18 ديسمبر، 2024 8:38 م

داعش الثانية وثمن الدم

داعش الثانية وثمن الدم

كالعادة تُنهب البلاد وتُستباح ويتجاوز البعيد والقريب على سيادتنا الوطنية ومياهنا وأجوائنا.وليس هناك من المسؤولين والساسة الكبار الصغار سوى الردود المائعة والكلمات الأنشائية والتلاعب بالألفاظ.
لا أريد أن أتحدث عن تجاوزات دول جوار السوء فقد كَلَّ القلم وبحَّ الصوتُ ونضبتْ الأحبارُ وتمزقت الأوراق من كثرة الكتابة.ولكن حديثي اليوم عن تجاوزات الأشقاء الشركاء في الوطن الكورد الأعزاء.
لم تتمكن أي ٌّ من حكوماتنا الشرعية غير الشرعية من وضع حدٍّ لأي تجاوزٍ من تجاوزات حكومة الأقليم سواءً بالأستيلاء على نفط الأقليم وضرائب الكمارك والحدود وغيرها من الواردات السيادية المعروفة.فهي تصدر النفط. ولا تدفع شيئاً من أثمانه للخزينة المركزية. ولا تعلم حكومتنا شيئاً عن حجم هذه الصادرات ولا الجهة التي إستوردت هذا النفط.مع إن حكومة الأقليم تستلم من خزينة الدولة 17% من واردات النفط العراقية ومع كل هذا لا تدفع رواتب لموظفي الدولة في الأقليم .وإمتنعت حكومة الأقليم عن تطبيق قانون الكمارك في الأقليم مما دفع التجار العراقيين. ولهم كل الحق في هذا بالتوجه للمنافذ الحدودية الكوردية لأدخال البضائع .وكان الحل الكاريكتيري. هوإقامة نقطة سيطرة الصفرة لتطبيق هذا القانون. والمآسي التي يعانيها سواق الشاحنات والتجار معروفة للجميع .
ومن الحق القول إن حكومة الأقليم تتعامل بإزدراء وتعالٍ وغطرسة مع بقية مكونات الشعب العراقي و الحكومة الأتحادية. وكأنها حكومة دولة مستقلة. لا بل أكثر من هذا.فإحتلت قوات البيشمركة أجزاء وأراضٍ من مناطق لم تكن تابعة للأقليم أو أراضٍ سموها متنازع عليها. وكان المفروض أن تُسمى مناطق مشتركة وقال قادة هذا الأقليم إننا طبقنا المادة 140 وإن ما أخذَ بالدم لا يُعطى ولا يؤخذ إلا بالدم .فوضعوا أنفسهم مقام كل المكونات العراقية.فهم الحاكم وهم الحكم وعلى مبدأ(( تريد أرنب خذ أرنب تريد غزال فخذ أرنب )) .وإن كان منطقهم هذا مشروعاً فمن حق عوائل ذي قار الذين قدمت أكثر من 2350 شهيداً في معركة تحرير الموصل من داعش بجزءٍ من أرض الموصل وكذلك بقية محافظات الوسط والجنوب العراقية . الذين هبوا للدفاع عن شرف الوطن وعزته وسيادته.من حق عوائل شهداء وجرحى الوسط والجنوب وفق هذا المنطق الغريب أن تطالب بأراضِ في الموصل وتكريت والأنبار .
لقد تصرف الأخوة الكورد بكل وقاحة برفعهم علم إقليم كوردستان على مباني كركوك . وأعلنوا إن كركوك مدينة كوردية, وجزء من إقليم كوردستان.متحدين العراقيين والتأريخ الذي يشهد إن كركوك مدينة عراقية مكوناتها تركمان وعرب وكورد وهي عراق مصغر.
وأغرب ما سمعت أن أحد المسؤولين الكورد صرح بأن الأقليم سيحجب مترين مكعبين من المياه عن الأراضي العراقية عن كل متر مكعب تحجزه إيران من مياه أحد الأنهر القادمة من إيران.وتذكرني مواقف الأشقاء الكورد من بقية شركائهم في الوطن العراقي بمعاقبة المُلَّة زمن الأحتلال العثماني للعبد الذي يصاحب إبن شيخ العشيرة بِمَدِّهِ فَلَقَة بدلاً من إبن الشيخ الذي لم يحفظ الدرس.
لقد إستولى الأشقاء الكورد على أكثر المكائن والمعدات وسيارات الدولة العراقية بعد سقوط النظام عام 2003. كما إستولوا على معظم السلاح العراقي لجيشنا الذي يقدر ثمنه بمليارات الدولارات, بعد دخول داعش للموصل.وهناك أصابع إتهام للكورد بمؤامرة سقوط الموصل.ولكن هناك جهات عتمت على تحقيقات هذه المؤامرة. ولم تجرِ أية محاكمة جادة عادلة في هذه النكسة الوطنية الكبرى .بل جرت محكمة عسكرية غير شفافة.وكان هذا تضليلاً للعدالة .حيث لم يلقَ المجرمون عقابهم العادل عندما حمَّلوا العراق وشعبة مئات الآلاف من الشهداء في سبايكر والموصل والأنبار. وحملوا الخزينة العراقية مليارات الخسائر .لقد دمروا البنية التحتية لمحافظات عراقية وشردوا شعباً نازحاً في الخيام.فمَنْ دفع الثمن ؟ أليست بقية مكونات الشعب العراقي ؟.
وآخر ما فعلوه إعلان إجراء إستفتاء على استقلال الأقليم .دون الرجوع للحكومة المركزية ولا البرلمان العراقي ودون الرجوع للبرلمان الكوردي المعطل .
لا إعتراض عندنا أن يحقق الأشقاء الكورد طموحهم بإقامة دولتهم الكودية. ولكن ليس على حساب بقية مكونات الشعب العراقي, والأستيلاء على أراضٍ بحجة عائديتها التي لم تثبت للأقليم دون حوار أو مفاوضات أوتحكيم دولي.من حق الكوردإقامة دولتهم ويا حبذا هذا. ففي ذلك فكاك لرقبة العراقيين . ولكن دولة صديقة لا دولة عدوة . مبنية على الحقد والكراهية لبقية مكونات الشعب العراقي , وعلى حساب مصالحه وأرضه .فطيلة السنين الماضية والأقليم يأخذ ولا يعطي .يدخل أخونا الكوردي لبقية الأرض العراقية بكل حرية وهذا حقه في وطنه .ولكن بقية مكونات الشعب العراقي لا تدخل الأقليم إلا بكفيل وتصريح أو فيزة .فهل هذه شراكة .إن لها إسم آخر. ومن مصلحة بقية مكونات الشعب العراقي فك هذه الشراكة التي أصبحت عبئاً ثقيلاً على العراقيين ومصدر قلق دائم وإبتزازٍ لهم مدعوم من جهات خارجية لكل العراقيين.
ولا ندري ماذا سيطالب الكورد شركاء الوطن غداً عن حصة في أرض بغداد العاصمة العراقية العريقة وفيها ما يقارب ربع مليون كردي وأحياء كوردية وربما ستكون حجتهم إن إسمها غير عربي وربما كوردي.
مِن وراء الكواليس قوى عظمى تدفع بالساسة الكورد ولا أقول شعبنا الكورد الطيبين.قوى تدفع لتمزق العراق وتشتته وتشرذمه.
فلماذا لم تتصرف حكومتنا التصرف المطلوب وطنياً . وتطلب من الدول كافة التعامل مع حكومة الأقليم على إن الأقليم جزء من العراق الأتحادي. ولا يجوز ومن غير المسموح إجراء أي إتصال أو عقد أي إتفاق إلا من خلال القنوات الأتحادية.لقد أجرت بعض الحكومات إتفاقيات تجارية و عسكرية من حكومة الأقليم. ومنها تجهيزها بأسلحة ثقيلة وطائرات مروحية مقاتلة .أليس هذا بدافع قوي لتحريضها على إرغام الحكومة العراقية على القبول بأمر واقعي صنعوه, دون الرجوع للأعراف الوطنية والدستور .فهل لهذا السكوت ثمن؟فما هو الثمن.أم إنه الخضوع والخنوع لأجندات حزبية أو خارجية أو شخصية؟من واجب حكومتنا ومجلس نوابنا أن تتصرف وبدافع وطني شريف .من واجبهما تنظيم إستفتاء وطني عراقي لفك الأرتباط مع الأقليم من طرف واحد .أو فكه دون الحاجة للأستفتاء .كما فك الأردن الأرتباط مع الضفة الغربية الفلسطينية وكما فعلت مصر مع قطاع غزة بعد نكسة 5 حزيران عام 1967 .من حقنا فك هذا الأرتباط. وليستقل الأقليم ولكن بمحافظاته الثلاث أربيل والسليمانية ودهوك لاغير. وهي المحافظات التي إتفقوا عليها مع النظام السابق, لأقامة الحكم الذاتي .أمّا لَي ذراع بقية مكونات الشعب العراقي اليوم مستغلين ضعف العراق لتكالب قوى الشر عليه.فهذه وصمة عاربحق كل العراقيين عامة . وبوجه القادة السياسيين خاصة فهم المسؤولون عن كل ما جرى ويجري.وإن رفض الكورد هذا ,فهذا يعني إنها الصفحة الداعشية الجديدة.وليكن هذا ولتستمر الحرب ضد داعش الثانية.فهذا قدرنا.