23 ديسمبر، 2024 6:00 ص

داعش بين هزيمة وخبر كان

داعش بين هزيمة وخبر كان

داعش او ما يعرف بالدولة الاسلامية؛ منظمة ارهابية حالها كحال ممن سبقها بالاجرام الدموي” تنظيم القاعدة”، وُلِدَ من رحم فِكر متطرف قد اسود قلبه من البُغض والحِقد على ابناء جنسه “الانسان”، بل لم يسلم منه الطير ولا النبات وحتى الاموات، يعتاش على الدماء والخراب اشبه بافلام هوليود بمصاصي الدماء “زُمبي”، الذي لا يعرف معنى الرحمة والانسانية في قاموس حياته.

ظهر التنظيم الارهابي داعش بعد ان انتهى سيناريو تنظيم القاعدة، فجيء بداعش من اقصى البلدان والاقطار الاسلامية وغير الاسلامية العربية وغير العربية من عِدة جنسيات وقوميات مختلف الوانها، لم يقتصر تكوينه على جنس معين او فِئة عُمرية فشمل الرجال والنساء الصِغار والكِبار.
ليس من اجل احقاق الحق وازهاق الباطل ونشر العدالة بين مكونات المجتمع الواحد، وليس من اجل رفع ظُلم او حيف وقع على مجتمع معين او ازالة ديكتاتور، انما من اجل اجندة خاصة به وبِأسياده ممن نماه ورباه لاِثارة الخوف والرعب بين الامة عن طريق القتل والدمار وسلب ارادة الانسان ونهب ثرواته تحت عناوين رنانة تفننو بها لها بداية وليس لها نهاية، خير دليل على هذا ارض بلاد السواد “العراق”.
فعم الخراب والدمار في اراضي شاسعة منذ قدوم داعش للعراق، فاستطاع هذا التنظيم الارهابي ان يحتل ثلثي ارض العراق في غضون فترة زمنية قصيرة جداً، عن طريق الكذب والتدليس و ايهام اهالي تلك المدن بتحريرهم وخلاصهم من قيود حكم “الصفويين الجُدُد”، مستخدمين بذلك طريقة سيد المكر والخداع “عمر ابن العاص” صاحب المكر في واقعة صفين القصة المعروفة برفع المصاحف على رؤوس الرماح ورفع شعار الحكم لله لا لك ياعلي، الحيلة هي هي بالمضمون ولكن الاسلوب والشكل مختلف، رفعوا شعار بناء الدولة على منهاج النبوة! والقصاص من الرافضة واعادة الحق لِاهله!، فما ان تمكن داعش من تلك المدن وفرض سيطرته عليها كشر عن انيابه بسفك الدماء واستباحة الحُرمات وانتهاك الاعراض مما عم الخوف والرعب في قلوب الناس لاسيما في تلك المناطق التي تواجد فيها، فصعق الجميع وتحيرت الالباب ووقف العالم مذهولاً من تلك الجرائم الوحشية التي لم ترتكبها الوحوش الكاسرة بحق ضحاياها.

تدخلت اليد الالهية لحماية اهل هذا البلد الجريح، بعد ان دخل الذهول للعقول البشرية ليس في العراق فحسب بل العالم بِاسره، متحيراً كيف يواجه ويقف بوجه هذا الحوت الكبير الذي يفتك بالبشرية اينما يحل وتقع الفريسة بين فكيه.

انبرى لتنظيم داعش، رجل طاعن في السِن يسكن في زقاق فقير من ازقة النجف الاشرف، لا يمتلك ترسانة نووية ولا عِدةً عسكرية ولا جيشاً مُعد سابقاً لمواجهة الاخطار الداخلية والخارجية، انما كان متسلح بالدين والتقوى وبالصبر والصلاة، رجُل عُرِف بالزُهد والعفاف متخذاً ذلك السلوك والمنهج من نهج الامام علي “ع” الا وهو السيد علي السيستاني “دام ظله”، فغير المعادلة من انكسار وهزيمة الى تحرير وانتصار بمجرد ان تكلم بكلمات معدودة فقلب الساحة رأساً على عقب، فاصدر فتواه المعروفة بفتوى الجهاد الكفائي، فما ان انطلقت تِلك الفتوى، لَبت الجموع المؤمنة من ابناء الوسط والجنوب وباقي المدن العراقية وكان في طليعة الملبين لنِداء الوطن والعقيدة بيت صاحب الفتوى، التي تصدى العراقيون لتنظيم داعش و لدحر القِوة الظلامية المتحالفة معه التي اهلكت الحرث والنسل والتي فعلت ما فعلته بِاهل العراق من مجازر ومأسي يعجز اللسان عن وصفها، فالمعركة تلو المعركة ومن نصراً الى نصر بسواعد اصحاب الجباه السمراء الذين طلقوا الدنيا فتركوا الاهلين والديار والاحبة من اجل العراق ومقدساته وشعبه، فكان النصر حليف العراق اخيراً، الذي تم بايادي عراقية خالصة.

ما كان لله ينمو، فانتصر الدم على السيف مجدداً، كما انتصر سيد الشهداء الإمام الحسين “ع” على جيش يزيد الذي كان يفوق معسكر الحسين “ع” بالعِدة والعدد، لِان اصحاب الحسين “ع” تفوقوا على اعدائهم بالعقيدة والايمان، وها هو اليوم يعيد نفسه، حيث تسلح جُند الله وجُند المرجعية الرشيدة “رجال فتوة الجهاد” بالايمان والتقوى وبالعزيمة والاصرار فكان النصر حليفهم، فاندحر داعش وانهزمة جمعهم وولوا الدُبر وانكسرت شوكتهم ومن مكنهم من رِقاب الناس، فيكونوا بعد ذلك نسياً منسيا.