ينعقد مؤتمر حزب الدعوة الإسلامية في الفترة القريبة المقبلة، وفي أجندته ملفات مصيرية، يتصدّرها اختيار قيادة منتخبة، وشورى جديدة، وأمين عام جديد، وهو أمر لا يقبل التأجيل بحكم الظروف الداخلية للحزب، والتحديات التي يواجهها في العملية السياسية
لكن الحسم في المؤتمر بالنسبة لأمين عام حزب الدعوة الحالي نوري المالكي، لا يبدو سالكا بشكل كامل، فالرجل الذي كرّس نفسه زعيما للحزب التاريخي، كان قد اعلن عن نيّته “عدم” الترشيح للقيادة وامانة الحزب، لكن ذلك بالنسبة لاتباعه داخل الحزب، لاسيما الزعامات الشبابية التي قفزت على اكتاف القيادات التاريخية، أمرا “خطيرا” يجب ان لا يحدث، وانّ المالكي من وجهة نظرها هو الزعيم الذي لا بديل له، أو عنه.
هذه الكوادر الحزبية، واغلبها خارج معايير النظام الداخلي الذي يشترط في الداعية مشاركات دعوية والتزام وانضباط و ثقافة سياسية ودينية، قد كرّست طوال الفترة الماضية في أدبياتها وخطاباتها، المالكي زعيما أوحدا، حيث بقاءها من بقاءه، وبالتالي فان “تنازله” او “تنزيله” من زعامة الحزب، خط أحمر لا يُسمح التجاوز عليه.
تضغط هذه الزعامات في اتجاهات متعددة على الحيلولة دون ابتعاد المالكي عن زعامة الدعوة، لاسيما حين فاجأهم هو وعلى لسانه، في عدم الترشح لأمانة الحزب من جديد، الأمر الذي يحتّم على المالكي نفسه، مواجهة ضغوط الاتباع او اقناعهم بعدم رغبته في الاستمرار في القيادة لان ذلك يجنّبه “نكث” العهد الذي قطعه على نفسه، وأمام الملأ في عدم الترشح.
وفي الحالة التي يقرر فيها المالكي، الإيفاء بالعهد، فانه أمام موجة غضب عاتية للكوادر التي تجد بقاءها في استمراره في زعامة الدعوة.
المتوقّع في المؤتمر الذي يشارك فيه اعضاء الهيئة العامة للحزب ويتراوحون عددهم بين 350 إلى 400 شخصية، ان المالكي سيكون بين خيارين، أحلاهما مر: فإما المصداقية امام النفس وأعضاء الحزب والرأي العام، بعدم الترشح، واما تجنّب غضب الاتباع والاستجابة لمطالباتهم له بالاستمرار في قيادة الحزب، وحتى ولو بشكل رمزي، لكي يكونوا هم الفاعلين الحقيقين في توجيه الحزب، لكن هذه الخيار سيجعله فاقد المصداقية أمام أعضاء الحزب الآخرين، والرأي العام.