23 ديسمبر، 2024 12:51 ص

خواطر قابيل وهابيل خواطر قابيل وهابيل

خواطر قابيل وهابيل خواطر قابيل وهابيل

نشأت رؤى الصراع الأول من معنى الحكاية التالية: أن رجلا كان يسد جوعه من خلال قطفه لتفاحة في شجرة بغابة يذهب اليها كل يوم، وصادف أن سكن جار قربه وكان يتحين الفرصة بجاره لينال من تفاحته قضمة إلا ان الأول كان يمتنع ان يعطيه منها ويقول له :الجوعان يأكل الحجر عندما يعجز عن توفير الطعام لنفسه. فكُلْ الحجر ما دمت لا تريد ان تذهب الى الغابة وتقطف لك تفاحة.

امتلأ الرجل الثاني غيضا وتصارع مع جاره وشج رأسه بعصا غليظة وانتزع التفاحة من بين يديه واكلها فيما سقط الاول صريعا وهو مضجرا بدمه، ومن يومها شكل الصراع بين البشر الرغبة في الحصول على ماليس لك من مال واراض ومدن وبشر.

يقولون ان صراع قابيل وهابيل هو الحرب الاولى وتطور هذا الشجار من الحجر الى صواريخ عابرة القارات وبين الحجر والباتريوت عاشت الحضارة والبشرية حروبا طاحنة وكانت الحروب الحاضنة الاولى لنشوء الثورات والجماعات المقاومة عندما تفرضُ الحرب على شعب ما معاهدة مذلة او احتلالا ظالما لتظهر في السجل التاريخي المصطلحات التي لم يألفها الانسان البدائي الذي صنع حياته على فطرة العيش في الكهوف والقرى الزراعية الاولى، لكن المطامع وظهور الطبقات وتطور المجتمعات وايمانها بالحاكم والملك واضطرارها لتأليف الجيوش للدفاع عن كياناتها اوجد هاجس الطموح للتوسع واضافة الممالك والاراضي ونيل المجد فكانت مسببات الحرب لا تحصى ومنها من تقوم على طمع بأراض خصبة ومياه ومناجم ذهب ومنها من يعلن لأجل لحظة غرام وقصة عشق كما في حرب طروادة ومنها من يقوم بسبب كلمة شتم يطلقها ملك على ملك اخر ومنها من يعلن بسبب نداء استغاثة تطلقه انثى كما في حرب عمورية ايام المعتصم، وحرب البسوس التي استغرقت اربعين عاما سببها ناقة.

هذه الحروب التي توارثها البشر وصار اشد حذرا من نتائجها لم تزل تستعر في جسد هذا العالم وكأن الحجر الذي شج رأس واحد من ابناء آدم ينزل ضربته كل يوم على رؤوس الاف الابرياء ضحايا الصراع الديني والسياسي والمذهبي وآخر مصنوعا بفضل عولمة الدبابة وصواريخ الكروز، وهناك الحرب التي لاتفرق بين المدني والجندي تحملها مذاهب التكفير الجديد المصنوع في كهوف قندهار الافغانية على شكل قاعدة وجند الاسلام والنصرة وأخيرا داعش آخر مودرن للتكفير.

الحروب صغيرة وكبيرة، عالمية وقطرية ومحلية هي الهاجس الذي يرفض ان يغادر الحياة الارضية وكأنه يريد ان يبقي هاجس الفناء مرسوما في احلام البشر ليصنعوا لحياتهم رؤى المدينة الفاضلة التي كتبها افلاطون بخياله وقراطيسه إلا ان هذا لم يتحقق الى اليوم، فكل يوم تنبت على الارض ملايين الزهور في حدائق القارات السبع وفي الوقت نفسه تخرج من فوهات المدافع والبنادق والمسدسات الكاتمة ضعف هذا العدد من القنابل والرصاص ليختلط البارود بالعطر وحتما ستنتصر رائحة البارود وتملأ المكان بالدموع والنعوش واليتامى والارامل والضحايا، فيما الوردة لاتفعل شيئا سوى انها تذبل في انتظار ربيع قادم على امل ان تبرعم ثانية في ربيع ليس في حروب. ومنذ صراع الحجر والتفاحة والى اليوم لم يمر ربيع على الكرة الارضية من دون حرب.

دائما هناك مقاتل ونزاعات وتهديد على شكل هيمنة واستعمار وامبريالية واحتلال وحُكم طغاة واخير اتت الحروب بشكلها المودرن (عولمة الفيس بوك والفايروسات والطائرات بدون طيار).

منذ قابيل وهابيل ونحن نتشاجر…المطلوب أن يأتي المُخلص بثيابه البيضاء يحمل وردة بين يديه ويدعو للسلام والامان والأحلام الوردية المسالمة.!