23 ديسمبر، 2024 5:08 م

داعش تعيش بيننا

داعش تعيش بيننا

أتفق تماماً مع الرأي القائل: أن داعش أمة وليس تنظيم؛ إذ لا تعتمد على سلسة مترابطة الحلقات في تحركاتها ومذهبها ودينها وحدود دولتها، لذا لا نستغرب ظهور حواضنها في أي زمان ومكان، وفي مجتمعات يُعتقد عدائيتها لأفكار داعش.سلسلة تفجيرات العالم، ومدن العراق تحديداً، تدعو للتساؤل: هل أن داعش بيننا؟!نشأت الأمة الداعشية من تراكم أفكار التكفير والتذرع بإنشاء حركات إسلامية مناهضة للإحتلالات، وثم محاربة الحكومات الدكتاتورية ذات التبعية الإستعمارية، والشعار للحفاظ على الشباب المسلم من الإنخراط بالأفكار الغربية الغريبة.مرّ الفكر الإرهابي؛ بسلسة من التطور نحو التطرف والإنحطاط والتفنن بالقتل، وما سميت الحركات الجهادية؛ أوجدت لنفسها دعاة ومشرعين وفتاوى ضالة؛ من الوهابية الى القاعدة الى داعش وتفرعاتها، وحركات دعمها الإرهاب؛ بغض النظر عن الإنتماء الديني والأخلاقي، وأثبتت التحقيقات أن معظم الدواعش؛ أما مغرر بهم، أو دخلوا بالقوة، ومنهم جاء من الدول الأكثر حرية، ولم ترق لهؤلاء حدود حرياتها التي تتوقف بإحترام حقوق الآخر.منحت داعش لأفرادها حرية التشريع والتزويج وتجاوز الشرائع والمعتقدات والأعراف؛ معتمدةً على قوة فرض سطوتها، وأن كان بقتل مئات آلاف البشر في مختلف دول المعمورة، والتركيز على زراعتها في المنطقة الأقليمية والعراق؛ لإستغلال التماس الطائفي، وتبويب المعتقدات المنحرفة التكفيرية.السؤال يبدو غريباً: لماذا يفجر داعش كل منطقة يدخلها، وأن كانت مراكزه الفكرية والداعمة، وكيف إستطاع النفوذ في المناطق الشيعية العراقية، التي لا تؤمن بالتكفير وتسمح بحرية التعبير والمعتقد، ومثلما تعملها في الدول التي تسمح بممارسة العبادات والمعتقدات؟!إن الفكر الداعشي لا يدل على أنه تنظيم لبناء دولة؛ من خلال أفعاله الوحشية التي لا يسلم منها حتى مقربيه، والهدف الواضح إثارة الفوضى والتكفير ونفي الفكر الآخر، وكل مخالفة للدولة والنظام؛ هو إنتماء ضمني للأمة الداعشية، التي تمنع لغة الحوار والتفاهمات على تحديد هوية الأوطان.التفجيرات التي تحدث في العراق؛ ليس بالضرورة أن يكون فاعلها وهابي بدشداشة قصيرة، وإنما داعشي يعتقد أن الرأي يفرض بالقوة والتعبير بهذه الطريقة.إن تسألني عن دهاليز مدينة الصدر ذات 6 ملايين مواطن؛ قد لا يمكنني إعطاء التفاصيل عن مراكز تجمعات المواطنين وخرائط دخولها وخروجها، فكيف لإماراتي إستطاع تفجير نفسه في ” سوق عريبة”؛ أن لم يك معه من يعرف المدينة شبراً شبراً، وفي معتقده أن يخالفه الرأي فاسق وينطبق عليه كما الكافر في نظر داعش، ويحلل قتله وإستباحة دمه وماله وعرضه، إذن داعش ليس تنظيم يوعز بكل صغيرة وكبيره، ولكنه يتبنى كل ما يُطابق أفكاره من إبادة جماعية، وإعتراض على بطريقة همجية تبيح الدماء، وتعتبرها وسيلة لنيل أهدافها، فلا غرابة من وجود أحداث أفراد الأمة الداعشية في أيّ بقعة من العالم، ويستطيع بحركة واحدة قتل عشرات الأبرياء في مناطق ترفضه، وعلينا البحث جيداً؛ لأن داعش يعيش بيننا.