خور عبد الله …عندما تغيب الوطنية

خور عبد الله …عندما تغيب الوطنية

نسمع في الكثير من الأحيان من الذين يتاجرون في العملية السياسية جمل منمقة في الدفاع عن الوطن وحماية أرضه  تقتضي منهم العمل وإرضاء الضمير بدل الشعارات التي لا تساوي عفطة عنز بالقيمة لانهم يغيبون عند تتعلق الامور بمصالحهم ويصبح الوطن معروض للمزايدة، مرة اخرى تثار ويتصاعد حدة الجدل بين العراق صاحب الأرض والكويت الذي كثيرا ما يثير الأزمات المختلفة مع بلدنا في علاقاته دون أسانيد قانونية ويستقوي باسياده دون النظر لتاريخ العلاقات الاخوية بين ابناء البلدين الشقيقين ، في سياق سياسي وقانوني تتداخل فيه الجغرافية بالتاريخ المثقل بالصراعات ،ولعل موضوع خور عبد الله في الاونة الاخير ليس هو الأخير الذي يفصل بين شبه جزيرة الفاو العراقية، وجزيرة بوبيان الكويتية، ويُعدّ منفذًا مائيا استراتيجيا للعراق إلى الخليج العربي، ما يجعله نقطة ارتكاز بميناء الفاو الكبير لحركة الملاحة الوطنية،  والمواقف الوطنية لا تتأثر بالضغوط الإقليمية والدولية و لا تذوب إنما تتصلب في نفس المواطن الشريف عندما يراد المس بالسيادة، ولأن الخطابات الإعلامية كثيراً ما تتلاعب بالحقائق  فالمسؤولية تحتم العمل بوعي وإدراك مع هذا الملف الخطير بجهات عديدة ،مستندة على معطيات تاريخية وجغرافية واقتصادية بعيدة عن المزايدات ، لكنها راسخة في الدفاع عن السيادة الوطن.. ‘خور عبد الله ليس مجرد ممر مائي ، بل هو رمز للسيادة الوطنية وتاريخ من الاستقلال ، يعود النزاع حوله هذا الممر المائي المهم والحيوي للعراق إلى بدايات تأسيس الدول الحديثة في المنطقة، فقد ظهرت أولى الخلافات حول ترسيم الحدود البحرية بعد انسحاب بريطانيا من الخليج لكن النزاع تأجج فعليًا بعد دخول العراق للكويت عام 1990، وما تبعه من صدور قرار مجلس الأمن 833 عام 1993، الذي فرض ترسيما للحدود بين العراق والكويت، وقَبِل به النظام البائد آنذاك تحت الضغط الدولي آنذاك، ومع أن القرار لم يكن مفصّلًا فيما يخص المناطق البحرية، إلا أن تنفيذه على الأرض خلق التباسا، استثمرته الكويت لصالحها، مما يعد تجاوزاً. وحق من حقوق العراق الجغرافية والتاريخية على لسان العديد من المؤرخين الكويتيين أنفسهم ولعل الدكتور عبدالله النفيسي احد الشهود في كشف الحقائق و ما تؤكده عشرات الوثائق الرسمية العثمانية والبريطانية، فضلا عن خرائط ملاحية عمرها أكثر من قرن ،” فالأرشيف العثماني يحتوي على عدد من الفرمانات والمخططات الإدارية، التي تظهر تبعية الخور وجزره لولاية البصرة، وتعود بعضها إلى أعوام 1871 و1893، وقد وردت ضمن سجلات (دفاتر المهمة) و (التحقيقات الضبطية) وقد اعتمد عليها مؤرخون ومحققون معاصرون، منهم البروفيسور نور الدين أورال في دراسته عن جغرافيا الخليج العثماني، وهي محفوظة في مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا) في إسطنبول “

 أن الدفاع عن الخور لا يعني رفض التعاون الإقليمي ، بل يعني فقط احترام الحدود الحقيقية وعدم التنازل عنها تحت اي ذريعة سياسية او اقتصادية فهل يعقل ان يباع بثمن بخس يدخل في جيوب البعض من السياسيين ،

 ان اتفاقية الخيمة في زمن نظام البعث حين كان العراق خاضعا لحصار شامل ونظام سياسي مهتز الإرادة والشرعية.وفي قلب هذا النزاع بعد حرب الخليج الثانية ( عملية درع الصحراء) اثر احتلال الكويت وخروجه منها وما صدر من قرار ‘ قرار مجلس الأمن رقم (833) لسنة 1993” وبعد مراجعة المواد واهما المادة (6) التي تنص على عدم تأثير هذه الاتفاقية على الحدود و يمثل اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله فقط ولا يعني ترسيم الحدود بين البلدين’ وهي إحدى المحطات المهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين، حيث جاءت في سياق محاولات تنظيم الملاحة والمحافظة على هذا الممر المهم. وعلى الرغم من توقيع هذه الاتفاقية إلا أنها مازالت مثار جدل بين البلدين،

 وهذا يعني أن يعبر كل ابناء العراق عن وطنيته في الدفاع عن هذا الممر المهم أولا وقبل كل شيء بالعمل الجاد والجهد المتواصل كل من موقعه،للدفاع عنه هذا الموقع الذي لا يتجزأ من الجغرافية العراقية مهما تأزمت الكويت وتتطلب وجود حكومة  وطنية قوية  ودعم شعبي  والمسؤولية بوجود نظام وطني مستقل يتبنى مشروعاً للحفاظ على كل جزء من الأرض المقدسة العراقية  ويعمل على اعادة بناء سياسة  حيويته ويجعل اقتصاده منتجا حقيقيا ً ، فإن خور عبد الله سيتحول إلى مسألة وجودية بالنسبة للعراق وليست اقوال خطابية انما هي  تلك المشاعر النبيلة التي تهز كيان ابناء العراق وتشعرهم بالانتماء وترسيخ هويتهم وتقوي فيهم أواصر الاتصال أرضهم وشعبهم وأمتهم…  للوطن كلمة  دون التفريط به لمن يعيش في قلب أحضانه و ترابه أمانة في أعناقنا وهو أثمن وأغلى أمانة يتطلب جهداً كبيراً ومزيداً من العطاء والإخلاص من اجله لأن البذل الكثير يعني الاستحقاق الاكبر من أبناء المحافظة عليه والدفاع عنه، لأن الدفاع عن الوطن هو برفع قدرة والإخلاص في العمل والعطاء والعلم والذود والدفاع عنه ضد أي خيانة ومؤامرة وفتن وصدها و إسكاتها والتكاتف ضدها ورفضها بكافة أشكالها يبقى وطناً أبياً شامخاً عالي الكرامة لأن كرامة الوطن من كرامة ابنائه..

ليس من الافضل في شيئ للمرء من أن يكون وطنيا في حسه وفي سلوكه اليومي إذ لا يكفي أن يفتخر الإنسان بانه وطني وإنما يجب أن يترجم ذلك الشعور إلى واقع وأن يتحمل التضحيات التي تترتب عن ذلك مهما كانت جسامتها .في التعبير عن حب الوطن بالكلام والخطابات الجوفاء دون تطبيقها بالعمل هو في الحقيقة تمويه وكذب ودجل ، والقسم في ان كل كنوز الدنيا برمتها لا تساوي ذرة واحدة من ذرات ترابه الغالي، كل ابناء الوطن المخلصين يعتبرون كل شبر من تراب الوطن فوق الجميع وفوق كل شيء وأنه مهما بذل لأجله لن يوفي حقه، حبه جزء من الايمان والعقيدة وعليه يتنافس في العمل والعطاء والإنجاز لرفع شأنك بين البلدان واعلى مكانته بين الامم ، أن العراق ما زال يمتلك مسارات قانونية ودبلوماسية لإعادة النظر في تنفيذ هذه القرارات أو تفسيرها، سواء عبر محكمة العدل الدولية أو من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.  كما أن إلغاء المحكمة الاتحادية قانون التصديق على اتفاقية 2012، مهما كان سببه، يفتح الباب للطعن السياسي والقانوني في الاتفاقيات التي فُرضت تحت ظروف استثنائية.