في زمن الفتن ( مع الاسف) تتقدم لغة ورجال العنف والكراهية على لغة ورجال وقادة العقل والحكمة والتوازن وعندما تتقدم لغة الاحقاد بدلا من لغة العدل ، والحكمة يتراجع بطبيعة الحال التفكير المتزن وعقلية الدولة لتخلي مكانها للغة الانتحار والعصبية وعقلية المؤامرة والفوضى !.
لاريب ان الشعب المصري ، قام بثورة على حكم الاخوان المسلمين تحت وطأة مبررات نبيلة واخلاقية مئة بالمئة ، وكان الاسلوب السلمي للثورة بالاضافة الى الاخطاء الكارثية ، لحكم الاخوان المسلمين نهرين صافيين لاستقطاب الدعم الدولي والاقليمي الجماهيري العربي لمشروعية ، ودعم هذه الثورة المصرية التي جددت ذاتها لتعلن رفضها للهمجية والظلامية والتكفيروالاصولية الفاشستية كما اعلنت رفضها على الفرعونية الفاسدة والمستبدة لحكم مبارك المباد من قبل !!.
لكن وعلى حين غرّة بعد انتصار هذه الثورة الشعبية الهائلة بدأت هناك بروزنتوءات غيرايجابيةعلى وجه الثورةالمصرية السلمية تتجلى بخطاب الكراهية وهي تطفوا على سطح الخطاب السياسي والاعلامي المصري بفعل رجوع (ملثم) لانصار الرئيس المصري المخلوح حسني مبارك الذي وجد الفرصة امامه سانحة ، لتصفية (حسابه التاريخي) مع دور الاخوان المسلمين ، الذي ساهم من وجهة نظر انصار (الدولة العميقة) في مصر باسقاطهم في الخامس والعشرين من ينايرسنة 2011م !!.
كان اعتصام رابعة العدوية للاخوان المسلمين ، ومطالبتهم بعودة لبنهم المسكوب في الحكم شيئا خرافيا وليس له اي رصيد من التحقق الواقعي ولا يشكل في حقيقته اي خطر على الثورة ، وحكومتها الانتقالية الجديدة التي يدعمها اكثر من ثلاثين مليون نسمة نزلوا دعما لها ولمشروعيتها الداخلية والاقليمية والدوالية !!.
والحقيقة كانت الرؤية الحكيمة ، والثاقبة والمتوازنة ، التي طرحها نائب الرئيس المصري محمد البرادعي ، لحلحلة مشكلة الاعتصامات الاخوانية ذاهبة في هذا الاتجاه ، من التعامل السياسي مع معتصمي رابعة العدوية من انصارالرئيس الاخواني المخلوع مرسي وهي رؤية لاشك انها تصدر من رجل دولة يحاول ان يبني لمستقبل مصر ،وشعبها اكثر منها محاولة لأستحضار الماضي والمناداة بثآراته البغيضة وصناعة حروب لامنتصر فيها ابدا !!.
اطيح ( مع الاسف ) براي حكيم مصر ((الدكتور محمد البرادعي)) لتتقدم عليه لغة العسكري والامني اللاسياسي الذي كان ولم يزل سببا لاكثر من كارثة في تاريخ مصر الحديث !!.
كانت الخطوة الانفعالية واللامتزنة الاولى لعسكر مصر ، والتي تعتبر هي اول راس فأس يضرب جسد ونقاء الثورة المصرية الشعبية عندما دعت قيادة هذا الجيش لنزول الشعب المصري لدعم (( محاربة الارهاب )) كما زعمه خطاب الجيش المصري ، ولا اعلم حقيقة كيف جرأت هذه القيادة العسكرية على صناعة (سابقة سياسية) لم يسبقهم اليها احد من العالمين وهو : (( طلب الشرعية لممارسة القتل العشوائي ، تحت ذريعة مناهضة الارهاب )) !!.
نعم ندرك ان تطلب الشرعية الجماهيرية سياسيا للاطاحة بحكم فاسد او لتبديل دستور في دولة ما او لانشاء مشروع له علاقة بسيادة ومصير الشعب او …فكل هذا يمكن الطلب فيه من الشعب ان يصنع استفتاءا او يقوم بتفويض سياسي للدولة او ان يناصر ثورة للاطاحة بحكم ظالم !!.
اما ان يطلب من شعب ، كالشعب المصري ان يخرج في عملية استفتاء جماهيرية و( يستغفل بهذه الطريقة من صناعة الفتن) لادارة ماكنة القتل لمعتصمين لايمتلكون سوى الصراخ والعويل ؟.
فهذا شيئ ، لم نسمع به ، ولم نطلع على الاقدام عليه من قبلُ في ادبيات العالم السياسية القديمة اوالحديثة باستثناءطبعا اساليب الطغاة والجرمين المخادعةالتي لاتطلب من الشرعية الجماهيرية غيرالتسلط والقتل وسفك الدماء والهيمنة !!.
وهذا في الحقيقة كان اول مؤشريدلل على الانقلاب على الثورة المصرية ومكتسباتها قبل ان يدلل على هستيريا عسكرية لم تعد قادرة على التفكير السياسي المتوازن ، الذي يضمن للشعب المصري الاستقرار والنجاة من الفتن في زمن (( ندرك جميعا )) انه واقع تحت ادارة عتاة قادة الفتن في المنطقةالبترولية الخليجية خدمة لمشروع تمزيق المنطقة وتدميرشعوبها والى الابد !!.
لاريب عندي(( كما كتبته من قبل )) ان حكم الاخوان المسلمين وادارتهم للدولة المصريةكان من اسوأ انواع الحكومات التي حكمت مصرفي القديم من الزمان وفي الحديث منه كما انه لاريب عندي ان الاخوان المسلمين بعد فشلهم الذريع في الحكم واسقاط الشعب المصري ، (( وليس الجيش وانقلاباته اللاشرعية)) لتجربتهم اللاسلامية قدوجهت اليهم ضربة لايمكن ان يقوموا منها ، لمئة سنة قادمة ، الا ان يتمكنوا من جديد بادارة خلط الاوراق وقلب الطاولة على راس الشعب المصري ليمتهنوا (( الاخوان وانصارهم من السلفية التكفيرية )) دور المظلوم بدلا من الظالم ، ودور صاحب الشرعية بدلا من الفاقد لها !!.
وبالفعل كنت انتظر ان يبقى الاخوان بمخطط اعتصاماتهم (الصوتية ) في رابعة العدوية وغيرها من الميادين المصرية على امل ان يمارس الجيش المصري ( كعادته ) اخطاءه الكارثية في تاريخ مصر الحديث ، منذ حكم جمال عبد الناصروحتى اليوم لينجر الى معركة داخلية تافهة وعبثية تعيد للاخوان غالبية شعبيتهم وشرعيتهم الدولية والاقليمية ، وحتى الداخلية المصرية ، التي فقدوها من خلال ثورة الشعب المصري عليها !.
وبالفعل وقع ما خطط له الاخوان المسلمين ، والسلفية التكفيرية بالضبط من خلال غباءالقرارات العسكرية المصرية المشهورة في تاريخ هذا البلد ليفض اعتصام رابعة العدوية وباقي الاعتصامات الاخوانية في مصر من خلال حمامات دم ومسالخ بشرية لايمكن للعصر البشري الحديث ان يقبل بها ابدا او ان يمارس ربعها على حيوانات سائبة في الشوارع فضلا عن ارواح رجال ونساء واطفال وعجائز وعوائل …. كانت متواجدة في هذه الساحات لاتمتلك غير الاصوات وبعض الصلوات وباقي طقوس العاجزين لاغير !!.
وماهي الا وصول صور المذابح لوسائل الاعلام العالمية ، واذا بالمزاج العالمي السياسي يتغير راس على عقب وتصدر الادانات البشرية من كل حدب ، وصوب ضد ممارسات الجيش ، ويجتمع مجلس الامن ليدين هذه المجازرالتي قامت بها بالفعل داخلية مبارك وبلطجيتهاالمأجورين لتصفية حساباتها الانتقامية مع الاخوان المسلمين ، وانصارهم ولتورط من خلال هذه المذابح المروعة الجيش المصري ولتمرغ فيما بعد ذالك صورة هذا الجيش وسمعته وكذا لتنحر سمعة ثورة الشعب المصري ونقائها بافضع مستنقع آسن في تاريخ هذاالبلد !!.
ان ما يقلق الان حقا هو، ليس فقد الثورة الشعبية المصرية كرامتها امام العالم لتتحول الى ثورة حقد وانتقام بعد ما كانت ثورة حياة وبنء ومحبة !!.
وليس ما يقلق الان سمعة الجيش المصري الذي تلاعب به قرار لايصدر الا من اناس غابت عنهم الحكمة ، والتدبير في ازمة لايخلّص مصر منها غيرالحكمة والتدبير !!.
كما انه : ليس ما يقلق الآن انتصار المخطط التكفيري ، والاخواني الذي استعاد الكثير من صورة شرعيته المتهرئة من خلال جهل قيادة عسكرية تدخل قرارها بالشؤون السياسية ليدمر كل شيئ وليعيد للفاشست الظلامي التكفيري زمام المبادرة وينعش حياتها وروحها التي ازهقت بفعل الثورة الشعبية المصرية السلمية !!.
بل ما يقلق الان حقا هودخول مصر بشعبها في دوامة فوضى لايمكن لها ان تتوقف بعد اليوم ، ولن يستطيع لا السيسي ، ولا غيره ايقاف عجلتها الا باحداث لاتقل عن حادث المنصة في الثمانينات ،التي خرج منها شعب مصر باكمله بعد معركة طويلة مع الارهاب والتكفير لم يكن النصر لاحد على الاطلاق !!.