عندما كنا نعيش طفولتنا في القرى والارياف مازلنا نختزن في ذاكرتنا حكايات كثيرة منها جميلة مفرحة ومنها حكايات مخيفة جداً مثل صوت الرعد والبرق القوي في فصل الشتاء ونحن خائفين في بيوتنا الطينية من هذا الصوت القوي والذي تسمى ضرباته القوية ( الزاعجة ) ومن اشياء الرعب والخوف الاخرى خواريف الامهات والجدات عن الحنفيش والسعلوة وكيف يستطيع ان يأكل الانسان وانه يركز على الاطفال فقط فتجدنا بعد كل خاروفة مغطين رؤوسنا بفراشنا المصنوع من الصوف والخوف يعصر قلوبنا لنسلم انفسنا لنوم عميق نجلس عند الصباح وقد اشرقت الشمس وعادت لنا الحياة من جديد وننسى حكاية كل خاروفة وكأننا تحررنا من معركة قتالية.. كان هذا في الماضي القريب اما اليوم وفي حاضر زماننا فأننا نعيش خاروفه السياسي الذي يطمح للصعود الى منصب يحصل من خلاله على كل مكاسبه الدنيوية فاذا ما فاز في الانتخابات البرلمانيّة وحصل على مقعد نيابي او مقعد في المجالس المحلية فانه يجد نفسه قد انتقل من الطبقة الدنيا الى طبقات المجتمع العليا… فتجده يتكلم وكأن حديثه محسوب بمبلغ مالي مع العلم ان الأغلبية من هكذا اشخاص لا يجيدون حتى الكلام في المجالس مع الاسف ولكن كثرة المنافقين في المجتمع الذين تعودوا على صناعة الاصنام.. واغلب المسؤولين ومع الاسف الشديد يصاب بعد مدة من الزمن بداء العظمة فالحماية الخاصة والخدمة المميزة والمبالغ المالية الخيالية وقصور السكن وشاليهات البحر تصل به الى حد الجنون…
ولابد ان نذكر بعض هذه الخواريف فكل مرشح اليوم عندما يزور مجتمع سواء كان في المدينة او القرية تجده يتكلم بنفس لهجة جداتنا سابقاً ولكن بطريقة خاروفة الوعود الكاذبة فيقوم بسماع المشاكل الموجودة ويوعز بتنفيذها فورا دون حصول اي تغيير على ارض الواقع.. ومن المعيب على الحكومة وخاصة الحكومة المحلية ان تقبل بأن تكون دوائرها الخدمية بخدمة المرشحين لتبليط شارع او انشاء مدرسة او انشاء مركز صحي فكل هذا هو من واجبات الدولة وموجود ضمن فقرات الموازنة ومعمول به وفق جداول زمنية.. ولكن المرشح يبدوا انه متحمس جدا وجاء الى انقاذ اهل القرية من السعلوة والحنفيش وان اعماله الجليلة سوف يقضي على الفقر بسلته الغذائية البسيطة. فيا أسفي على
(( نفط العرب مو للعرب بيد الحرامية))….
وهنا كمواطن بسيط يود ان يطرح اسئلته من خلال هذه المقالة على كل مرشح استلم مبلغ مالي صخم من رئيس قائمته ان يسأل نفسه من اين لك هذه الاموال يارئيس القائمة وماذا تريد مني في حالة الفوز بمقعد برلماني وهل وقع التعهد امام رئيس القائمة وقرأ الشروط وهل وجد الحنفيش ورآه بأم عينه…
رحم الله جداتنا اللاتي أخافنا بالمجهول دون ان يعرفن ان الحنافيش والسعالو موجودة بكثرة اليوم في مجتمعاتنا واننا لا نخاف منهم وانهم على موعد معنا دائما يستجدون اصواتنا كل اربعة سنوات. وان كان حنافيش الجدات يسكنون في المغارات والكهوف على عكس حنافيش اليوم الذين يسكنون في ارقى الفنادق ويصطافون في المنتجعات العالمية…
ولله درك ياعراق العروبة وعراق الثروات الطبيعية وعراق الحنافيش….
ملاحظة..عزيزي الحنفيش لاتصدق انك شخصية حقيقية فانت مجرد وهم خرافي من حكايات العجائز وشخصيتك الحقيقية ظهرت بعد دخول الديمقراطية الامريكية للشرق الاوسط فانت اذاً شخصية ديمقراطية…
تم تصغير العنصر.