ولد يسوع ع ، ليكون امتدادا للإصلاح البشري من خلال أحلام الأنبياء منذ آدم ع وحتى الرسول المصطفى محمد ( ص ) ،هذه القدرية لها هاجسين ، الروحي والحضاري وقد اختارت الشرق الأوسط لتكون نقطة البدء في اتساع جغرافية الوحي والمعجزات وفي ثلاثة أمكنة الشام والعراق ومصر صنعتها الأحداث العظيمة التي تحدثت عنها قصص التوراة والإنجيل والقرآن الكريم وكتب أخرى لم نجد لها أثرا لكن بعض من متناولها الشفهي موجود ليصل الى خانة الأساطير ، وربما مسيرة النبي إبراهيم الخليل ع من مدينة أور العراقية الى المنابع العليا للفرات ومن ثم الى مصر وفلسطين ومن ثم بناء بيت الله في مكة تمثل الصورة الأوضح للرسالة الحضارية لمهمة النبي ومن بعده تناسل الرسل مع المعجزات والأحلام وتحمل الأذى من أقوامهم كما حدث لإبراهيم ع من قبل أهل أور لموسى ع من قبل اليهود وعيسى ع من قبل اليهود والرومانيين ومحمد ص من قبل قريش.
يسوع حمل ألمه على شكل مسامير خشب مزروعة في الجسد وصعد الله ، وترك لنا ملة ومريدين تعتنق وصاياه ورسالته كدين توحيدي شكل مع الإسلام اتحادا حضاريا وروحيا ساهم في بناء الحياة البشرية في عموم العالم ، ولكنهما في الشرق الأوسط عاشا معا المقاربة الروحية والاجتماعية والثقافية بشكل يعتمد على احترام الآخر فالإسلام تعامل مع المسيحية باعتراف علني إنها ديانة سماوية وان عيسى ابن كما جاء في الكتاب الكريم نبي هداية ورحمة وما سورة مريم إلا دليل على أن يسوع وأمه مريم من ذرية الشرف السماوي ، فيما عرف في التراث الإسلامي المكتوب حول البعثة المحمدية ان الكهنة المسيحيين وأحبار اليهود هم من كانوا يعرفون تماما إن الأمة العربية تنتظر رسولا كريم يولد في بطن مكة ليقودها الى خاتم الرسالات وليصبح التعايش الديني صورة للسير الحضاري منذ عهد النبي ( ص ) والى دعوة الرئيس الإيراني خاتمي في مشروعه ( الحوار الحضاري بين الديانات ) .
هذه مقدمة أضعها وأنا استنكر ما تفعله ( داعش ) لمسيحي سوريا من فرض قسري على ابناء محافظة الرقة من الطائفة المسيحية في إجبارهم من بين تلك القواعد دفع المسيحيين للجزية وتحديد مقدارها وإلزامهم بإقامة شعائرهم داخل الكنائس ومنع بناء كنائس وأديرة جديدة، ومنعهم من حمل الصليب الرمزي في أعناقهم، وفرض ارتداء ملابس خاصة بالمسيحيين تقررها داعش لتمييزهم عن بقية المسلمين من أتباع الإسلام …الخ. كما سيفرضون على المرأة ما يتعارض مع مبادئ وقواعد دينهم المسيحي.وما يحدث في سوريا هو إنذار يدقه المسيسون برؤى التكفير والتخلف وأحلام القاعدة التي تتناقض تماما مع الحقيقة الرسالية التي يحملها الإسلام كدين توحيدي يدعوا الى الإصلاح ونشر مبادئ العدل والسلام ، فعندما تنجح داعش وغيرهم من الفرق المسلحة والمتطرفة في بسط نفوذها فأنهم سيصنعون شرخا كبيرا في السعي للتقارب الحضاري بين المسيحية والإسلام تمنينا توديعه منه زمن الحروب الصليبية وما تلاها من حروب امبريالية وسيكون لزاما علينا ما دمنا قد عشنا في ألفة الحياة وخصوصية احترام مشاعر الآخر للآخر أن نبذل جهدا كبيرا في عزل داعش وأفكارها وعدم السماح لها في تأسيس ذلك السلوك الظلامي الذي هو يبتعد تماما عن الذي يسكن قلب المسلم اتجاه جاره المسيحي ، وربما صورة المسجد المشيد الى جانب الكنيسة في منطقة باب توما في دمشق هي الصورة الأجمل لهذا التعايش وكذا الحال في بغداد ومدن مصر .
الفعل الخطير هذا لاينبغي أن يدان فقط ، لأننا شبعنا من الإدانات التي لا تفي بالغرض ، وهي وحدها لن ترضي الفاتيكان والمجتمع الغربي ذو الأكثرية المسيحية عندما تتعرض رعاياهما لهكذا قسر وإجبار ، وعليه فأن وضع الخطط الكفيلة في مجابهة هكذا شكل من الإرهاب والقضاء عليه تكون الأكثر تأثيرا في ضمان امن الطوائف والديانات في مناطق ساخنة تشعلها داعش ومن يمول داعش واقصد في سوريا والعراق وما يترشح في القادمات من الزمن وربما تكون لبنان ومصر وليبيا والأردن الساحات الأقرب لصناعة فوضى تشابه ما يحدث في سوريا وصحراء الانبار والمناطق الغربية من العراق ، ومن بعض عود ثقابها ذبح خمسة مسيحيين مصريين من قبل جماعات مسلحة في ليبيا.
داعش تعشق يسوع ، على شكل فرض قسري لتعاليم وطقوس هي غير تعاليم وطقوس دينه ، عشق لايرضاه الدين الإسلامي ، لكن التفكير يرتضيه ويبشر فيه وأن نجح في ذلك فأن هذا ( العشق ــ الكره ) سيتحول الى منازلة وصراع حضاري جيد بين الشرق والغرب نحن في غنى عنه.