22 ديسمبر، 2024 10:29 م

بدأ التنظيم الإرهابي نشاطه تحت مسمى ” الدولة الإسلامية في العراق والشام” وعرف اختصارا بـ “داعش” وأصبحت هذه التسمية “ماركة مسجلة”:
” Islamic state in iraq and syria”. ومختصرها :(ISIS) (وأخذت شهرتها بشكل واسع وطغت على المسميات الإرهابية كلها، المتحالفة معها أو المعارضة لها… وأول انطلاقها كان من الشام مستغلة أوضاع الحرب هناك والثغرات الكبيرة عسكريا وسياسيا، ثم استثمرت نقاط ضعف الحاكمين في العراق وعدم انسجام نظامهم الذي بني على أساس واه عنوانه: ” المحاصة الطائفية والإثنية”، والفساد الواسع في كل أجهزة الدولة، والسخط والتذمر، الذي شمل أبناء شعبنا في الموصل وصلاح الدين والأنبار وضواحيها وأجزاء مهمة من إقليم كردستان، جراء سياسة التهميش والكيل بمكيالين، من قبل الحكومات السابقة، التي لم تتعامل مع المطالب المشروعة بحرص شديد، بل عولجت بروحية طائفية مقيتة، مما مهد الطريق السالك لتمدد هذه العصابات في داخل العراق…

وبعد أن حقق تنظيم “داعش” نجاحات على الأرض العراقية، غير اسمه إلى تنظيم الدولة الإسلامية (Islamic State) وأصبح مختصره (IS) (دا) وغيرت الصحافة الغربية تسميتها لهذا التنظيم، لكن صحافتنا العربية ودول الجوار بقيت تطلق عليه تسمية داعش IsIs ، وربما ظنت واهمة أن خطر هذا التنظيم سوف لن يتعدى حدود سوريا والعراق، وسارت على نهجها الصحافة العراقية، وإعلامها الرسمي في الترويج لمصطلح داعش .

لم يكن تغيير الاسم من قبل ” التنظيم” بدعة أو اعتباطا ، إنما هو تعبير عن هدفهم الاستراتيجي وحلمهم في تشكيل دولة الخلافة الإسلامية التي تشمل العالم كله، وهذا يعني أن إرهابهم سوف يطال كل بقعة في الأرض يتمكنون من الوصول إليها ، وهذه الحقيقية يعرفها الغرب ولذلك يسعون لدحره حماية لمصالحهم في المنطقة وفي ديارهم أيضا، وهذه الحقيقة تعرفها دول المنطقة أعرابها وأعاجمها ومن هنا أن (دا) وإذا ما مددنا في صوتها (داااء) تصبح (داء) فتكون اسما على مسمى فهي في الحقيقة داء ديني بما تحمله من ” دين” متخلف لا يمت للدين المعتدل المتسامح بصلة فهو نموذج شاذ لا ينسجم مع العصر المتطور ولا مع أي دين سماوي أو أرضي شريعته قتل الآخر وان كان من مذهبهم ناهيك عن الأديان والمذاهب الأخرى، الذين تعرضوا لأبشع أنواع القتل والتنكيل والتهجير القسري وهذا التنظيم لما يتمكن من

الحكم بعد، ولم تستقر له الأمور، فكيف سيكون مصير المذاهب والأديان والأحزاب والاتجاهات الفكرية والسياسية التي تختلف معه جملة وتفصيلا، إذا ما تمكن ؟

وعلى هذه الأسس يكون (دا) داء يستهدف الدين والسياسة والاقتصاد والمجتمع والأخلاق، وهو داء عابر للحدود يهدد مصالح كل دول العالم سواء بالاحتلال المباشر أو بضرب مصالح الدول في عقر دارها وفي مقدمتها دول منطقة الشرق الأوسط ، وهو مثابة ناقوس إنذار للجميع، الذين تقع عليهم مسؤولية درء هذا الخطر الذي يهدد كثيرا من الحكومات والشعوب أو يقض مضجعهم، فيطالهم جزيا أو كليا، مما يتطلب من هذه الحكومات والشعوب أن يتصدوا بحزم ونبذ الاستهانة به وبإمكانياته التي توفرت له على مستوى التسليح والأموال المتدفقة إليه والوقود وعدد المتسللين عبر الحدود من الخارج، وما تسمى بالحواضن من الداخل.

ومع ذلك فمهمة دحر هذا (الداء) ليست صعبة إذا ما تضافرت كل الجهود الخيرة والمتضررة أو التي ستتضرر حتما جراء تمدده على الأرض، لكن القضية ليس فقط دحر الإرهاب بالنصر العسكري نحتاج إلى وقت لاستئصاله وجذوره من الفكر والسلوك وتخليص المتورطين والمضللين من تأثيراته وهذا يتطلب إجراءات كثيرة على مستوى الثقافة والإعلام والتربية والتعليم العالي وربما في مقدمتها تلبية حاجات الناس والشباب المعاشية وحل مشكلاتهم التي لا تعد ولا تحصى وتوفير الأمن والسلام والحريات العامة واحترام الإنسان وصيانة كرامته ودحر الفساد بكل أنواعه، لكي يشعر الفرد المواطن بالإعتزار بوطنه ونظامه والتصدي بكل حزم للإرهابيين والفاسدين، وهذه المهمات لا تتحقق إلا في ظل الدولة المدنية الديمقراطية؛ دولة المواطنة العراقية والعدالة الاجتماعية.