لاهذه، ولاتلك، داعش هي داعش،هي فكر جديد، بل دين جديد، بل بشر جدد، ينامون على تدفق دماء الابرياء وعلى نكهة الجثث وعلى عويل الأرامل والاطفال، هم قرود ممسوخة التفكير على هيئة بشرالكهوف والاساطير، هم ذباحون نشأوا في حوادث التطرف الدينية،
لست من الفريق القائل :أن داعش زوبعة وستنتهي بعقد المؤتمرات والولائم الفخمة والصلاة الموحدة بين الشيعة والسنة،بل هي قوة موجودة على الأرض ونبت جذرها في الأعماق، سيرتكب السنة اثماً فاحشاً لو تصوروا أن داعش هي ذراعهم الضارب وأن من خلالها سيحققون مكاسبهم،وسيرتكب الشيعة اثماً أكبر من اثم السنةً لو تعاملوا مع داعش أنها جزء من السنة ،المسألة أعمق من ذلك، ويتطلب من العراقيين أن يتصارحوا فيما بينهم ويتكاشفوا ويسألوا اسئلة عريضة من هي داعش ؟ ماذا تريد ؟ من سمح لها بالدخول ؟ من يمولها ؟ من استهدفت في عملياتها ؟ماعلاقتها بالسنة؟ وماعلاقتها بالشيعة ؟ وماعلاقتها بالاسلام أصلاً ؟ وماهو هدفها ومبتغاها ؟ومن هم عناصرها ؟ هذه الاسئلة لابد أن تطرح بجلسات حوارية مكشوفة اكثر صدقا ومنطقا من مؤتمر مكة ومؤتمر جامع أم القرى ومئات المؤتمرات التي صرفت الدولة عليها ملايين الدولارات لتذهب إلى بطون رجال ديين وعشائر لايقدمون شيئا ولايؤخرون ،لابد من يناقشها له تأثيره في الشارع العراقي، بلا شعارات رنانة وطنية كاذبة وكلمات لامعة وتوصيات فارغة .
لقد أصُيب العراق بسرطان داعش لوجود الاسباب المؤدية لولادة هذا السرطان، وبدلاً من الانشغال في رمي التهم بعضنا على الاخر لابد من الجلوس إلى جنب لندرس اسباب السرطان، هل ذلك صعب أو مستحيل؟
يقول الكاتب البيرطاني باتريك كوكبيرن مراسل BBS في كتابه (داعش عودة الجهاديين) إن داعش صنعت في المحافظات الغربية كردة فعل على الاجراءات الحكومية وتصرفاتها منذ عام 2003 فضلا عن عدم تلبية مطالب المتظاهرين في تلك المحافظات، لكن هذا ليس تعريفاً علمياً مقنعاً لداعش!، فهي قوة انبثقت من خاج الاطار المذهبي،وقد تكون مجزرة مقتل رجال عشيرة البونمر (السنية) دليلاً على ذلك، داعش أشطر من القاعدة، لان من صنع داعش استفاد من اخطاء من صنع القاعدة وأجرى عمليات جراحية كبرى على التفكير الداعشي، وتخطي الفكر المذهبي في تحديد العدو ليصبح العدو هو كل من يخالف توجهها ، في الوقت الذي يغفو العراقيون عن محاربة داعش فكرياً وتنشغل الحكومة في التفكير عن توفير السلاح والتدريب، بينما تقف راكدة عن تصفية الفكر المتطرف لداعش وتجفيف منابعه من بطون الكتب الدينية والتأريخية ووسائل الاعلام والمقرات الدينية والمناهج الدراسية وغيرها.
يتحقق الأنتصار على داعش باجراء بسيط هو أن ننسى الهويات الفرعية ونلجأ إلى هوية المواطنة والوطن أن تنظر إلى العراقيين عراقيين من دون الأنشغال بـالبحث عن الهوية الفرعية وتخطيها إلى الأبد لان السجال المذهبي أضحى عقيماً ولم ينتصر مذهب على آخر منذ الازل ولاسيما أن تلك السجالات باتت تتحول إلى الالغام تهدد وجودنا على الأرض وتمحي انسانيتنا وتفتح المجال والأبواب أمام داعش لتقتلنا جميعاً.
المرحلة الدموية التي يعيشها العراق وحرب الابادة التي تشنها داعش ضد العراقيين يتطلب تفعيل القضاء العراقي والحفاظ على استقلاليته وعقد مصالحة وطنية شاملة وحقيقية تتناغم مع الدستور وهجران الخطط الامنية التقليدية ومراجعة جدية لجميع مؤسسات الدولة وتأهيلها تأهيلاً كاملاً لمحاربة هذا الفكر الداعشي الجديد ونفي رجال الدين الذين يعتاشون على الحديث الطائفي واذكاء الخلافات بين الشيعة والسنة إلى موزنبيق.
لاشك أن الحديث الطائفي هو الوقود الذي تسير به السيارة المفخخة التي تقتل جميع العراقيين بلا أستثناء ولاشك ايضا أن داعش ليست اكذوبة أو مزحة ولا شك ايضا أن العراقيين جميعا لابد أن يحددوا موقفهم من داعش باجابة مختصرة من القلب … مع أو ضد !