صدر البارحة مؤخراً من تحالف القوى العراقية بيان حول فشل وتعثر مباحثاته مع التحالف الوطني لاصرار الاخير على مواقفه بمعنى اصراره على التمسك بمفاصل السلطة واستمرار النهج الذي ادى الى خروج ثلثي العراق عن سيطرة الدولة . كما ان بيان التحالف الكردستاني ايضا لا يدعو للتفاؤل بتحقيق التفاهم وشرعة تشكيل الحكومة التي وعد العبادي العراقيين بها .
هذا يمثل عنصر ازعاج للقوى الدولية التي تريد التصدي لداعش ولكنها تريد حكومة تحضى بثقة العراقيين اولا لكي تستطيع تنفيذ الخطط الخطط التي وضعتها.
الى الان الموقف الامريكي العسكري تمثل بثلاثة تحركات :
اسناد القوات الكردية لاستعادة بلدات كردية فقدتها ، واسناد هجوم القوات الحكومية لاستعادة امرلي ، وضرب مواقع داعش حول سد حديثة .
وهذه المساهمة تمثل رسائل مهمة هي : ( لن نتدخل بقوات برية ، واسناد الاكراد لحماية الاكراد والشيعة لحماية الشيعة ونحن على استعداد لحماية السنة من داعش ) .
فاين هي القوات السنية التي ستقوم بهذه المهمة ؟ ، وهذا سؤال مهم وجهه الامريكان الى كثير من القيادات السنية والغريب ان اجاباتهم رغم ما عرف من خلافاتهم السابقة كانت واحدة ( داعش ارحم علينا من حكومة بغداد ) !!
التصدي لداعش لن يكون الا في اطار مشروع سياسي يكون للسنة فيه مكانة توازي ما للشيعة ولا يتحقق ذلك الا عبر الاقليم او ما يعوض عنه :
التكافؤ في ادارة الملف الامني شرط
تحرير المناطق السنية لا يكون الا من خلال قوات سنية حصرا وبتجهيز وتمويل كاف لحسم الصراع بسرعة
هذه المطالب يعتبرها التحالف الوطني تعجيزية لانها تلغي تفرده بحكم العراق الذي مارسه منذ حكومة الجعفري الى اليوم وهو غير مستعد للتخلي عنه
كيف يمكن معالجة هذا الامر المعقد؟
قد يعالج بتفاهم امريكي ايراني على الاستجابة لمطالب القوى السنية وبحدود متفق عليها ووعود بتحقيق غيرها .
وقد يعالج بارادة امريكية مستقلة بعيدا عن التفاهم مع ايران .
ولكن هل تستطيع الولايات المتحدة اهمال الموضوع وتركه للزمن انتظارا لحدوث ثورة داخل المناطق السنية ضد داعش هذا محتمل ولكن في ذلك مخاطرة .
وجه المخاطرة هو ما تتناقلة وسائل الاعلام من زيادة التعاطف الشعبي مع داعش رغم انحرافاتها الفكرية وسلوكياتها الاجرامية في كل من العراق وسوريا والاردن والسعودية ، والاخطر من هذا كله زيادة تعاطف الشباب الاوربي المسلم معها وتزايد المتطوعين منهم في صفوفها مما مثل قضية امن وطني على قدر كبير من الخطورة لبلدان اوربا
ان اخطر ما تواجهه الولايات المتحدة هو ان تغير داعش من نمط سلوكها وفكرها المتطرف فتصبح اكثر اعتدالا مع مخالفيها داخل المجتمع السني مما يجعلهم يؤثرون الحياد في هذا الصراع وعدم التفاعل مع الدعوة لمقاتلة داعش والامر ليس مستبعدا فكما ان داعش مثلت انقلابا على مفاهيم القاعدة التي بشر بها بن لادن والظواهري والزرقاوي فتحولت من مشروع اممي لمقاتلة الولايات المتحدة الى مشروع اقليمي لاقامة الدولة الاسلامية التي فشلت التيارات الاسلامية التقليدية في تحقيقها فانها يمكن ان تنتقل نقلة نوعية اخرى بتحقيق مصالحة داخلية تحمي بها المناطق التي سيطرت عليها وتعزز دولتها الجديدة .
هل يمكن تحقيق ذلك لا نستطيع التكهن ولكن الذي نراه ان الولايات المتحدة في عجلة من امرها وان العلاج لا يمكن ان يتحقق عبر الدولة العراقية حتى لو وقفت ايران المنهكة بكل ثقلها معها وهي امام اختيارين اما الضغط على التحالف الوطني للقبول بالمطالب واسناد السنة المعتدلين او الدفع باتجاه توسيع مساحة الاضطراب لخلط الاوراق مع كل يحمله ذلك من مخاطر .وسننتظر لنرى ماذا تحمله الايام من جديد