في الاول من تشرين الثاني عام 1869 افتتح الخديوي اسماعيل باشا دار الاوبرا المصرية في احتفال رسمي اقيم بمناسبة افتتاح قناة السويس وبعد اكثر من مائه وخمسون عاما وبالتحديد في عام 2013 وضع وزير الثقافة العراقي السابق الخديوي سعدون الدليمي الحجر الاساس لدار الاوبرا والمجمع الثقافي وبكلفة اجمالية تصل الى 169 مليارا و 650 مليون دينار عراقي والذي كان مقررا ان ينجز هذا المشروع خلال 18 شهرا .. دار الاوبرا المصرية صممها المعماريان الايطاليان بيترو افو سكاني وروتسيي وصنعت من الخشب في مدة ستة اشهر فقط وكلف بناؤها مليونا وستمائة الف جنيه مصري وهو مبلغ ضخم بالنسبة لاسعار ذلك الزمن .. وبين بناء دار الاوبرا المصرية وبناء دار الاوبرا العراقية حديث طويل .. فقد كانت اول معزوفة وقع الاختيار عليها في حفل افتتاح دار الاوبرا المصرية الموسيقار الايطالي جوزيبي فيردي وحضرته الامبراطورة اوجيني زوجة الامبراطور نابليون الثالث فيما كانت اول معزوفة عزفت عند وضع الحجر الاساس لدار الاوبرا العراقية معزوفة الموت للموسيقار الداعشي ” ابو فرهود الشيشاني ” وحضرتها ” حسنة ملص ” ..دار الاوبرا المصرية تولى ادارتها ومنذ افتتاحها شخصيات اجنبية فيما تولى عملية الشروع بانجاز دار الاوبرا العراقية مجموعة من السراق والمحتالين من ذوي الخبرة والاختصاص في عمليات سرقة المال العام ومنهم طبعا عازف السمفونية ” ابو فرهود الشيشاني ” .. دار الاوبرا العراقية باتت حلم مفقود بعد ان ترك السراق وحال الشروع بالعمل وعلى انقاض حديقة مطلة على نهر دجلة ارض جرداء اكثر قبحا من ارض جرت فيها معارك عسكرية فتركتها ” تلال من الاتربة والاخاديد والحفر ” حتى باتت للناظر وكانها مكبا للازبال وسط العاصمة بغداد التي يراد لها ان تكون عاصمة الثقافة العربية .. والمضحك المبكي ان مشروع انشاء دار الاوبرا الذي كان مقررا له ان ينجز من قبل الشركة التركية ” روتام كروب ” بمدة اقصاها 540 يوما وباسلوب تسليم المفتاح ما زال معطلا فلم يرَ المواطن المفتاح ولا التفاح الذي اخرج النبي ادم وحواء من الجنة .. ورغم التبريرات الغير مقنعة التي قدمها المسؤولون في وزارة الثقافة عن اسباب توقف العمل لكن الامر لايخلو من عملية اختلاس خطيرة حيث تم احالة ملف المبنى الى هيئة النزاهة للتحقيق حول مصير 19 مليار دينار عراقي صرفت منذ بدء العمل تكاد تكون معدومة على ارض الواقع بعد ان تملصت الشركة التركية عن المشروع وهربت الى خارج العراق ” و ضاعت الصاية والصرماية ” ورغم التصريحات والتلميحات التي يطلقها بين الفينة والاخرى اشخاص يحتلون مناصب مهمة في هيئات مختصة بالنزاهة الا ان هذه التصريحات بقيت حبرا على ورق ولم تسفر عن تحقيق بصيص أمل لاسترجاع الاموال المسروقة من قبل الشركة والتحقيق مع الجهات المشرفة والمنفذه للمشروع واتخاذ الاجراءات اللازمة لاسترجاع الاموال واحالة المتورطين الى القضاء ..
ومن الملفت ان موقع دار الاوبرا يجاور مبنى في غاية الروعة والجمال اتُخِذَ مقراً لنقابة الصحفيين العراقيين .. هذا المبنى وعند استلامه كان عبارة عن بناية خربة ايلة للسقوط استطاعت نقابة الصحفيين العراقيين وخلال فترة قصيرة ان تجعل منه صرحا حضاريا شامخا بعد ان قامت باعادة تصميمه وترميمه بشكل حضاري جعله من اجمل الابنية الشاخصة في بغداد تحيط به حدائق غناء باشجارها وازهارها وضمن امكانيات النقابة المالية البسيطة المستحصلة من اشتراكات الصحفيين .. ورغم تأكيدات المسؤولين في وزارة الثقافة ان المنجز من مشروع دار الاوبرا لايتجاوز واحد بالمئة وان اختيار الشركة التركية شابه الكثير من اللغط منذ بداية احالة المشروع لها وان الوزارة قامت بسحب العمل من الشركة لعدم جديتها الا ان الاجراءات القانونية المتخذه بحق الشركة التركية لاسترجاع الاموال العراقية ما زالت دون مستوى الجدية و يشوبها الشك اضافة الى التقصير في محاسبة المتورطين في افشال تنفيذ هذا المشروع الثقافي وغالبيتهم سماسرة وما فيات لسرقة المال العام .. وانا لله وانا اليه راجعون