خيانة الامة من المصطلحات التي ورد ذكرها والتحذير منها، لكننا لم نكن نبحث عن معناها او عن مصاديقها لاسباب عديدة منها ماهو تاريخي ومنها عقائدي يغلب عليها الضبابية والارتباك في مضمونها ونتائجها، فلم تخرج تلك الاسباب في قوالب واضحة كي يفهم منها الدرس وتؤخذ منها العبرة
ان خيانة الامة من المصلحات الشديدة المهلكة الخطيرة في حياة أي امة كانت ولعل فينا من يذهب به الخيال الى تفسيرها بان الخائن للامة هو موظف ياخذ الرشوة لتسيير امور الناس، او قاض يبدل الاحكام او بقال يبيع اللبن المشنون او من يتاجرون بلحوم محرمة الى غير ذلك ..
وان كانت هذ المصاديق غير بعيدة عن هذا المعنى الا ان هناك ماهو اشد واخطر على الامة من هذه الخيانات، ان خيانة تكمن في خيانة من يتصدى لقيادة الامة و يتلاعب بها، يبيعها لعدوها ينتهك حرماتها، يختلس قوتها، ويحرمها كل ما تريد مع قدرته عليها واقل ما يمكن ان يكون الخائن خائناً فيه هو ان يخفي عنها الحقائق فلا يصارحها بحقيقة ما يجري خلف الكواليس، فهذه من اعظم الخيانات التي تسقط الامة في اوحال الخديعة فتسيل الدماء وتنتهك الاعراض وتذبح الاطفال وترمل النساء والامة لا تعرف لماذا وكيف ..!؟
ومن يتصدى لقيادتها ظاهراً يعيش في فضاء آخر اما لا يعرف فيما يجري او هو شريك في ما يجري او ضعيف لا حول له ولا قوة في دفع ما يجري..!!
وان اراد ان يتكلم او اجبرته الظوف على الكلام فانه يتكلم بكلام ضبابي لا تعرف ظاهره من باطنه ولا تعرف حقه من باطنه هذه هي خيانة الامة، وعلينا ان نتعلم من تاريخنا الالامي الكثير من الاحكام والعبر التي تصحح لنا المسار فلقد كان المسلمون ومن حكموا المسلمين يتشددون في خيانة الامة خاصة من قبل قادتها وولاتها، السنا نقرأ في سيرة علي عليه السلام كيف انه عزل واليا من ولاته المعروفين على البصرة لأنه كان مدعوا لوليمة اعدها له بعض الوجهاء، الكلام لم يكن في الوليمة بحد ذاتها نزعها ميتها مكانها حضورها وانما كان فيما تعنيه وما قد تؤدي اليه من نتائج سلبية ووخيمة تستدرج الى الخيانة، ان هذا الوالي يكون ممالئاً للاغنياء صديقاً للمترفين على حساب الفقراء والبسطاء، ولن يجد حينها بسطاء الامة من يقتدون به في رفض مظاهر الترف والغنى مع وجود المعدمين والمعدومين هكذا اراد علي عليه السلام ان تكون قادة الامة ان تكون مثالا يحتذى به في ادق الامور والا كان خائناً لأمته ولشعبه وحاشاه
ولقد رأيناه يقص على المسلمين ما يحصل بينه وبين الخصوم او من يريدون بالأمة شرا تحت اعذار او لافتات براقة، كان يقص عليهم تفاصيل ما يجري بينه وبينهم حتى مراسلاته معهم كانت تقرأ في المسجد حتى يعرف الناس حقيقة ما يجري من حولهم
اذن خيانة الامة تكمن في عدة خطوات اولها اخطر من اخرها
اولاً : تصدي من ليس اهلاً للتصدي
ثانياً: تآمر من يتصدى على الامة لصالح اعدائها
ثالثاً: خداع الامة بتبرير وتفسير ما تراه الامة واضحا تفسيرا مغايراً للواقع
رابعاً: الاستهانة بحقوق الامة وكرامتها بل حتى بدمائها
فانا لله وانا اليه راجعون والعاقبة لمن اتقى