تابعت و اتابع ماينشر ومايقال عن الهجمات التي نفذها مسلحون في الموصل وباقي المدن منذ ثلاثة ايام ومازالت , ويعد مقبولاً ان تنسب تلك الهجمات في اول يوم الى (داعش) لوحدها , لكن اتضاح الصوره والاخبار التي ترد من الموصل ومن باقي المدن , تظهر حقيقة اخرى لم اجد لها صدى عند كثير من وسائل الاعلام العراقية والعربية والعالميه , وبعيداً عن اسباب الابتعاد عن المهنية والموضوعية في نقل الحقيقة للناس , فأني أود توضيح الامر كما أراه انا , ولا ادعي انها الحقيقة المطلقه .
هناك حلف مرحلي تم في غفله عن اعين استخباراتنا العتيده , هو من قام بالتخطيط لهجوم كاسح في المحافظات ذات الاغلبيه السنيه سعياً لقلب النظام السياسي بأكمله . الحلف يتكون (برأيي) من ثلاث تنظيمات رئيسيه:
1. حزب البعث ( جيش الطريقه النقشبنديه) .
2. هيئة علماء المسلمين ( كتائب ثورة العشرين )
3. داعش .
( داعش ) على مايبدو اكتفت بتعليق راياتها في بعض المناطق في مدينة الموصل , وبتواجد قليل جداً لافرادها , ويبدو ان ذلك الحلف الذي لانعرف بنوده , يتيح لكل طرف ان يتصرف بالطريقة التي يؤمن بها على قدر تواجده ومشاركة افراده , اذ فوجيء الموصليون باختفاء المظاهر التي توقعوا ان يروها , كعمليات القتل والاعدام وحفلات الجلد الصاخبه وتعليمات الدولة الاسلامية العجيبة الغريبه , بل انهم فوجئو بافراد منضبطين يسعون لمساعدتهم على مواصلة حياتهم , بمقاتلين ينظفون الشوارع وينظمون السير ويفتحون محطات الوقود ويوجهون نداءات للخبراء والفنيين للالتحاق بدوائرهم واماكن عملهم لتمشية امور الناس الخدميه . فيما نسمع على الجانب الاخر بتصرفات تذكر باسلوب داعش التقليدي , اذ تحدثت انباء عن اختطاف القنصل التركي .
القوه الرئيسيه التي قامت بالهجوم ومن يمسك الارض الان في الموصل وتكريت هم في اغلبهم من (النقشبنديه) , واسلوب الهجوم لم يكن بزحف جيش باتجاه المدن السنيه نزولا الى بغداد , بل بوجود خلايا نائمه تنتظر الامر لبدء الهجوم في مناطقهم , وهذا ماحصل في القياره والشرقاط والحويجه والزاب وبيجي والدور وتكريت .
القوات المذكوره حققت نصراً واضحاً وسهلاً في تلك المناطق , لانها مناطق سنيه , عانت ماعانت من ممارسات تعسفية وقهر واذلال على يد قوات الجيش والشرطه والحكام المحليين الفاسدين , وبدا ذلك جلياً في ترحيب وتهليل ابناء تلك المناطق بالتغيير الذي حصل, لكن تلك الفرحة والابتهاج لن تكون سمة ثابته مع نزول موجة الهجمات نزولاً باتجاه بغداد , فالهجوم في سامراء لن يكون كالهجوم في تكريت , ففي سامراء ذات الاغلبية السنيه يوجد المرقدين المقدسين ومايمكن ان يتسبب به القتال اذا اقترب منهما من اثارة واستفزاز وسهولة تجييش لمقاتلين شيعه , نزولا الى بلد ذات الاغلبية الشيعيه , تليها مناطق التاجي ذات الطبيعة السكانية المختلطة , اذ يكون القتال فيها سبباً لاثارة قتال طائفي لانرى ملمحاً له الان في المناطق التي انسحب منها الجيش .
الانضباط العالي والتعامل الجيد مع المواطنين الذي اظهره مقاتلو النقشبنديه قد يوحي بالحكمة والتخطيط الجيد وهو امر يوحي بأن قادة تلك القوات درسوا كل الاحتمالات , فقد يكون القرار الاحتفاظ بمحافظات نينوى وصلاح الدين والانبار وادارتها بشكل منفصل , عندها ستكسب تلك القوات ولاء سكان تلك المناطق , لانها انقذتهم من قوة غاشمه اعتادت على اهانتهم واعتقال وقتل ابنائهم , وقد يتبلور الامر فيما بعد الى اقليم او كيان كونفدرالي , اما اذا اختار قادة تلك القوات ان لايوقف هجومهم الا بالهجوم على المنطقة الخضراء , فالامر لاتحمد عقباه ابداً , اذ سيسير بالبلاد نحو حرب طائفية جديدة يكون اشراك ايران فيها مسألة حتميه وستكون نسخة من الحرب في سوريا .
ولعل التحدي الابرز امام نجاح تلك الهجمات ومااحدثته من واقع جديد على الارض , يتمثل في مدى صلابة وصمود هذا الحلف غير المتجانس , اذ باشتداد المعارك وبمرور الوقت , تزداد احتمالات التقاطع في وجهات النظر بين تلك التنظيمات الثلاثه , وهذا امر متروك بما ستواجهه من مقاومه .