فى عصر المعلوماتية و الفضائيات المفتوحة على حقائق الصور المعبرة ‘ يبدو واضحاً ‘ أن الإعلام الرسمي لدول منطقتنا من خلال مؤسسات الاذاعة والتلفزيون والصحافة (وهى كلها رسمية حتى لو مملوكة للقطاع الخاص وحسب المنطق : ملتزمين بالرسميات وإن لم يتوظفوا..!)…حيث تتعامل هذة المؤسسات مع المعلومات بإلاعتماد على نظرية المؤامرة ‘ وكل التوجهات الإعلامية تنطلق لاثارة العواطف وإثارة الحساسيات بين الناس بدل التوجه للتعامل العقلانى بالأرقام والحقائق وثوابت مايجرى من حولنا
في سبعينات القرن الماضي ؛ أحيت الفنانة الكبيره (فيروز) حفلآ غنائيآ على مسرح قاعة الخلد في بغداد ، وأتذكر أجرت الصحفية المتميزه السيده ابتسام عبدالله لقاءآ شيقآ مع الفنانه الكبيره نقل مباشرتا من تلفزيون بغداد ،،المهم ..وغنت فيروز اغنيتها المشهوره الرائعة لاتمحى من الذاكره (بغداد ..الشعراء والصورو…….) وبعد حفلتها في بغداد، توجهت بعد فتره أو مباشرتآ – في الواقع لا أتذكر- الى دمشق ،، وقدمت في حفلتها هناك أغنية عن دمشق (أعرق مدينة في التأريخ) …فماكان من عقول الاعلام السائده في تلك الفترة في بغداد والمعتمدة على بعض المستشارين من تلامذة النهج الاعلامي ل(أحمد سعيد) سيء الصيت ..! الا أن صنع من الموضوع خبرآ وتعليقآ مثيرآ ونشر في مجلة (ألف باء) …( ولمن يبحث عن الحقيقة مراجعة اعداد هذه المجلة في تلك الفتره سترى على غلاف صوره السيده فيروز بزي ذات لون السمائي ) مع تعليق بخط كبير يقول: فيروز في المزاد العلني…!! وكان الخلاف (سياسي) بين بغداد ودمشق ؛ ليس لاكثرية خلق الله ،، وبينهم الفنانة (فيروز)لا ناقة فيه ولاجمل ولكن الاعلامي الذكي اراد صناعة الاثارة !! وهو وبالمناسبه كان من مصر وليس عراقي..،أستغل هذا الخلاف متسائلآ : كيف تسمح الفنانة فيروز لنفسها ان تذهب من بغداد – جبهة الرفض – الى دمشق –جبهة التسوية – (حسب المفاهم السياسية السائدة في تلك الفتره) وتغني وتمجد دمِشق كما غنت لبغداد….؟! وكان قد توعدة المواطن العراقي ومنذ الخمسينات القرن الماضي يغسل وجهه كل صباح باغاني فيروز مليئه بالحب والحياة وكان اذاعة اغانيها تقليدآ ثابتآ في راديو بغداد ولمدة نصف ساعة ؛؛ فكان وبعد هذا الخبر المصطنع للاثاره حرم المستمع من سماع اغاني هذة الفنانة العظيمة لاكثر من عام …حيث سمعت ؛ أن عاقلآ في الوسط الاعلامي تدخل وانتقد هذا الموقف المتخلف في التعامل الاعلامي وتم اعادة اذاعة اغاني فيروز كل صباح في اذاعة بغداد…أروي هذه الحكايه لتكون مفتاح التأمل ولو قليلآ في الوضع الاعلامي البائس في اكثرية الدول العربية حيث ظاهرة : لاوسط في كل البرامج الاعلامية لصالح توعية نوعيه لفهم تربوي مبرمج لمايجري حولنا ،، فاما (صياح واثاره على نهج أحمد سعيد) الذي اعتقدنا انه سقط بعد نكسة حزيران ، أو بث خمول وميوعه من خلال (فديوكليبات) متنوعه ولكن ذات مصدر واحد وباتجاه واحد…وقد جأء في الآخبار انه صرف 18 مليار دولار عام 2008 في البلدان العربية لبث الاعلانات..!!ومن يلاحظ يرى ان الاعلانات تحتل حيز اوسع في كل الفضاءيات العربية وان هذه الاعلانات ليس مؤذيه وتشجع على الاستهلاك فقط ؛ وانما تشجع على الميوعه والسطحيه في طرح اشياء.اضافة الى ان الكثير من هذه الاعلانات مصممه بشكل يؤذي الذوق العام وفي بعضها استهزاء بالتربية في مجتمعاتنا (على سبيل المثال اعلان عن نوع من دهن الطعام تقوم بترويج له ناظرة مدرسة للاطفال وفي التجمع الصباحي للتلامذها..! وعشرات غيره بل تجار الاعلانا ت اصبحو يستهزؤون بكل القيم الاخلاقية والتربوية لمجتمعاتنا—احد اعلانات عن نوع من اجهزة اتصال نموذجآ)
لاأدري من وضع اسس الاعلام عندنا لتكون في كل الاحوال وسيلة للتشنج ولا يعطي اية فاصلة للاسترخاء حتى في الحالات التي تدعي حالات الانتصار…! واستراحة المحارب بحيث ان العاملين على نشر الاعلام السلم يؤدون دورهم على طريقة أهل الحرب..!؛ وفي كلتا الحا لتين يضعون الناس في حالة نظر الى كل شيء من ثقب الباب ولا ينطلقون الى فضاءات الرحبة..
في هذا العصر المليئ بالتعقيدات ،،مايقوم به اكثرية الكاثرة (مع الاسف) من وسائل الآعلام في بلداننا يظهرحتى،، بعيدين عن مهمة التوعية الناس بضرورة معرفة مايدور حولهم ليتعاملوا معه بشكل لايسقطون في مطبات الجهل ومايدور حولهم كانهم كل مرة يقعون ضحية المفاجاءات ….بل حتى كثير من أجهزتنا الاعلامية داخلية لكل بلد ، قاصرة في فهم مواطنيه بعناوين ومضامين القوانين الذي يحكمهم او هم يتعاملون مع بعضهم البعض في ضؤ هذه القوانين. اطلعت مرة على قول صريح لاحد خبرأنا القانونين في احدى محاضراته القيمه سجلت منها هذة الفقرة في ارشيفي الصحفي ..يقول(أن مجتمعنا العراقي كما هو حال باقي الاقطار العربية واغلب بلدان العالم الثالث يواجهون مشكلة حقيقية تتجسد بانخفاض مستوى الوعي القانوني العام وعدم المعرفة الكافية بالقوانين النافذة في اوساط الجماهير…واننا لو اخذناعينية عشوائية من الموظفين وسألناهم عن – واجبات الموظف –كما ورد في قانون انضباط موظفي الدولة..وعينية اخرى من رجال الشرطة وسألناهم عن –حدود صلاحيات رجل الشرطة في استعمال السلاح—كما ورد في قانون واجبات رجل الشرطة في مكافحة الجريمة ، وعينية ثالثة من رجال الجيش وسألناهم عن –انواع الجرائم العسكرية—كما ورد في قانون العقوبات العسكرية ، وعينية رابعة من النساء وسألناهن عن –حقوق الزوجة—في قانون الاحوال الشخصية فكانت اجاباتهم جميعا ضعيفة ودون المستوى المطلوب) واذا نظرنا بتأمل لهذا الضعف في الوعي وربطنا الوعي الاجتماعي بوجود اعلام متزن والعكس بالعكس ..واكتشفنا اننا اذا وجهنا سؤال الى موظف اعلامى عن فهمة لمهمته تجاة الناس وكشفنا معلوماته ليس فقط ضعيفة وانما يتحدث : اما كجاهل اومتناقض مع المطلوب منه و بتفلسف وكلمات رنانة صوتآ وفارغة مضموننآ نكتشف حجم ماسات وضعنا الاعلامي ..وأخطر ما في أجهزةالاعلام الان ‘ نرى ان بعضهم يستغل ضعف فهم مهمة الاعلام اساسا ومعهم الموظفين للهو وليس لدق ناقوس الخطر ولو بالهدوء والشفافية…!!
كنا نتأمل بأن إدعاء (حرية الاعلام ) مع مراعات الوضع الاجتماعي (لآهل البلد ) كما يقولون صحيحا و المهمة الاولى المطلوب لتحقيق الهدف أن يكون أخذ الوضع الاجتماعي و التعامل بصدق مع مفاهيم الحرية ‘ ولكن الوضع الآن أكثر مزاجية ‘مظاهرها الفوضى وتحت نفس العنوان الحرية ‘ احيانا نسمع أن (ليس فقط الاجهزة مسؤولة عن الاعلام والتوعية ‘ بل مزاج (جهة ) من الجهات المتنفذة تستطيع ايقاف أي توجه اعلامي غير منسجم مع توجهات تلك الجهة والا : يحصل مالايحمد عقباه … فلا نرى (إلاعلام المركزي …!!!) و لااعلام ذو اهداف وطنية يقوي وحدة الشعب الوطنية … بل اعلام (مزاج مشمول باهداف المحاصصة ) التي هي الظاهرة الوحيدة التي ثبتت أقدمها بعد التغير ..والله اعلم