تنقسم الطبقة السياسية إلى فئتين: أحدهما, تلك التي خبرت العمل السياسي قبل عقود من التغيير, وهذه الفئة, أو أغلبها, تمتلك ثوابت وأصول مبنيّة على أسس لا يمكن التلاعب بها..الفئة الثانية الأخرى, أنضوت تحت لواء هذه الجماعة أو تلك الكتلة و الحزب, بعد سقوط النظام بعدة سنوات, بعضهم لا يعرف من السياسة شيء سوى الخلاف والحديث التلفزيوني..!
من البديهي, إنّ للطوائف والمكونات ممثلين أعم من قادة العمل السياسي, رغم كون الساسة يمثلون ثقل لا يستهان به, لكن, لا يمكن ربط مصير مذهب أو مكون بشخص, حاكم كان أو نائب أو وزير أو تحت أي عنوان كان..ومن المجحف أن يُنصِب أحداً نفسه ممثلا عن مكونه, راكلاً بإقدامه مصلحة الجماعة لحساب الفئة, وهذا يعد إستخفاف بقدرات ومستقبل المكون, إضافة إلى ربط مصير مكون كامل بثقله التاريخي, والأجتماعي, والثقافي, بشخص؛ إذا أختفى سقط المذهب..!
التحالف (الكردي-الشيعي) يمتاز بما يجعله ضماناً لوحدة العراق وتراصف مكوناته في المستقبل, حيث إن هذا التحالف مبني على عوامل غاية في الروعة, أبرزها الإشتراك بالمظلومية عبر تاريخ العراق المعاصر, والعمق التاريخي لهذا التحالف, إضافة إلى تدعيمه بمواقف أرتقت لمستوى العمل المشترك..الميزة الأهم, إنه ليس تحالفاً موجهاً ضد طرف معين؛ إنما هو أنموذجا للتعايش والوحدة المبنية على إحترام الخصوصية, دون الخلاف على التفاصل والدقائق التي لا ضير إن حدث إختلاف إثرها, طالما بقيَّ داخل الأروقة الخاصة..يذكر إن محاولات سابقة لتشكيل تحالف إستراتيجي أوسع, يضم (الشيعة, الكرد, والسنة).
مع توقف مشروع إنبثاق حلف جديد؛ بإنضمام المكون السني إلى محور (شيعة-كرد), حدث تصدّع خطير في التحالف الذي كان يوصف بالأستراتيجي, ناتج من طريقة (دولة القانون) في إستفزاز الكرد إعلامياً, للحصول على تأييد شعبي, فعوضاً عن سعي السلطة للإستقرار, تقوم بإثارة مخاوف مكوناتية تزيد في الأزمة تفاقماً!..بعد وثيقة الشرف التي يحتاجها المالكي أكثر من غيره, أملاً ببقاء خيار قبوله من الكرد قائماً, أستلمت السيدة حنان الفتلاوي لواء الهجوم العروبي ضد الكرد, ويبدو إن إباحة شرف الوثيقة راق كثيراً لسيدة يجب أن تبتعد عن مسائل الشرف (وفق العرف العراقي)..!
في الوقت الذي يئن به الشعب من سياط الأزمات التي تلسع ظهره بشكل موجع, تتصدى أمرأة, كل مؤهلاتها سلاطة اللسان, بمعولها لتهديم بناء قارب عمره على القرن, بُنيَّ بدماء..!
إن النائبة حنان الفتلاوي, إذ تسيء للكرد؛ فهي تقدم خدمة كبيرة للإرهاب الساعي لتمزيق العملية السياسية لإعمام الفوضى في البلد, وعلى التحالف الوطني, بإعتباره يمثل مكون الأغلبية, لجم هذا الصوت النشاز الذي يعدّه الآخر صوتاً شيعاً مستهدفاً لهم. العلاقة بين مكونات الشعب الواحد, لا يمكن إختزالها بتخرصات سيدة لا تمثل إلا رقماً تعويضياً في (كوتة النساء), فلا يحقُ لها تقرير مصالح طائفة. وإن كان لها رأيها الخاص, فذاك البرلمان ولتطرح ماشاءت أمام الكرد.
قيل ذات مرة للملكة (ماري أنطوانيت) زوجة لويس السادس عشر ملك فرنسا: الفقراء لا يجدون خبزاً..فقالت: ” إذا لم يكن هناك خبز للفقراء, دعهم يأكلون كعكاً”..الشيعة يقولون: إتركوا المهاترات مع السنة, فتجيب النائبة حنان الفتلاوي:”إذا تركنا الخلافات مع السنة, فعلينا بمهاجمة الكرد إذن”..!
من يدري, قد تواجه النائبة الفتلاوية مصيراً مشابهاً لما حدث لملكة فرنسا والملك وإبنهما..!