لن أصوغ مقدمة او تمهيداً للموضوع ، فبكلِ تأكيد وبلا مُكابرة ، جُلنا يؤمن بنظرية المؤامرة ، لاسيما وان إيران ضليعة في حياكاتها ونسجها للمؤامرات والتدليس عبر تأريخها القديم والمعاصر ، كما هي بارعة في نسج السّجاد الكاشاني والأصفهاني .
في رواياتٍ متضاربة تشوبها الريبة ، اطلعنا على ما أفادَ به التلفزيون الحكومي الإيراني صباح الأربعاء : قيام جماعتان إرهابيّتان بمهاجمة البرلمان ومرقد الخميني ، أسفر عنه مقتل اثنيِّ عشر وجرح آخرين ، مشيراً الى ان اثنين من المهاجمين قد فجرا نفسيّهما عند القبر .
الملاحظ ان جميع الفضائيات التي نقلت لنا احداث الإعتدائين ، كانت قد اخذته من المشاهد التي أظهرتها العدسات الإيرانية فقط ، وليس عن طريق كاميرات المراسلين والإعلاميين الأجانب المتواجدين على ارضها ، علاوة على الفديو الذي بثتهُ بسرعةِ البرقِ وكالة أعماق ” المشبوهة ” والتي تدعي انه وردها من جوال احد المنفذين الخارقين لعناصر داعش .
معروف ، إذا ما أردتَ تقييم أية جريمة او فعل إرهابي ، عليك بمراعاة ثلاثة جوانب أساسية لتُحدد الفاعل او تقترب منه ، وتتلخص بالتالي : ــ
1 . التوقيت .
2 . الجهة المستفيدة من الجريمة .
3 . حجم الضرر المُلحق بالطرف التي جرى إستهدافه .
بالتأكيد هناك مُعطيات اخرى تقتضي اخذها بنظر الإعتبار ايضاً كالمبرزات الجرمية ( ادوات التنفيذ) سلاحاً واشخاصاً ومستلزمات ، والجوانب التقنية كالآثار والبصمات وفحص ال (دي أن أي) للمنفذين وغيرها ، لستُ مؤهلاً للحديث عنها فهي من إختصاص الفنيين في تحقيقات الأدلة الجنائية .
التوقيــــت
الإعتداء المزعوم على طهران جاء بعد تصاعد وارتفاع الأصوات التي أعربت عن إستغرابها ودهشتها لقيام التنظيمات المتطرفة باستهداف معظم الدول العربية والأقليمية والأوربية وصولاً الى امريكا ، وتغافُلها عن إيران التي يُفترض انها الأوّلْى لأن تكون مسرحاً لعمليات تلك التنظيمات ، نظراً لخلافها العقائدي والمذهبي معها من جانب ، وارتباطها بحدودٍ قريبة متماسة مع تواجد عناصرها كجانب آخر ، ناهيكم عن انها تخوضُ حرباً ميدانية برجالها وسلاحها ضد مايُسمى بـ ” داعش ” .
وكان آخر التصريحات تلك التي صدرت عن عدد من زعماء الدول المشاركة في القمم الثلاثة برعاية السعودية قبل ثلاثة اسابيع ، واذكر منها ماقالهُ وزير خارجية العربية السعودية : ان إيران الدولة الوحيدة التي لم نسمع ان حصل فيها عمل إرهابي .. واستطرد : فماذا يعني هذا ؟! .
ولكي تقوم طهران بتبرئة ساحتها من دعم الإرهاب الذي تلتحفُ به كغطاءٍ لممارساتها الإجرامية في العراق وسوريا واليمن ، تأتي هذه العملية المُفبركة لذرِ الرماد في العيون .
الجهة المستفيدة من الجريمتيّن
بعد سقوط القناع عنها كدولة مؤسِسّةٍ وراعية للإرهاب ، لاشك ان ايران هي المستفيدة من هذه الطبخة الماسِخة ، لتسويقِ نفسها على انها بريئة مما يُنسبُ اليها من الإتهامات وهي ضحية لعمليّتيِّن إرهابيتيِّن متزامِنتَيِّن ، بالتالي ستحاول ان تُروِّج لنفسها مظلوميّة جديدة تضاف الى المظلوميّات التأريخيّة الكاذبة لأتباعها في العراق وغيره .
حجم الضرر المُلحق بطهران
لم نُشاهد أية اضرار تُذكر لسببٍ بسيط ان العملية الأولى كانت في مُحيط الضريح البعيد وليس بداخلهِ ، وهذا بذاتهِ يقودنا لسؤالٍ مُهم مفادهُ : لماذا اطلق عناصر داعش الرصاص على القبر ؟ وما هي الفائدة المُرتجاةُ من ذلك التصرف ؟ ! مع التشديد على ان منتسبي تنظيم الدولة وانسياقاً مع طبيعتهم العقائدية المتشددة المارقة دأبوا على تفجير القبور بنسفِها بعبواتٍ
تُزرع في داخلها ، فأية لُعبة هذه التي تحاول الإطلاعات الفارسية لعبها مع الرأي العام .
وفيما يخص العملية الثانية ، من حقنا ايضاً ان نتسائل : كيف يدخل اربعة رجال مُتنكرين َ بزيِّ النساء دون إثارة الشكوك حولهم ؟!
واذا كان ثلاثة منهم قُتلوا على أسوار حديقة المبنى وتَمَكن َ واحدٌ فقط من إختراق دائرة البرلمان حسب روايتهم ، إذن كيف استطاع قتل الموظف المرمي على الأرض وتصوير وقائع الحادث بمفردهِ ؟!
ثم من هُم الأفراد اللذين تعالت اصواتهم بالهتاف وبلغةٍ عربية يطغي عليها اللحن الأعجمي الفاضح ؟! مُرددين : يارب لك الحمد ، وآخر يقول : أتظنون اننا سنرحل .. اننا باقون بإذن الله .
ماهذا الهراء بالله عليكم ؟! ، وهل يخفى على من تابع وشاهد الفديو ، ان المُتحدثين واصواتهم كانت لأكثر من اربعة افراد ! ، ناهيكم عن النبرات التي تؤكد ان اصحابها في وضعٍ مُريحٍ لايتخللهُ الإرباك والفوضى .
على صعيد آخر ، يستدعي الى الأذهان سؤالٌ لايقل اهمية عن سابقاتهِ : لماذا جاءت الهتافات بالعربيةِ وليست الفارسية ؟! خاصة والخطاب مُوّجه الى الإيرانيين وليس للعالم العربي ، وبما ان المُنفذ يُخاطب جمهوراً او موظفين فرس ، فحريٌ بهِ مخاطبتهم بلغتهم الأُم لإيصال رسالته اليهم .
لم نشاهد جُثث القتلى الاثنيّ عشر المزعومين ، باستثناء الشخص النائم على جنبهِ الأيسر تحت المكتب ، وقد لُطِخ كتفهُ الأيمن ببقعةٍ من اللون القريب الى الوردي منه للأحمر ، وحتى الرصاص الذي كان يُصَوَبُ اليه دون ان يرتجف جسدهُ ، ما حركه قيد شعره ، في خِضَمِه يخيلُ للمشاهد ان الرصاص الخُلّب يُطلقُ في مكانٍ آخر وليس على الجثة التي لم تتأثر قط .
بعد ساعات من الحادث اظهروا صورة ثانية لقتيل مستلقي على جنبه الأيمن ويبدو انها مُعدّلة عن سابقتها لتزويقها برتوشٍ اكثر إيحاءً واقرب الى الجديّة .
قبل ان اختم اجدُ نفسي مضطراً لمصادرة سؤال من أذهان بعض من يقول : طالما هناك ضحايا ( قتلى وجرحى ) فلابد من الإقرار بأنك امام عمل إرهابي .
لذا تجدني اقول وبإصرار موضوعي ليس انفعالي : ان النظام الذي يؤمن بمبدأ (( الميكافيلية )) ” الغاية تُبرر الوسيلة ” لايتوانى عن قتل المئات بل الآلاف وتقديمهم قرابين لتحقيق اهدافهِ ومُبتغاه ، ولنا عشرات الأمثلة على ذلك .
فمن منا لم يشاهد ويستمع الى اعترافات الكثير ممن عملوا في الجيش والأجهزة الأمنية والمليشيات الحكومية لسلطة الإحتلال ، حين صحت ضمائرهم ، ليؤكدوا ويكشفوا عن هوية القائمين على تفخيخ السيارات والعجلات والأحزمة الناسفة التي تُفَجرُ في محافظات ومدن العراق ذات الكثافة المذهبية التي يدعي نظام ولاية الفقيه زوراً انه الممثل الشرعي لطموحاتها .
ولعل تصريح المُعمم ياسر الحبيب واعترافه العلن دون لبس ، الى ان إيران تقوم بالتفجيرات في مناطقنا ، وعندما سألناهم ، قالوا : ان مصلحتنا العليا تقتضي التضحية بالدماء ، لهو خير شاهد على سياستها .
(( في ادناه رابط لتصريحهِ ، يحتاجُ القاريء الكريم الى نسخهِ ووضعهِ في صفحات البحث ، للمشاهدة )) .
اعلمُ ان هذا التنبيه قد لايلقى صدى عند من تَقَولَب فكره او خَتَمَت الكلمات على قلبهِ وبصرهِ ، ولكنه قد يُنبه اهل ( التذكرة ) او ذي البصيرة والألباب .
تأسيساً على تلك الوقائع المُثيرة للشكوكِ والحيرة ، وبناءً على عشرات الأسئلة التي تحتاج الى إجاباتٍ واضحة من سلطات إيران .
يجد المرءُ نفسه امام مسرحية تافهة ، ذات فصولٍ غير متكاملة ، وأحداثٍ مُركبة تركيباً سيئًا بلا تسلسُل .
رابط فيه ،إعتراف صريح للمدعو ياسر الحبيب ، عمن يقف خلف التفجيرات الإرهابية في العراق .