23 ديسمبر، 2024 2:53 م

نصف عقد مضى وأنا البغدادي مولدا” ولقبا” يزين بطاقة هويتي ، أسكن كوردستان (السليمانية) ، تنقلت فيها بعد مقدمي إليها سعيا” وراء خدمات أفضل وصيف تهزم حرارته اللاهبة كهرباء متواصلة دون إنقطاع ، وشتاء قارص (تنعر) فيه أجهزة التكييف لتحيل شتاءك صيفا” هربت من جحيمه ، من (رزكاري) في باديء الأمر حيث حنين (أسرتي) إليها لايوصف كأنها محل ولادتهم وموطن آبائهم وأجدادهم ، إلى (بختياري) مستقري الأخير ، أطل من شرفتي لألوح بيدي لـ (جعفوري) إبني البكر في جُنينة على بعد مترين مني أشم نسائمها ، يداعب كرته مع أقران له عربا” كانوا ام كوردا” دون ضغينه من أحد كما يشيع البعض او عنصرية .
متنزهات المدينة المنتشرة في كل حيَ منها ، ووفرة الخدمات ، ودوائر الدولة التي تنسيك رشوة تستكمل بها ملف معاملتك لتمضي قدما” ، والحد الفاصل بين ماهو ديني تُملأ المساجد به في جمعات الناس ، وآخر آمن بغير ماآمنوا وكلاهما محترم ، مصونة حقوقه ، لايكفر أحدا” منهم الآخر او يخرجه من ملة ، تجعل دموعك تنهمر وتساءلاتك تكثر ، ألا يحق لنا نحن في بغداد وغيرها من مدن العراق ، أن يكون لنا ذات المكتسب .
الله الله … هاهُنَ (حوريات) كوردستان ، جمالهن ، أناقتهن ، رقتهن ومظهرهن الرائع بعدما تزين بأخر صرعات المودة العصرية ، ناهيك عن ألوان زيهنَ الكوردي التقليدي الجميل ، أتين لتناول غداء او عشاء مع دبكات فلكلورية جميلة ، دون أن يثلم او يخدش أحد كرامتهن او يجعل منهنَ عرضة لعهر هُنَ براءٌ منه ، بسبب ماأرتدين من ملبس ، بعد أن أختزلنا نحن كل عناوين الفساد في جسد إمرأة ، وإن كنَ سببا” في ضربات ، قرصات موجعة لزوجة ، كلما لاح لها نظرك وقد ذهب بعيدا” عنها .
بين متنزه وآخر ساحات يلهو بها أطفالي بعد حرمان ، لاخوف عليهم من مفخخة حالم بجنات عدن او لاصقة ترعبهم ، نتيجة إجراءات أمنية متخذة على مداخل الإقليم ، يعابون عليها مرات لشعور البعض منا بمهانة ما غير مقصودة ، هدفها حماية الجميع ، يثنى عليها بعد أن ينعم السائح نفسه بأمان لم يألفه في مدينته القادم منها .
الجواهري ، الزهاوي عناوين لمدارس عربية ، والنية تتجه لإفتتاح المزيد بعد تزايد أعدادنا نحن العرب القاطنين هنا ، مسجد وحسينية الإمام الحكيم ، هيَ بناء فخم من طابقين ومنارتين وقبة ، في أجمل بقعة في المدينة ، يؤمها شيعة مثلي في المناسبات كعاشوراء وغيرها من ولادات الأئمة وإستشهادهم ، وملتزمين دينيا” للصلاة في أوقاتها .
إن كنت عربيا” وتسكن كوردستان ، لابد أن تتهيأ ليكون بيتك محطة لأهلك وأصدقاءك القادمين للسياحة ، وترك عملك والتفرغ لهم ، سوق ، مصايف والتجوال بهم على أمكنة المدينة وزواغيرها التي طرقت أسمائها آذانهم ، او كنت أنت قد حدثتهم عنها سابقا” ، تعلوا وجوههم إبتسامة ، او كما يصفها أحدهم (تجعلني في خدر حد النوم) لموسيقى بائع إسطوانات الغاز الجميلة ، بعد أن أعيته طَرقات الحديد المزعجة .
(ئه زمر) ، جبل لابد للزائر أن يكون في قمته ، ليحتضن المدينة بنظره رفقة الجبل ، سرجنار ، احمد آوة ، دوكان ، محطات عليك ان تلفها مع زائريك في كل حج لهم إليك ، وعمو (ودينة) لهذا المكان او ذاك ، وعمو بعينج كما يقول العزيز صالح الحمداني إذا كانت التي تسمعك اللفظ (المقيت) بارعة الجمال .
نصف عقد لم أجد فيها إلا شعبا” طيبا” ، لاعنصرية تشعرني بالغربة او أحقاد ، السليمانية مدينة تُبكي كل من غادرها مودعا” وإن كان على يقين من عودة أخرى لها ، وسطوري هذه لاعلاقة لها بموقف سياسي قد أتخذته وأنتهى أمري إليه ، بل سرد لسنواتي وعائلتي هنا .