مصادرها”البشرية المفترضة”، وترويع سکانها و تحجيمهم و محاصرتهم بمختلف الاساليب المتاحة، ولأن هناك الکثير من التداخل و التضارب في هذه الاستراتيجية وتحتوي على توجهات بالغة الخبث و الشبهة، ولذلك فإنه من العادي أن تحذر منها العشائر السنية العراقية و تعتبرها خطرا و تهديدا مشابها لداعش، رغم اننا نميل الى إعتبارها أخطر لأنها تمتلك لحد الان غطاءات عراقية و إيرانية و دولية وهي تستفيد من ذلك من أجل إجراء أکبر عملية تغيير ديموغرافي على الارض.
منظمة العفو الدولية، ومنظمات دولية أخرى، نظير الجمعية الاوربية لحرية العراق، إعتبرت جرائم و مجازر الميليشيات الشيعية لاتقل دموية و وحشية عن تلك التي إرتکبها داعش، وان المشکلة الاساسية تکمن في أن المخطط المشبوه للنظام الايراني بالنسبة لهذه الميليشيات مبني على أساس العمل من أجل جعلها بديلا للجيش العراقي و القوات الامنية، وهذا بحد ذاته يمثل أکبر تهديد ضد مستقبل العراق و السلام و الامن و الاستقرار فيه خلال الاعوام القادمة، ومن هنا، فإن قضية داعش ومع خطورتها لکنها لاتمثل تهديدا على المدى البعيد کما هو الحال مع الميليشيات الشيعية التي تعتبر اداة و وسيلة من أجل تحقيق أهداف و غايات تمس العراق أرضا و شعبا ولذلك، فإن السؤال الاهم الذي يجب
طرحه هو: مالعمل من أجل إنهاء هذه الميليشيات و تخليص العراق و المنطقة من شرها؟