23 ديسمبر، 2024 9:35 ص

الفبركة المفتعلة في إلغاء البطاقة التموينية ,لعبة مدروسة ومحبوكة  ومخطط لها بإتقان, وربما اُعد لها  منذ زمن بعيد, لكي  تتزامن مع انتخابات مجالس المحافظات , وهي تندرج ضمن جدول الأزمات المتسلسل والمفتعل للسنوات التي خلت من عمر العراق الجديد في خطى حثيثة متواصلة , يراد منها ألتغطيه والتعتيم الكلي على الأخطاء والفشل الذريع الذي منيت بها سياسة الحكومة في تطبيق برامجها الخدمية والعمرانية, أو في قضائها على الإرهاب التي تضري آلته الهمجية قتلا  وإراقة لدماء الأبرياء, أو بتفشي ظاهرة الاغتيال اليومي المنظم بكواتم الصوت, والفساد المستشري بمختلف تلاوينه وفنونه ومن اعلى المستويات مع الأسف.
,وهي بالتالي محاولة للتستر على عدم قدرة وشجاعة الفرقاء السياسيين وأحزابهم من تجاوز الواقع المأزوم, والمناخ السياسي المشحون بالتناحر والاحتراب على المناصب والمراكز القيادية في السلطة والدولة وما ينعكس عليها وعلى جيوب منتسبيها من مردودات وغنائم وامتيازات.
 فإلغاء البطاقة التموينية( والتي تدخل في صلب معيشة المواطن وقوت  أبنائه ولأكثر من عشرين عاما), شكل جديد ومبتدع  من اشكال الدعاية االانتخابيه ,غير الدعاية التقليدية  التي سئمها الجمهور لكثرة أنواعها وصنوفها  الشرعية والمظللة والكاذبة.
 فالإبداع والابتكار هنا يأتي من خلق الألم والوجع و  قطع الأنفاس, بأساليب وطرق خشنه وقاسيه, وذلك من خلال افتعال حاله من الارتباك والفوضى والسخط والترويج ,لعدو وهمي شرس سينقط على الرمق المتبقي من عيشة المواطن ومصدر قوته, والتي لم تستطع كل الحكومات وحتى في زمن الحصار الدولي  الجائر الذي تعرض إليه العراق في زمن النظام البائد( ان يفكر أي حاكم أو مسئول من ان يمس تخصيص  البطاقه التموينية) لكن كل ماتبتغيه هذه السياسة إشعال فتيل أزمة جديدة خانقه جوهرها ووقودها الشعب نفسه وليس القوى المتصارعة.
 حيث سينصب حديث الناس باللغط والهمس والهرج والمرج عن الهم الجديد المرتقب والذي يحمل في طياته كدرا مرعبا مخيفا سينقط بثقله وجسامته على بطون الجياع وأفواههم اللآكله, يصاحب كل ذلك الإعصار زوابع وضجيجا إعلاميا  مكتظا  بالمناقشات والحوارات وما تسفر عنها من تحليلات وتنظير  قد تصل في بعضها إلى ولوج البلاد على شفى  نهاية مزرية ومروعه ستغرقها بحرب  دامية تأكل الأخضر واليابس وتقضي على الحرث والنسل.
 هنا ستندفع الناس تقودهم الجياع باكين مولولين متضرعين مستغيثين  إلى الله بهاديتهم لتلمس طريق الحق نحو المنقذ المخُلَص  الذي ينتشلهم من هذه الكارثة الوخيمة  المحدقة بهم ويعيد الأمور إلى نصابها ويخلَص البلاد من البلاء و القدر المشئوم الذي بات قريبا  على الأبواب.
 والمخرج والمنتج  لهذه المسرحية, يتفرج من خلف الكواليس على حركة البيادق والرموز وهي في  خورها وتيهانها, بانتظار الفرج وظهور المنقذ الذي أضحت تستهويه وتطربه نشوة النصر على شعب يتلوى من خصاصة الجوع المنتظر.
  لكنه مسترخ غير آبه لعويل الناس واستغاثتهم يريد المزيد من ردود الأفعال على ان تكون أكثر صخبا ودويا حتى تحقق نتائج ناجزه وموفقه للعبته التي ابتكرها, وفي وسط اللجة من التزاحم والهيجان وعلى أعتاب الانتخابات القادمة, سيخرج المارد مستلا سيفه من غمده شاهرا إياه بوجوه من تمادوا بغيهم من أعداء هذا الشعب المنكوب بالمصائب والمحن .
 ويقرر على حين غره  قرارا تاريخيا يفضي إلى إلغاء  القرار الجائر الذي ارتكبته هذه الطغمه الناكرة لجميل الشعب والجاحدة لعطاياه ويعيد البطاقة التموينية( حتى على افتقارها لكثير من المواد ألتي كانت تزهو بها أيام النظام المقبور).
 وفي غمرة الفرح والسرور الغامر وتعالي الهتافات والاحتفالات المنشدة للقائد الرءوف الرحيم لهذا السخاء والكرم الذي أجزله على شعبه وأحاطه بعطفه ومودته,  وفي خضم الأهازيج  والكرنفالات الصاخبة يتناسى الشعب ويمتص الألم كعادته عن المسبب لأصل اتخاذ القرار المجحف ومن يقف ورائه ومنفذه, وسيذهب مغلوبا خائرا إلى صناديق الاقتراع ليعطي صوته إلى من منحهم الحياة من جديد وأعاد إلى شفاههم البسمة والحبور.
 ولكن  من السذاجة  ان تنطلي على المدركين الواعين من أبناء هذا الشعب حركات  وفبركات هذه الألاعيب المختلقة والتي خبرها وحفظها عن ظهر قلب من أيام قائده المقبور حيث كانت اغلب حروبه المدمرة سواء كانت على شعبه أو على جيرانه تنسج خيوطها في  خياله المريض المتعطش للدم والخراب   فيصدرها للجمهور على انها حقائق وثوابت لاتقبل الطعن والشكوك في صدقيتها غير عابئ أو مكترث لفداحة عما يتمخض عن قراراته الهوجاء من نتائج وخيمة مهلكه ألحقت الدمار والخراب في بنا الشعب والوطن واستنزفت دمائه وكل قواه المنتجة.