23 ديسمبر، 2024 5:13 ص

خيارات سكان “ليبرتي”

خيارات سكان “ليبرتي”

يُظهر شلال الدماء الذي يسيل في العراق حجم الاستعجال الإيراني في تغيير الوقائع على الأرض وصولاً لتأمين الورقة العراقية بشكل تام وأكثر ضمانة ضمن أوراق اللعب الإيرانية في المنطقة، في ظل الحرب الدائرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

فالممارسات التي تقوم ميليشيا ما يعرف بالـ”الحشد الشعبي” الموالية للحكومة العراقية، والمدعومة ميدانياً والمجهزة إيرانياً، تهدف لتنفيذ هدفين اثنين، الأول مواجهة تنظيم “داعش” عسكرياً سعياً لإلحاق الهزيمة به في الميدان، والآخر إحداث التغيير الديموغرافي على الأرض من خلال تهجير المسلمين السنة من مناطقهم، أو إضعافهم، والهيمنة عليهم بغية تطويعهم ومسح هويتهم ووضعهم تحت العباءة الإيرانية، لضمان هيمنة مطلقة و “احتلال” آمن للعراق ومقدراته وقراره السياسي.

ومع عدم تورع هذه الميليشيات المذهبية عن ارتكاب أبشع الجرائم ضد الأبرياء من نساء وشيوخ وأطفال، وحرق لقرى بأكملها في المناطق التي يندحر منها عناصر “داعش” تؤكد حجم العمى الطائفي من جهة، وسخاء الدعم الإيراني المقدم لها، حيث أن نظام الملالي وضع ثقله في الميدان لا سيما بعد اعترافه بإرسال قوات إيرانية إلى العراق، فضلا عن إشراف قاسم سليماني قائد فيلق القدس بنفسه على سير المعارك.

 

وتوحي شهية الهيمنة الإيرانية على المناطق التي يجري تحريرها من تنظيم “داعش”، وارتكاب أبشع المجازر فيها، بأن لا محظورات أمامها، وبأنها تشحذ سكّينها ضد كل ما يقف أمامها دون التفريق بين مقاتل ومدني.

 

وأمام انعدام الرؤية من قلب غبار المعارك يتبادر إلى الذهن في ظل هذه التطورات الخطيرة مصير اللاجئين في “ليبرتي” الذين عانوا ولا يزالون الأمرين من اعتداء وتضييق وحصار من جانب الحكومة العراقية، وإهمال من جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة اللتان تكفلتا بأمنهم وسلامتهم.

 

يقلّب في هذه المرحلة سكان المخيم بارتياب خياراتهم أمام هذا المد الميليشياوي، لا سيما مع الفوضى التي تحيط باستمرار الحرب ضد “داعش”، خاصة وأن من تكفل بحمايتهم قد خذلهم غير مرة بعد أن سقط منهم العشرات من الضحايا في اعتداءات متكررة على مخيمهم غير الحصين.

 

هذا الواقع دفع الكثيرين بالمطالبة بتسليح سكان المخيم لحماية أنفسهم مع ضآلة الخيارات المتاحة، وانشغال المجتمع الدولي بقضايا بات يراها أكثر أهمية، تتطور بشكل أكثر ديناميكية من وجهة نظره، على الرغم من الخطر الداهم تجاه سكان المخيم العزل.

 

بلا شك أنه بات من حق سكان “ليبرتي” تقليب الخيارات، مع عدم استبعاد خيار تسليحهم ولو كان بأسلحة فردية حيث أثبتت مجريات الأحداث بأن لا ضمانات في الساحة العراقية الغارقة بالدماء..فالخطر حقيقي وجدّي، لا يمكن السكوت حياله.