19 ديسمبر، 2024 12:00 م

خيانة الأوطان وراثة يتناقلها الأبناء عن الآباء

خيانة الأوطان وراثة يتناقلها الأبناء عن الآباء

لاشّك أنّ كل عراقي شريف وغيور وحريص على وحدة العراق , يريد أن يعرف ما الذي حصل في الموصل وكركوك وكيف حصل ولماذا ؟ وما علاقة مسعود وحكومته وقوات البشمركة تحديدا في موضوع استسلام وانسحاب القطعات العسكرية المكلّفة بحماية الموصل وكركوك والمناطق المتنازع عليها ؟ ولماذا هرب أكثر من أربعمئة ضابط إلى كردستان ؟ وما هو دور محافظ الموصل في هذه المؤامرة ؟ وهل تمّ التنسيق بينه وبين مسعود على هذا السيناريو ؟ أسئلة عديدة تحتاج إلى إماطة اللثام عنها وفك شفرتها , ومن أجل فهم حقيقة ما جرى لا بدّ لنا أن نعرف هل لهذا الأمر علاقة بالتهديدات والإجراءات التي أطلقها مسعود لإعلان الانفصال عن الدولة العراقية قبيل أحداث الموصل ؟ فربط هذه الخيوط بعضها بالبعض الآخر سيساعدنا حتما في الوصول إلى الحقيقة ومعرفة ما جرى من خيانة وتآمر وغدر على الوطن العراقي .
فالجميع يعلم أنّ قرار حكومة مسعود بالتصرّف بنفط الشعب العراقي وتصديره بعيدا عن إشراف وموافقة الحكومة الاتحادية في بغداد , هو القشّة التي قصمت ظهر البعير , وهو الذي أوصل العلاقة بين بغداد وأربيل إلى هذه القطيعة , مما أجبر الحكومة الاتحادية في بغداد بعد أن عجزت بإقناع حكومة الإقليم بالتراجع عن هذا القرار الخطير واللادستوري والذي ينطوي على مخاطر جمّة تهدد وحدة الوطن , على إيقاف حصة الإقليم من الموازنة العامة , ولم يكن أمام الحكومة الاتحادية سوى هذا الإجراء الرادع لإيقاف بلطجة وابتزاز مسعود وعصابته , ومن أجل الحفاظ على وحدة البلد , فليس من المنطق أن يأخذ مسعود وعصابته كامل حصة الإقليم من الموازنة العامة ولا يسلم الحكومة الاتحادية نفط الإقليم المنتج , وهذا الإجراء دفع مسعود لإطلاق تهديداته بالانفصال عن الدولة العراقية وإعلان الدولة الكردية في شمال العراق .
وربّ سائل يسأل لماذا يسعى مسعود للانفصال عن العراق ؟ هل أنّ أكراد العراق يعانون هم أيضا من التهميش كأخوتهم السنّة ويعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية ؟ أم أنّ موضوع الانفصال عن الدولة العراقية هو حلم يعيش مع مسعود في يقضته ومنامه لإعادة أمجاد دولة أبيه ( مهاباد ) التي جعل شعارها شعارا لإقليم كردستان ونشيدها الوطني ( أي رقيب ) نشيدا لإقليم كردستان ؟ وبصراحة أكثر هل كان مسعود البارزاني عراقي ودمائه عراقية ؟ وهل كان يوما واحدا في حياته مخلصا للعراق ومن قبله أبيه الملا مصطفى البارزاني ؟ ألم يطعن الملا مصطفى البارزاني الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم الذي أعاده للعراق واستقبله استقبال الثائرين ليعلن تمّرده عليه ويطعنه بخنجر مسموم من الظهر ؟ لماذا إذن نستغرب خيانة مسعود للوطن العراقي ؟ ألم يتحالف مع صدّام ويدخل قوات الحرس الجمهوري إلى أربيل للقضاء على قوات جلال الطالباني التي سيطرت على أربيل وتسببت بقتل الآلاف من أبناء الشعب الكردي ؟ فما الذي يمنعه الآن من إدخال نفس هذه القوات إلى الموصل من أجل تفتيت الوطن وتمزيقه ؟ .
فالذي حصل في الموصل وكركوك كان مؤامرة دنيئة وقذرة خطط لها مسعود بالتعاون مع الخونة أثيل وأخيه أسامة أحفاد الخائن محمد النجيفي , وقطعان البعث المجرمة من بقايا جيش صدّام بقيادة المجرم عزة الدوري , وبمباركة تركيا والسعودية وقطر , وبتنفيذ الضباط الأكراد في الجيش العراقي , حيث كان كل أمراء الألوية والأفواج هم من الأكراد والسنّة من أبناء الموصل من المقرّبين لمحافظ الموصل أثيل النجيفي , فالاتفاق كان يقضي بتسليم كركوك والمناطق المتنازع عليها لقوات البشمركة , والموصل إلى حزب البعث المجرم وداعش لتكون قاعدة تنطلق منها جيوش الشر لإسقاط باقي محافظات الغرب العراقي والزحف نحو بغداد لإسقاط النظام القائم , وهذه هي حقيقة ما جرى في الموصل وكركوك , فالسيطرة على كركوك والمناطق المتنازع عليها وضمها إلى كردستان بالقوة , هو الهدف من هذه المؤامرة القذرة , والواقع الفعلي على الأرض يثبت تماما صحة ما نقول , فهي إذن الخيانة التي تجري في العروق , وهي وراثة يتناقلها الأبناء عن الآباء الخونة , لكنّ عزم الشعب وإرادته سيحرران كل شبر من أرض العراق من أقصى شمالة إلى أقصى جنوبه من كل المتآمرين على الوطن , وسيقطع دابر الخيانة التي تجري في العروق.

أحدث المقالات

أحدث المقالات