ثمة حديثٌ يُطرح، ويتم تداوله كثيراً في الأوساط الإجتماعية، يقارن قائلوه بين حقبة البعث الصدامي وبين التغيير الذي حصل بعد 2003، حتى وصلت تلك المقارنات عند بعضهم بالمفاضلة بين الفترتين، واختلاف وجهات النظر في الترجيح بين إحداهما على الأخرى، وذلك لأسباب كثيرة ومتعددة وهي تختلف من شخص لآخر، كون المنظومة المجتمعية بنيت على أسس ومفاهيم خاطئة في تعاطيها مع الدولة وهيكليتها المؤسساتية، فالبعض من شرائح المجتمع العراقي، ينظر للسلطة على أنها سوطٌ وجلاد، وأن النظام لابد أن يقوم بالعصى والقمع وترهيب الشعب أو قتله، حتى يفيئوا لأمر الحاكم وإن كان ظالماً ومتجبر.
ألديمقراطية في جوهرها ومحتواها هي بناء وتأسيس وإقامة دولة فاضلة، تحكمها العدالة الإجتماعية والمساواة، وأن الشعب فيها مصدر السلطات، لكنها في العراق ظهرت بصورة مختلفة ومغايرة، يُغطي ملامحها التشويه والعوق، كون المواطن الذي يمثل الأساس فيها لم يؤقلم نفسه معها، ولا تزال العقلية العراقية المعاصرة، تعيش حالة من الخوف والوجل والتوجس، والريبة أيضاً، من إرهاب السلطة وبطش جلاديها، الذي مورس على الشعب العراقي لعقودٍ طويلةٍ من الزمن الغابر.
نظام الدولة الحالي القائم في العراق، مبني على أسس دستورية وقانونية، ونوع الحكم هو برلماني فيدرالي اتحادي، يمثل جميع المكونات والشرائح والأطياف العراقية، وتجري فيه إنتخابات عامة كل أربعة أعوام، ليقوم مجلس النواب بدوره الرقابي والتشريعي، والمفترض أن يؤدي واجباته بشكلها الصحيح الذي حدده القانون العراقي، لتسير عجلة البلاد نحو التقدم والإزدهار.
يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً لتشكيل الحكومة، خلال مدة لا تتجاوز الـ30 يوم من تاريخ التكليف، وتمنح لأعضاء الحكومة أو لبعضهم الثقة بأغلبية النصف + واحد، من عدد أعضاء مجلس النواب العراقي، لتمارس مهامها وصلاحياتها وتأخذ دورها التنفيذي لأربعة سنوات، من خلال برنامج حكومي ناجز وواضح، وضمن اسقف زمنية مجدولة وممنهجة و وفق السياقات القانونية المعمول بها دستورياً.
رئيس مجلس الوزراء هو الموقع التنفيذي الأول في العراق، وهو المسؤول عن رسم السياسة العامة للدولة، والقائد العام للقوات المسلحة، ولديه الصلاحيات المطلقة في التنظيم والإدارة، وهو المعني في تكييف وتقنين الملفات الأمنية والتعليمية والاقتصادية والمالية والصناعية والتجارية، وكل ما يرتبط بحياة المواطنين، ولهذا يتحتم على الشعب أن يحدد البوصلة والإجماع على اختيار جهة سياسية وطنية عابرة للمكونات، يتم تمكينها للمرحلة القادمة بغية العبور بالبلاد والعباد إلى بر الأمان.