22 ديسمبر، 2024 3:08 م

داعش .. النازيون الجدد

داعش .. النازيون الجدد

شن مقاتلوا تنظيم داعش هجوما مفاجئا على مدينتي الحسكة وكوباني السوريتين تمكنوا على اثره من السيطرة على أجزاء منهما بعد فشلهم سابقا في تحقيق مكاسب في هاتين المدينتين تحديدا ، هذا التطور الميداني جاء بعد أسابيع من الهزائم المتتالية التي تلقاها التنظيم في سوريا توجت باستعادة مدينة تل أبيض الاستراتيجية منه ووضع العاصمة الرقة موضع تهديد فعلي مما أضطره لتعزيز دفاعاته حولها واستدعاء تعزيزات من دير الزور والحسكة بوجه التقدم الكردي المدعوم من طيران التحالف الدولي.

التطورات الأخيرة في المشهد السوري سبقه سيناريو عراقي مشابه حيث شهد الوضع الأمني انتكاسة جديدة تمثلت بسيطرة تنظيم داعش على مدينة الرمادي بعد عام ونصف من الصمود ممامكن التنظيم المتطرف من استعادة زمام المبادرة العسكرية بعد الضربات الموجعة التي تلقاها في تكريت فيما بات مصير معركة تحرير الموصل مجهولا بعدما كانت قاب قوسين أو ادنى .

يكمن السبب الرئيسي في عودة داعش المتكررة بقوة عقب هزيمتها هو اختلاف الأجندات بين القوى المسلحة التي تقاتل التنظيم في العراق وسوريا (الجيش العراقي – الجيش العربي السوري – حزب الله اللبناني – الحشد الشعبي – البيشمركة – وحدات حماية الشعب الكوردي – العشائر السنية – فصائل المعارضة السورية – جبهة النصرة) ، ففي كل مرة ينجح التنظيم في استغلال هذه النقطة تحديدا واللعب على التناقضات للعودة مجددا ، فقد تمكن في الحالة السورية من استغلال حالة عدم الثقة المتبادلة بين قوات وحدات حماية الشعب الكوردي من ناحية وفصائل المعارضة السورية وجبهة النصرة من ناحية أخرى وما أثير حول نية الأكراد تشكيل منطقة حكم ذاتي في أقصى الشمال الشرقي لسوريا وهو ماعززته ادعاءات الاعلام التركي حول قيام القوات الكوردية بتهجير العرب من المناطق التي تم انتزاعها من داعش في الوقت الذي تسعى

فيه جبهة النصرة لتثبيت امارتها الاسلامية بينما تحاول باقي الفصائل المعارضة التمسك بماتبقى من حلم الثورة السورية !!

عراقيا تمكن داعش من انتهاز فرصة الخلافات التي عصفت بين الحكومة المركزية والعشائر السنية حول موضوع التسليح والجدل الحاصل بشأن دور محتمل للحشد الشعبي في محافظة الأنبار لينقض على الرمادي في مايو / أيار الماضي .

لقد تعاملت جميع القوى مع هذه المعركة وفقا لاجنداتها السياسية وبمقتضى أهدافها الخاصة متبعة أسلوب تقاسم الكعكة وساعية لمد النفوذ وتوسيع السيطرة الميدانية قبل التأكد فعلا من طوي صفحة داعش للأبد وأغفلت انها أمام عدو قوي يجيد استغلال نقاط ضعف خصومه واللعب على تناقضاتهم .

يذكرني الخطر الذي يمثله تنظيم داعش على منطقة الشرق الأوسط اليوم بالتهديد الذي مثلته النازية على كيان ومستقبل القارة الأوربية في النصف الأول من القرن العشرين حيث سعى الفوهرر الألماني أدولف هتلر الى تغيير الخريطة السياسية للقارة العجوز التي أفرزتها الحرب العالمية الأولى وانشاء امبراطورية الرايخ القائمة على الجنس الآري بحجة الثأر من هزيمة ألمانيا في الحرب وبنية التخلص من الشروط القاسية المفروضة عليها بموجب اتفاقية فرساي وهو ماأدركته القوى الدولية الا ان خلافاتها العميقة حالت دون ردع النازيين مبكرا مماتسبب بالدمار الشامل لكل دول القارة الأوربية قبل أن يتناسى الشرق الاشتراكي والغرب الرأسمالي خلافاتهما الأيدولوجية ويوحدون الجهود والصفوف لمقاومة الغزو الألماني وهو ما أدى بنهاية المطاف الى استسلام المانيا والقضاء على النازية في مايو / أيار عام 1945 دون أن نغفل ان هذه الدول كانت تقاتل هي الأخرى وفقا لاجنداتها الخاصة (وماثل بعضها النازيين في الديكتاتورية) لكن التطرق لتقاسم الكعكة النازية لم يتم الا في مؤتمر يالطا في فبراير / شباط من عام 1945 بعد التأكد تماما من انتهاء هتلر وحزبه وهو ماتم فعلا بعد شهرين من هذا التاريخ .

أما اليوم فان دولة الخلافة التي زعمت قيامها بسبب مظلومية السنة في العراق وسوريا ساعية للتمدد لاقامة دولة سنية كبرى تسحق فيها كل المكونات الأخرى بل وحتى السنة المعارضين لهذا الجنون قبل غيرهم ، لذا فان كل متتبع للواقع الاقليمي يدرك ان هذه الدولة زائلة لامحالة ومايؤخر تصفيتها هو الخلافات السياسية بين محورين اقليمين يتنازعان السيطرة على دول المنطقة ويحاول كلا منهما استخدامها أو استغلالها لتحقيق أجنداته الخاصة خصوصا ان الأثر الوحيد الذي سيذكره التاريخ لدولة الخلافة هي انها كانت سببا حقيقيا لتقسيم دول المنطقة وتدشين مشروع الشرق الأوسط الجديد ومن هنا فان الواجب الملقى على عاتق الجميع يتطلب التنسيق العالي وتوحيد الجهود وتنحية الخلافات الجانبية لحين الانتهاء من هذه الصفحة السوداء ومحاولة الخروج بأقل الأضرار منها مع الاقرار ان أثارها السلبية قد تمتد لعقود طويلة من الزمن .

ان استمرار التناحر والشد والجذب وتبادل الاتهامات بين مختلف الأطراف الاقليمية يطيل في عمر هذا التنظيم ودولته المارقة ويعقد من مهمة القضاء عليه بمرور الأيام بعد انتشار فكره التكفيري في المناطق المحتلة وسعيه الدؤوب لايجاد موطئ قدم في دول أخرى من خلال الهجمات الارهابية الساعية لاثارة الفتن واحداث أكبر قدر ممكن من الاضطرابات الداخلية وهو ماجسدته عملياته الأخيرة في السعودية واليمن والكويت وتونس ومصر وليبيا ونيجيريا وفرنسا .

لقد وفرت الخلاف السياسي والصراعات المسلحة بين التحالف السعودي القطري التركي من جهة والمحور الايراني من جهة أخرى الفرصة الذهبية للولايات المتحدة لاعادة احياء الأمل في مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تعززت فرصه بسبب همجية داعش ووحشيتها وطائفيتها وهو مامكن واشنطن من ادارة المعركة الحاصلة بطريقة ذكية تقضي بمنع تمدد عسكري لأي مكون خارج نطاق أراضيه فالهجوم المباغت على كوباني والحسكة كان رسالة واضحة للكورد لايقاظهم من أحلام اليقظة التي توهموا من خلالها ان بامكانهم الزحف نحو الرقة والاستيلاء على مزيد من المناطق العربية وضمها تحت السيطرة الكوردية وهو مايؤكده سرعان استعادتهم السيطرة على كوباني والتي دخلها عناصر داعش الكورد متنكرين بزي وحدات حماية الشعب بمساهمة من الخلايا النائمة في المدينة ومساعدة تركية والتي يساورها القلق هي الأخرى من منطقة حكم ذاتي كوردي في سوريا ستكون لها أثار سلبية على القضية الكردية في الداخل التركي ، الأمر ذاته تكرر من ذي قبل مع داعش ذاتها في كوباني وأربيل وبغداد والتي أعتبرت بمثابة خطوط حمراء لايجوز للتنظيم الاقتراب منها فيما اتيحت له الرمادي والتي كان سقوطها بمثابة جرس انذار لمن يحكم في بغداد باعادة النظر في تسليح العشائر السنية والتي يعتبر تسليحها وتدريبها وتجهيزها السبب الرئيسي في التلكؤ الحاصل في مسار العمليات العسكرية في محافظة الأنبار لحين اكتمال استعدادتها لاداء مهمة التحرير المناطة بها والتي سيقتصر دور الحشد الشعبي فيها على الدعم اللوجستي .

فهل ستعم شعوب المنطقة صحوة ويترك قادتها الغباء السياسي في هذه المرحلة التاريخية الصعبة أم ان الأمور ستتجه نحو سايكس بيكو جديدة فعلا مع انتهاء صلاحية الاتفاقية الأولى والتي يصادف العام القادم مئويتها الأولى وربما الأخيرة بحجة مكافحة الارهاب ؟؟!!

داعش .. النازيون الجدد
شن مقاتلوا تنظيم داعش هجوما مفاجئا على مدينتي الحسكة وكوباني السوريتين تمكنوا على اثره من السيطرة على أجزاء منهما بعد فشلهم سابقا في تحقيق مكاسب في هاتين المدينتين تحديدا ، هذا التطور الميداني جاء بعد أسابيع من الهزائم المتتالية التي تلقاها التنظيم في سوريا توجت باستعادة مدينة تل أبيض الاستراتيجية منه ووضع العاصمة الرقة موضع تهديد فعلي مما أضطره لتعزيز دفاعاته حولها واستدعاء تعزيزات من دير الزور والحسكة بوجه التقدم الكردي المدعوم من طيران التحالف الدولي.

التطورات الأخيرة في المشهد السوري سبقه سيناريو عراقي مشابه حيث شهد الوضع الأمني انتكاسة جديدة تمثلت بسيطرة تنظيم داعش على مدينة الرمادي بعد عام ونصف من الصمود ممامكن التنظيم المتطرف من استعادة زمام المبادرة العسكرية بعد الضربات الموجعة التي تلقاها في تكريت فيما بات مصير معركة تحرير الموصل مجهولا بعدما كانت قاب قوسين أو ادنى .

يكمن السبب الرئيسي في عودة داعش المتكررة بقوة عقب هزيمتها هو اختلاف الأجندات بين القوى المسلحة التي تقاتل التنظيم في العراق وسوريا (الجيش العراقي – الجيش العربي السوري – حزب الله اللبناني – الحشد الشعبي – البيشمركة – وحدات حماية الشعب الكوردي – العشائر السنية – فصائل المعارضة السورية – جبهة النصرة) ، ففي كل مرة ينجح التنظيم في استغلال هذه النقطة تحديدا واللعب على التناقضات للعودة مجددا ، فقد تمكن في الحالة السورية من استغلال حالة عدم الثقة المتبادلة بين قوات وحدات حماية الشعب الكوردي من ناحية وفصائل المعارضة السورية وجبهة النصرة من ناحية أخرى وما أثير حول نية الأكراد تشكيل منطقة حكم ذاتي في أقصى الشمال الشرقي لسوريا وهو ماعززته ادعاءات الاعلام التركي حول قيام القوات الكوردية بتهجير العرب من المناطق التي تم انتزاعها من داعش في الوقت الذي تسعى

فيه جبهة النصرة لتثبيت امارتها الاسلامية بينما تحاول باقي الفصائل المعارضة التمسك بماتبقى من حلم الثورة السورية !!

عراقيا تمكن داعش من انتهاز فرصة الخلافات التي عصفت بين الحكومة المركزية والعشائر السنية حول موضوع التسليح والجدل الحاصل بشأن دور محتمل للحشد الشعبي في محافظة الأنبار لينقض على الرمادي في مايو / أيار الماضي .

لقد تعاملت جميع القوى مع هذه المعركة وفقا لاجنداتها السياسية وبمقتضى أهدافها الخاصة متبعة أسلوب تقاسم الكعكة وساعية لمد النفوذ وتوسيع السيطرة الميدانية قبل التأكد فعلا من طوي صفحة داعش للأبد وأغفلت انها أمام عدو قوي يجيد استغلال نقاط ضعف خصومه واللعب على تناقضاتهم .

يذكرني الخطر الذي يمثله تنظيم داعش على منطقة الشرق الأوسط اليوم بالتهديد الذي مثلته النازية على كيان ومستقبل القارة الأوربية في النصف الأول من القرن العشرين حيث سعى الفوهرر الألماني أدولف هتلر الى تغيير الخريطة السياسية للقارة العجوز التي أفرزتها الحرب العالمية الأولى وانشاء امبراطورية الرايخ القائمة على الجنس الآري بحجة الثأر من هزيمة ألمانيا في الحرب وبنية التخلص من الشروط القاسية المفروضة عليها بموجب اتفاقية فرساي وهو ماأدركته القوى الدولية الا ان خلافاتها العميقة حالت دون ردع النازيين مبكرا مماتسبب بالدمار الشامل لكل دول القارة الأوربية قبل أن يتناسى الشرق الاشتراكي والغرب الرأسمالي خلافاتهما الأيدولوجية ويوحدون الجهود والصفوف لمقاومة الغزو الألماني وهو ما أدى بنهاية المطاف الى استسلام المانيا والقضاء على النازية في مايو / أيار عام 1945 دون أن نغفل ان هذه الدول كانت تقاتل هي الأخرى وفقا لاجنداتها الخاصة (وماثل بعضها النازيين في الديكتاتورية) لكن التطرق لتقاسم الكعكة النازية لم يتم الا في مؤتمر يالطا في فبراير / شباط من عام 1945 بعد التأكد تماما من انتهاء هتلر وحزبه وهو ماتم فعلا بعد شهرين من هذا التاريخ .

أما اليوم فان دولة الخلافة التي زعمت قيامها بسبب مظلومية السنة في العراق وسوريا ساعية للتمدد لاقامة دولة سنية كبرى تسحق فيها كل المكونات الأخرى بل وحتى السنة المعارضين لهذا الجنون قبل غيرهم ، لذا فان كل متتبع للواقع الاقليمي يدرك ان هذه الدولة زائلة لامحالة ومايؤخر تصفيتها هو الخلافات السياسية بين محورين اقليمين يتنازعان السيطرة على دول المنطقة ويحاول كلا منهما استخدامها أو استغلالها لتحقيق أجنداته الخاصة خصوصا ان الأثر الوحيد الذي سيذكره التاريخ لدولة الخلافة هي انها كانت سببا حقيقيا لتقسيم دول المنطقة وتدشين مشروع الشرق الأوسط الجديد ومن هنا فان الواجب الملقى على عاتق الجميع يتطلب التنسيق العالي وتوحيد الجهود وتنحية الخلافات الجانبية لحين الانتهاء من هذه الصفحة السوداء ومحاولة الخروج بأقل الأضرار منها مع الاقرار ان أثارها السلبية قد تمتد لعقود طويلة من الزمن .

ان استمرار التناحر والشد والجذب وتبادل الاتهامات بين مختلف الأطراف الاقليمية يطيل في عمر هذا التنظيم ودولته المارقة ويعقد من مهمة القضاء عليه بمرور الأيام بعد انتشار فكره التكفيري في المناطق المحتلة وسعيه الدؤوب لايجاد موطئ قدم في دول أخرى من خلال الهجمات الارهابية الساعية لاثارة الفتن واحداث أكبر قدر ممكن من الاضطرابات الداخلية وهو ماجسدته عملياته الأخيرة في السعودية واليمن والكويت وتونس ومصر وليبيا ونيجيريا وفرنسا .

لقد وفرت الخلاف السياسي والصراعات المسلحة بين التحالف السعودي القطري التركي من جهة والمحور الايراني من جهة أخرى الفرصة الذهبية للولايات المتحدة لاعادة احياء الأمل في مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تعززت فرصه بسبب همجية داعش ووحشيتها وطائفيتها وهو مامكن واشنطن من ادارة المعركة الحاصلة بطريقة ذكية تقضي بمنع تمدد عسكري لأي مكون خارج نطاق أراضيه فالهجوم المباغت على كوباني والحسكة كان رسالة واضحة للكورد لايقاظهم من أحلام اليقظة التي توهموا من خلالها ان بامكانهم الزحف نحو الرقة والاستيلاء على مزيد من المناطق العربية وضمها تحت السيطرة الكوردية وهو مايؤكده سرعان استعادتهم السيطرة على كوباني والتي دخلها عناصر داعش الكورد متنكرين بزي وحدات حماية الشعب بمساهمة من الخلايا النائمة في المدينة ومساعدة تركية والتي يساورها القلق هي الأخرى من منطقة حكم ذاتي كوردي في سوريا ستكون لها أثار سلبية على القضية الكردية في الداخل التركي ، الأمر ذاته تكرر من ذي قبل مع داعش ذاتها في كوباني وأربيل وبغداد والتي أعتبرت بمثابة خطوط حمراء لايجوز للتنظيم الاقتراب منها فيما اتيحت له الرمادي والتي كان سقوطها بمثابة جرس انذار لمن يحكم في بغداد باعادة النظر في تسليح العشائر السنية والتي يعتبر تسليحها وتدريبها وتجهيزها السبب الرئيسي في التلكؤ الحاصل في مسار العمليات العسكرية في محافظة الأنبار لحين اكتمال استعدادتها لاداء مهمة التحرير المناطة بها والتي سيقتصر دور الحشد الشعبي فيها على الدعم اللوجستي .

فهل ستعم شعوب المنطقة صحوة ويترك قادتها الغباء السياسي في هذه المرحلة التاريخية الصعبة أم ان الأمور ستتجه نحو سايكس بيكو جديدة فعلا مع انتهاء صلاحية الاتفاقية الأولى والتي يصادف العام القادم مئويتها الأولى وربما الأخيرة بحجة مكافحة الارهاب ؟؟!!