22 ديسمبر، 2024 2:57 م

خيانة بامتياز

خيانة بامتياز

لم نجد في كل مافعلتموه من خراب ودمار – وآخره احتلال المدن مستعينين بالمتشردين والتكفيريين وحثالات الشعوب – لم نجد الاّ الخيانة العظمى والعمالة والسقوط .لم نجد في ما بدئتموه من استهداف بنية العراق وتخريب منشآته الحيوية المتمثلة بموانئه وعقد اتصالاته ومحطاته الكهربائية وشبكات مائه وانابيب نقل نفطه، وطرقه وجسوره وتخريب اقتصاده وتعطيل حياة الناس والعودة بهم الى عصور الكهوف.. لم نجد اسلوب الثائرين ولم نشم رائحة مقاومة او ضربا من ضروبها.
لم نجد في تفجير الوزارات والمؤسسات والاسواق والجامعات والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والحسينيات والاضرحة المقدسة والمطاعم والفنادق والمقاهي وتجمعات العمال انفاسا وطنية او لونا من الوانها.
لم نر في اعمال الخطف والابتزاز والاغتصاب وقتل رجال الدين والشرطة وسرقة المصارف، ونهب المال العام.. رجولة او تصديا للمحتل.
لا ولن نسمي اعمال التهجير،واحتلال المدن واستهداف المكونات العراقية، واستهداف العزل وتكفير الاخرين، واشاعة الفوضى والاضطراب، وبث الرعب والخوف في نفوس الناس الآمنين.. لا ولن نسميها الا خيانة عظمى وعمالة مفضوحة .
لم نجد ولم نر ولم نشم في كل ما فعلتموه وطنية او مقاومة او بطولة او ثورة او رجولة. العراق بحاجة لكل الاذرع ولجميع الطاقات من اجل اعادة بنائه واعماره فهل تصب هذه الاعمال في مصلحة العراق ومستقبل ابنائه.
الكل يدعي الوطنية وحب العراق ولانشك في ذلك، والجميع يرغب في اعادة الامن والامان وكلنا يعلم ذلك، والجميع يسعى لتثبيت اركان حكم وطني ديمقراطي يرعى مواطنيه ويسهر على توفير العيش الامن الحر الكريم لهم وكلنا نأمل ذلك وجميعنا نتمنى عودة العراق الى موقعه البارز في المنظومة الدولية وحاضنته العربية وكل العراقيين متفقون على ان الشر يأتي من الخارج، وان هناك اطراف لاتريد الاستقرار للعراق ولكل طرف اسبابه، ولكن من يوفر لتلك الاطراف الملاذ والدعم ومن يتطوع ليكون اداة تنفيذية لمشاريعها التدميرية ومؤامراتها؟!. من غير النفوس الضعيفة التي تبيع ضميرها ووجودها بثمن بخس فتخسر الدنيا والاخرة؟. واذا سلمنا بوجود اجندة خارجية وتآمر اجنبي مستمر، واذا اعترفنا بوجود نفوس مريضة رخيصة لديها الاستعداد لتنفيذ تلك الاجندة ميدانيا، فهل وقفنا بوجهها وحلنا بينها وبين تنفيذ مخططاتها الاجرامية وكل من موقعه؟ ليس الانصاف القاء اللوم وتحميل تبعات ما يجري من خروقات امنية على القوات المسلحة وحدها وان كان هناك بعض التقصير وبعض الثغرات -فالجميع مسؤولون عما يجري في العراق من فوضى واضطراب وعدم استقرار وتوقف عجلة البناء والاعمار والاستثمار والركود الاقتصادي وتأخر المشاريع الخدمية والتنموية والسبب الاول وقد يكون الاخير هو الاوضاع الامنية غير المستقرة برغم ما ينفق على هذا الجانب من اموال هائلة. السياسيون مسؤولون بالدرجة الاولى بسبب خلافاتهم المستمرة وفتح الباب مشرعا للتدخلات الاجنبية من خلال استعانة البعض منهم بجهات خارجية تشبثا بمنصب وتقوية على الخصوم في العملية السياسية وحنين البعض الاخر لحقب الاستبداد والتعسف والتسلط الدكتاتوري، وميل البعض وتحيزه لكتلته وحزبه وتفضيلهما على واجباته الاصلية المتمثلة بخدمة العراق وشعبه بدون تميز. كذلك تقع على المواطن مسؤولية كبيرة في الاخبار عن كل تحرك مشبوه وعن كل عمل تخريبي يقوم به مرضى النفوس بتعاونهم مع اعداء العراق بادخال الدواعش والارهابيين من نفايات الخليج والمتشردين من الشيشان والباكستانيين والافغان واليمنيين وغيرهم  ليحتلوا المدن ويثيروا الخراب والدمار ،وادخال  الاسلحة والمتفجرات والمال الحرام واستخدامها في قتل العراقيين وتدمير مؤسساتهم وبناهم التحتية.
صحيح ان العراقيين دفعوا ثمنا باهضا خلال السنوات المنصرمة من خيرة ابنائهم وبناتهم واطفالهم، وخسروا الكثير من ثرواتهم في عمليات التخريب والفساد ثمنا لحريتهم وانعتاقهم لكن هذا لايعني توقفهم في منتصف الطريق والاستسلام لعصابات التخريب والقتل التي تريد بهم العودة الى حقب الاستبداد الاسود وزنزانات التعذيب الوحشي وكم الافواه.
ليس امام العراقيين الاّ الاصرار والثبات والتمسك بالعملية الديمقراطية وان شابها غبار الوصوليين والمفسدين فقد طلعت الشمس عليهم وافتضح امر الطامعين منهم والدخلاء على عملية التغيير ولن يصح الاّ الصحيح. المرحلة المقبلة لن تقبل الاخطاء فقد مضت فترة التجارب والفوضى الخلاقة وبدأت مرحلة اثبات الوجود. مرحلة البناء والاعمار وتحقيق مطالب الجماهير في الامن والامان والعيش الكريم. والاجدر بمن لايجد في نفسه الكفاءة والقدرة على تحقيق هذه الاساسيات ان لا يرشح نفسه لأي منصب في الحكومة المقبلة المقبلة فالجماهير على استعداد لازاحة المتخاذلين والفاشلين والمفسدين حتى وان مرّوا غفلة وسهوا وزورا -عبر صناديق الاقتراع.