19 ديسمبر، 2024 2:21 ص

يبدو إن الخيار (المسلح) هو )خيار الأرنب( الوحيد المتاح حالياً دون الخيارات الأخرى في المنطقة بشكل عام والعراق بوجه خاص ولازال مستعصياً على السقوط في المدى الحالي بفعل إصرار الكثير من القوى المحلية والإقليمية والكثير من الأطراف والكثير من الدول على (لعبة توازن الموت) .

بل أصبح حسم كل الخلافات بالقوة هو أول الطرق المتاحة ؛ ليس على الميدان العسكري فحسب بل في كل مجالات الصراع السياسي أيضا بل حتى في ميدان هيكلية الدولة والمناصب القيادية فيها ومؤسساتها المدنية أيضا .

نعم هو جزء من فلسفة الصراعات السياسية التي أسست على القوة من أول يوم وبفعل التكوين العضوي للكثير من القوى التي ساهمت في بناء العملية السياسية الحالية حتى أصبح استخدام القوة المفرطة والمتعسفة جزء أساسي من النظرية الأمنية للدولة إلى أن أصبحت المليشيات جزء أساسي فيها ؛ بل أصبحت ظاهرة برلمانية (لا اقصد السجالات العنيفة والدامية أحيانا داخل البرلمان ) حيث يتخوف الكثير من البرلمانيين (بل في بعض الأحيان بعض القوى) من بطش الدولة العميقة أو أدواتها المخترقة وحتى من بطش المليشيات والقوى الرهابية عبر أجهزة الإغتيالات المسلحة أو عبر التسقيط السياسي ؛ وانتهى الأمر أن يصبح (الخيار المسلح) جزء من منظومة العقل الجمعي (القطيعي) الغير واعي إلا إرادي لقسم كبيرة من الجمهور العراقي .

ولكي يستعيد المجتمع عافيته ويتخلص من الخيارات العنفية المسلحة ويتحقق (السلم المجتمعي) ويسود السلام الأهلي لابد له من مرتكزات أساسية لتحقيق ذلك وأهمها : ـ

1. الالتزام الشديد بمبادئ حقوق الإنسان والتشدد بالالتزام بها وتنفيذها على صعيد كل أجهزة الدولة ومؤسساتها التشريعية والقضائية والتنفيذية وعدم السماح بأي وجه لاختراقها والمساس بها ؛ والسماح لكل أجهزة الدولة بمراقبة ذلك وكذلك السماح للمؤسسات الدولية ذات الاختصاص برصد مديات التطبيق والالتزام بها .

2. وجود دولة (مدنية قوية وعادلة) تقوم على أساس (المواطنة) دون أي تميز عرقي أو طائفي أو إجتماعي أو ثقافي .

3. لا شرعية قانونية أو دستورية إلا شرعية الدولة وحصر الصلاحيات الإدارية بمؤسساتها ولا سلطة على المواطن غير سلطة الدولة بموجب قوانينها العادلة المقرة من قبل المؤسسات التشريعية للدولة . وحصر السلطات الضبطية والقضائية بالقضاء وعبر مؤسسات الدولة المقيدة بقوانينها وتشريعاتها . وحصر السلاح بيد الدولة وعبر قيود وقوانين ضابطة وحاكمة .

4. تكفل الدولة المدنية القوية العادلة (حرية الاعتقاد).

5. تكفل الدولة الضروريات الأساسية للمواطن {المسكن والطعام والملبس والأمن}.

عند ذلك يتحقق السلم الأهلي تلقائيا وتتاح الخيارات أمام المواطن لاختيار الأفضل لاستقراره ولرفاهيته ولا يعيش الخوف والإرهاب في مثل هذه المجتمعات بل تموت فيها الخيارات العنفية وينبذ فيها الخيار المسلح ويصبح الاختيار بين الأصلح والأحسن والأرقى ويتشبث الإنسان بوطنه ولا يبحث عن اللجوء إلى دول آمنة يموت قبل أن يصل إليها

ويموت فيها خيار الأرنب التعيس ولا يكون فيها غير خيارات المواطن الإنسان الحر …

أحدث المقالات

أحدث المقالات