23 ديسمبر، 2024 5:45 م

خير وسيلة للدفاع الهجوم..الفلوجة

خير وسيلة للدفاع الهجوم..الفلوجة

اشتهر تداول تلك المقولة في الوسط الرياضي حصرا, واعتبرت الوسيلة الوحيدة الممكنة لضمان الفوز والمحافظة عليه في المنافسات الرياضية الفرقية,
لكنها بالطبع ليست كذلك, انما هي فكرة ومفهوم عسكري قديم كما يبدوا,استعمل من قبل الجيوش القليلة العدد او العدة,بغية ابعاد ومباغتة العدو ,وايقاع اكبر خسائر ممكنة في صفوفه,قبل ان تصل المرحلة الى ذروتها في الاشتباك المباشر عند الخطوط الفاصلة بين المتخاصمين(لكنها قطعا ليست قاعدة ثابتة دائما),ففي التكتيكات العسكرية التي استخدمها نظام صدام السابق في حربه ضد الجارة ايران عام 1980
استخدم اسلوب الهجوم حتى وصلت مدافعه حدود العاصمة طهران,ولكن بعد ان فشلت مهمته الموكلة اليه من قبل الامبريالية العالمية,المندفعة في مشروع اسقاط النظام الثوري الجديد في ايران,ومع تزايد اعداد المتطوعين الاستشهاديين في الجيش التعبوي الايراني الحديث,تراجعت قدرات نظام البعث البائد وتقهقرت معنويات مقاتليه(ومعركة المحمرة-خرمشهر شاهد على خسارة الحرب), فعاد الى حدوده الدولية المتفق عليها مع شاه ايران (المعروفة باتفاقية الجزائر 1975),وبدأ يخسر اراضيه في عدة جبهات منها حلبجة في الشمال والفاو في الجنوب,وبعد عدة سنوات وبمساعدة عسكرية ومعلوماتية مقدمة له من قبل الجانب الامريكي والاوربي استعاد مناطقه المحتلة بفعل اسلوب الهجوم المباشر على القوات الايرانية الدفاعية(علما ان المسلمين انتصروا مع الرسول محمد ص في معركة بدر لانهم المهاجمين ,وخسروا في احد لان قريش كانت هي المهاجمة),
وهكذا نفس الاسلوب تكرر في حرب عاصفة الصحراء عام 1991
,حيث اعتقد صدام ان الصمود والدفاع في خطوط مؤمنة نسبيا, ستكون وسيلة ناجحة لاستنزاف قدرات العدو في المواجهة على الارض,الا ان التكتيكات العسكرية الحديثة غيرت من تلك المفاهيم ,فقبلت موازين المعركة,فالقصف الجوي الذي سحق جيشه في الكويت,والزمه  الاستسلام المذل وتوقيع وثيقة ايقاف القتال في خيمة صفوان,نفسها تلك التكتيكات التي انهت النظام الدكتاتوري الصربي, واسقطت صديقه في ارهاب الدولة ميسلوفيدتش في قبضة العدالة الدولية.
الاسلوب الذي اتبعته القوات العراقية اسلوب فاشل,ويعطي خسائر غير مبررة,لعدو ملثم غير مكشوف, لايتناها عن استخدام اي وسيلة قذرة لايقاع اكثر عدد ممكن من افراد الجيش ,والقوات الشعبية المقاتلة معها,
ولهذا لاحظنا انه استطاع ان يستدرج بعض المقاتلين الى مواقعه,واسر اخرين ومن ثم اعدامهم علنا,وكذلك لديه القدرة رغم محدوديتها على توجيه اصابات مباشرة عبر السلاح الالي( القناص او العمليات الانتحارية والعبوات الناسفة) لعدد غير قليل من الجنود,لان الجيش لايختبأ في البيوت كما يفعل هو,بل يتواجد في اغلب الاحيان في ساحات ومواضع شبه مكشوفة,
نحن لانناقش مسألة انتصار الجيش العراقي في معركته المستمرة ضد الارهاب (المفروغ منها لصالح الجيش انشاء الله),ولكن نناقش مسألة حجم الخسائر المحتملة من جانب القوات العراقية في حال استمرت في معالجة الموقف ,وفقا للتكتيك البطيئ نسبيا المتبع في تحرير مدينة الفلوجة الصغيرة الحجم والمساحة نسبة لمحافظة الانبار,ولانناقش ايضا الطريقة المشابهة التي استخدمها الجيش اللبناني في دحر الارهاب في معركة نهر البارد,حيث تحولت المنطقة بأكملها تقريبا
 الى انقاض,او ندعوا الى دراسة الاسلوب السوري المماثل للاساليب المتبعة في تطهير المناطق المحتلة (اتباع سياسة الارض المحروقة),
ولكن قد تكون مقدمات الهجوم هي الطريقة الوحيدة لابعاد الاثار الجانبية للمواجهة العسكرية, التي قد يتسبب بها الارهاب للمقاتلين العراقيين,فمن وجهة نظري سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء مقارنة بعدد ووضعية الارهابيين,تعني ان القيادة المشرفة على معركة تحرير الانبار قليلة الخبرة ,ولاتعرف جيدا قواعد الاشتباك في المدن او معارك حرب الشوارع(التي تقول كل شيئ امامك هدف معادي),
هذه الحالة ايضا تأخذنا الى سؤال مهم قد يرد في ذهن اي مواطن عراقي, يفهم شيئا بسيطا عن الامن واساليب الحرب,هو كيف سمح للارهاب ان يعشعش في تلك المناطق لسنوات,
وتركه يرسل السيارات المفخخة والانتحاريين الى بغداد وبقية المحافظات,
ثم كيف يمكن للجماعات الارهابية ان تؤمن الاتصال والحركة بينها وبين بقية الجماعات المنتشرة في الموصل وكركوك وديالى والعاصمة بغداد,
هذه الاسئلة تحتاج الى اجابة القيادة العامة للقوات المسلحة,التي بدورها ان تقوم بالتحقيق في تلك الخروقات ,والتحقق من قدرة القيادة الميدانية من التعامل بفعالية كبيرة مع الطارئ الارهابي المنتشر في اكثر من موقع او مكان.
نؤكد مرة اخرى ان انتظار العدو في ساحة مكشوفة خطأ عسكري غير مبرر,كذلك الاستمرار في سوق اعذار متكررة غير مقبولة في ساحة المعركة واثناء (كحجة الخوف على اهالي الفلوجة من العمليات العسكرية),
هذه امور لايمكنها ان تقف عقبة رئيسية في وجه تقدم القوات العسكرية,والا فماحاربت الدول ,وما انتصر جيش في العالم,
هذه الجماعات الارهابية تتواجد في حواضن امنة,اي ان اغلب المناطق التي تتواجد بها الجماعات الارهابية هناك ,هي مناطق تشترك نسبيا معه في الارهاب,فمن المستحيل ان يستقر الارهاب في منطقة اكثر من عقد تقريبا, دون ان يكون له حواضن ارهابية من نفس اهالي تلك المناطق(والا فلماذا يلبس الارهابيين اللثام),ان جرذان داعش وغيرهم من الارهابيين ليس لهم حضوة انسانية لدى اي انسان على وجه الارض مطلقا,هؤلاء لايفرقون بين المدني والعسكري,ولا بين الطفل والمرأة والرجل,او بين الشيخ المسن او الشاب,ليس لهم دين معروف او ثوابت اخلاقية, جماعات حرفتها القتل وتنفيذ اجندات من يدفع اكثر,هذه الجماعات وافعالها الخسيسة ليست محصورة في منطقتنا,ولا هي حكرا على امة او شعب دون اخر,بل منها الكثير ,قسم منها ظهر ابان الحرب الباردة في امريكا الجنوبية وحتى الشمالية,وظهرت في افريقيا وشرق اسيا,لقد كانت المخابرات الدولية وعلى رأسها الادراة الامريكية مهمتها صناعة مثل تلك الجماعات لزعزة امن واستقرار الدول الخارجة عن سيطرتها.
الفلوجة مفتاح عقدة الارهاب في العراق,والتأخير في حسم المعركة يفتح الجبهة على عدة احتمالات,لايتمنى احد ان ينزلق البلد بعدها الى اثار الفتنة الشبه نائمة حاليا,
فالموقف الوطني العلني لاهالي الانبار ضد ارهابيي داعش,يعطي دافعا قويا لتحقيق النصر النهائي الحاسم عليهم ,بوقت قياسي وبأقل الخسائر .