فدعة بنت علي الصويح وسليلته ورثت عنه كل ما تمتع به من حكمة وذكاء وفهم وفراسة وشاعرية أيضا. فهي خنساء الريف العراقي كما يلقبها النقاد.
امتلئ موروثنا الشعبي بقصصها وشعرها المليء بالحكمة والفهم والجمال والحنين والحسجة، وسنذكر واحدة من تلك القصص التي تبين بجلاء مقدار ذكائها وفراستها وقوة شخصيتها.
*حزورة* :
ظلت فدعة بعد وفاة أخيها حسين ترعى جميع مصالح البيت رغم ثقل أحزانها | واشتداد فاجعتها ، تدير حياة البيت كأي رجل قادر واثق من نفسه ، تحظى باحترام الجميع دون استثناء، ولكلمتها القبول التام ويقصدها الكثيرون لحل | مشاكلهم وتقديم النصح المناسب نظرا لما كان معروفا عنها من رجاحة العقل وسعة الحكمة ، وفي أحد الأيام ضاعت شياه لها أو اختلطت بشياه أخرى . ولكنها عرفت مع أي قطيع اختلطت شياهها ، فقصدت الرجل الذي تبينت بيقين | کامل آن شويهاتها اختلطت بقطيعه، وقالت له يا عم أنا فدعة بت علي وقد اختلطت شياهي مع قطيعك وجئت لاسترجعهن.
فنظر لها الرجل باحترام وإعجاب شديدين وشبح ابتسامة يطوف على ملامحه : يا بنتي جاءت شياه مع قطيعي ، وما دامك تدعين انك قدعة بنت علي ابن صويح فأنت مصدقة عندي ، ولكن أود أن اختبارك لا تأكد إنك بنت علي فعلا لم تمتعض فدعة ولم تتضجر أو تشعر بالأسى وقالت له تفضل يا عم.
قال لها الأولى: ليل وركب ليل ومشه تحت ليل واحد اله ذيل والآخر ليس له ذيل”
قالت له هذه أحد خدمك وهو أسود وركب حصان أسود تحت جنح الظلام.
قال لها وسؤالي الثاني : “أبو العرنده يمشي يتهده يدخل يابس يطلع منده”.
فهمت الحزورة أو الأحجية لكنها شعرت بحرج وخجل شديدين فهي في أحد ايماءاتها تشير إلى العملية الجنسية أو الجماع.
فقالت له : “انت عمي وبمقام والدي ، لماذا تضعني في هذا الموضع وتجعلني اتخبط بين الخجل والخيرة”.
إن قلت لك القلم والمحبرة ستقول لي احليل الرجل، وإن قلت لك احليل الرجل ستقول لي القلم والمحبرة ، وهنا الحيرة يا عم.
فقال والله أنت بنت علي أبن صويح اعطوها الحلال اعطوها الحلال وزيدوها لفهمها وخجلها وسمعة أبيها.
وشكرا.. (المصدر : كتاب شفاهيات من الجنوب «علي أبو عراق»)