23 ديسمبر، 2024 1:41 ص

ليس «داعش» ظاهرة جديدة من المنطلق الفكري والجرائم التي ارتكبها، لاولئك الذين لديهم معرفة بسيطة عن  السنوات الخمسين الأخيرة في تاريخ إيران. بل هو استمرار لظاهرة أخرى ولدت عام 1979 في إيران. تكللت نضالات الشعب الإيراني ضد النظام الملكي عام 1979 بالنجاح بعد مرور الصعاب المفعمة بالعواصف والخطوب مما أدى إلى الإطاحة بنظام الشاه. الا انه بسبب بعض المثالب في الثورة خاصة في مجال وجود عنصر قيادي ومنظمات رائدة من جهة حركة إنتهازية  من قبل التيار الديني بقيادة خميني ومن جهة أخرى لم تجد الثورة فرصة لبلوغ ذروتها. لذلك جاء من جديد نظام ديكتاتوري أسوأ  ومن النوع  الديني على السلطة في إيران.  لو كانت الثورة تستمر نحو الكمال و تحقق اهدافها الرئيسية والحقيقية اي سيادة الشعب بسبب موقع إيران التاريخي في المنطقة لكانت تضع مسلكا آخر مقابل دول المنطقة التي كان من شأنها أن يختلف بكثيرمما هو عليه الآن. الا انه وبسبب مجئ نظام ديكتاتورية دينية على السلطة بدلا من النظام الملكي  تحول الشرق الأوسط  إلى ساحة لصولات وجولات التطرف الديني ويعاني المجتمع البشري الحالي منه.  وكان في السنوات النهائية  لنظام الشاه عناصر قيادية للمنظمات النضالية ضد الشاه اي «منظمة مجاهدي خلق» و«منظمة فدائيي خلق» كانوا مسجونين. وفي هكذا أجواء إستغل خميني المشاعرالدينية لدى المواطنين وسرق الثورة وجميع انجازات نضالات الشعب الإيراني وقمع الأحزاب والمنظمات وقتل أنصارها وبدد الطاقات الهائلة للمجتمع الذي كان من الممكن أن تكون قدوة لدول المنطقة في اعماله التوسعية وتصدير الإرهاب.

ولم يكن خميني يمثل الشعب الإيراني ومطاليبهم قط. و كان له قواسم مشتركة  عديدة مع نظام الشاه بشأن انتهاك حقوق المواطنين منها حقوق النساء و حقوق الأقليات الدينية والقومية ولذلك لم يصدر «فتوى» للجهاد ضد الشاه قط. الا انه وفور وصوله للسلطة صدر فتاوى ضد المواطنين و الثوار في إيران وبدأ جرائمه في كل المنطقة.
ووعد خميني قبل انتصارالثورة للشعب الإيراني في عام 1979 وعودا معسولة عديدة للايرانيين الا انها كانت مجرد لمخادعة الناس. كان يقول بعد عودته إلى إيران لن يتدخل في شؤون الحكومة الا انه قد منع رسميا  المرشح  الشعبي الوحيد المؤيد من قبل القوى الديمقراطية  آنذاك لأول إنتخابات رئاسية  أي السيد «مسعود رجوي» الذي كان يحظى بتأييد أغلبية ساحقة من الشعب الايراني بمن فيهم المواطنون الأبطال في كردستان .

وصدر خميني«فتوايين» في أول أشهر بعد إنتصارالثورة 1979. كانت الفتوى الأولى ضد «منظمة مجاهدي خلق» والأخرى ضد «المواطنين في كردستان» وعلى اثر ذلك تعرض فورا أنصارمجاهدي خلق في عموم أرجاء ايران للإعتداءات وأعمال القتل وكذلك تعرض المواطنون الكرد للإبادة البربرية في كردستان. الإبادة التي استمرت ليومنا هذا.

كان خميني يريد باشعال حرب مدمرة في العراق ثم في شام (سوريا) يمهد الأرضية  لتحقيق حلمه في تأسيس الإمبراطورية الإسلامية التي تتكون من الدولة الإسلامية الإيرانية والعراق وشام (دااعش).

الا انه لم يتحقق حلم خميني له ولأخلافه. وقطعا يعود السبب الرئيسي انه لم يتمكن من تثبيت نظامه في إيران بسبب وجود منظمة مناضلة مناهضة للتطرف تماما اي منظمة مجاهدي خلق التي لها جذور في المجتمع الإيراني وزادت قدراتها خلال مجريات الأحداث وسيرالنضال ضد النظامين الديكتاتوريين اعتمادا على نفسها و شعبها كما يذعن بهذه الحقيقة رموز النظام مرارا وأعلنوا دوما أن مجاهدي خلق يشكلون تهديدا رئيسيا لهم.

اذا ليس «داعش» و«دااعش» تيارين متخاصمين بل الأول عراب الإرهاب والثاني ولد من رحم الأول. ونرى بوضوح متشابهات  في الفكرة والعقلية بينهما وكذلك تكتيكاتهما وآلياتهما في العمل ومدى بربريتهما في الجرائم وتظهر كل هذه النقاط  العلاقة بين هذين التيارين. وحاليا بعد مرور 3 سنوات من ظاهرة «داعش» قد أصبح واضحا للجميع أن «داعش» ولد من «دااعش» وطبعا قد ساهمت سياسة وستراتيجية الغرب الخاطئة في المنطقة في تنمية تلك الظاهرة المشؤومة.
@m_abdorrahman