بعد انقطاع طويل عن صديقي الحاج زعيبل قررت زيارته في يوم الجمعة الفائته .ركبت( الكيا) وتوجهت الى مضيفه فوجدته فارغا فطرقت الباب فجاء صوت زوجته يستفسر عن الطارق فسالتها عن الحاج واين اجده فقالت ان الحجي مع ( الاويلاد ) يحفر خندقا قرب الجامع القديم.
هرعت الى المكان فوجدت الحاج زعيبل ومعه جمع غفير من الناس منهمكين باكمال حفر خندق طويل عرضه مترا واحدا وعمقه مترا ايضا.
حين رآني حاج زعيبل قفز الى خارج الخندق وراح يعانقني عاتبا:
(صدك لو كالوا انتم البورجوازية صحبنكم للركبة وموش اهل طويلة)
رحت ابرر له انقطاعي وكيف ان ماوصلت اليه الامور زرع الاحباط في نفسي..
قاطعني وهو يرسم بيده حركه دائرية اقرب الى الحلزونية دلالة على عدم الرضا :
(استاد جا اذا الامور زينه ومثل ماتريد الناس جا شنسوي بعونتك .. ماتكلي جاشنهي فايدتك اذا كل ماتصير بينه طركاعة تشرد انت وربعك المثقفين ..الزلم ياستادي تنعرف وقت العازة .. وكت الضيج)
اشعرني عتبه بالخجل فاردت تغيير الموضوع فسالته :
قل لي شنو سالفة هذا الخندق اللي صارلكم اربعين جمعة تحفرون بيه ؟
قال : (استاد السالفة ينرادلهه كعدة ) وسحب يدي واجلسني جنبه على حافة الخندق وقال بعد ان جذب حسرة كبيرة :
استاد مثل ما تشوف عينك ( هيتي هيتي مثل مارحتي اجيتي ) فرحنه وكلنه اتخلصنه من غليص اشو مانشوف الا الف غليص طلع انه من الرازونه …شي صلعان ملسان .. شي جنهم قزان فوكه صفرية .. شي
مزينه اشواربهه ، شي شواربهه جنهه اشباب المضيف .. اشكال وارناك ..لاتكلي ولا اكلك اخذونه حاصل فاصل واكلوا الطبك والرغفان ..حاولنه وياهم بكل وسيله مافادت، ومن شافونه انلّح ونطالب بحصتنه من النفط حفرولهم خندق وتخندقوا بيه وهدوا جلابهم علينه يهمشن بالرايح والجاي ، فصارت عيشتنه مره وخفنه على رواحتنه فحفرنه هذا الخندق حتى نحمي نفسنه منهم…
سالته : حجي بس ماكاعد اشوف عدكم أي سلاح..كاعدين بالخندق بس اتصيحون وتشتمون بيهم وهمه ولاهامهم ويضحكون عليكم
قاطعني حاج زعيبل بغضب :
(لا استادي انت مشتبه. اصلا ماينامون ليلهم من الخوف . لاتصدك بان المطلوب عتبه ،والماكل حقوق الناس، واللي بركبته دم، ينام ليله .. ذوله خايفين ينفذ صبرنه ونسويهم اعلوج الزايره…)
وبينما نحن نتحدث عن قضية الخندق وخوف بعض الفقراء من التخندق مع حاج زعيبل ورفعهم شعار ( انه اشعليه ) صم اذاننا دوي هدير محركات وازيز طائرات ، فساد بين سكان الخندق هرج ومرج فهذا يقول انه انقلاب عسكري وهذا يقول ان الحرامية تعاركوا بينهم بعد ان اختلفوا على تقاسم الغنائم .. صاح حاج زعيبل 🙁 اخوتي اصمدوا … لحد منكم يعوف الخندق ..اخوتي : من لاخندق له لا شرف له..)
اقتربت الاصوات كثيرا وانجلت الغبرة فبانت الصورة بكل وضوح :
سكنة خندق الحرامية المقابل لخندق حاج زعيبل خرجوا من خندقهم متوجهين نحو خندق حاج زعيبل بكامل عدتهم واسلحتهم الخفيفة والثقيلة وترافقهم جرافات وبلدوزرات كثيرة .. صاح الحاج زعيبل بجماعته :
(اخوتي ذوله السرسرية جايين يدفنون الخندق .. اخوتي ابقوا بخندقكم ، لو خندقنا يبقى لو يدفنونه بالخندق ..)
ترجل عجيد الحرامية وريث غليص يتبعه مئات من الحبربشية الى ان صار بمواجهة حاج زعيبل فصرخ به حاج زعيبل 🙁 والله والله مانعوف خندقنه … اهنا موتتنه.)
قال وريث غليص : اخي المواطن الكريم : من قال لك اننا ننوي ردم الخندق .. اننا قلنا منذ البداية بان التخندق حق ديمقراطي واننا نشجع التخندق شرط ان يكون الخندق خاليا من الامراض السارية فصحتكم اغلى شيء عندنا..
صاح حاج زعيبل : جا ليش عايفين خندقكم وجايين لينه باسلحتكم ؟
قال وريث غليص : اخي المواطن .. حبيبي المواطن .. خندقكم هو خندقنا وماكو فرق بيننا وبينكم .. احنه لازم انكون بخندق واحد .. نحن معكم في خندق واحد … خندق واحد لاخندقان
صاح جعيول مرعوبا :(اعوينة ابو عرجي ، بلف صدام رد النه ردود .وهاي السالفة مال خندق واحد لاخندقان ماتبشر بخير، والهه معنى واحد : ايريدون ايخربون خندقنه.)
لم يعر وريث غليص أي اهتمام لكلام الحاج زعيبل ولوح بيده فتقدمت مجاميع الحمايات الى الخندق وهي تحمل الكراسي والمناضد . صفت الكراسي والمناضد في الخندق فقفزوريث غليص الى الخندق وتبعه كل الحبربشية ثم جاء السفير الامريكي يتبعه سفيري ايران وتركيا ثم تقدمت من الخندق مجموعة بعارين يمتطيها بدو يلبسون عقل مقصبة فاناخوا رحالهم وتخندقوا قرب وريث غليص وحبربشيتة
صاح حاج زعيبل 🙁 ولكم والله حرام عليكم صار النه مية جمعه نحفر بهذا الخندق وهسه تجون وتاخذونه علحاضر..)
صاح احد حبربشية شبكة الاعلام العراقي : اخرس ياابن البهيمة .. الارض اللي حفرتوا فيها الخندق هي ارضنا وما انتم الا رعاع.
خرج حاج زعيبل من الخندق فتبعته جموع الفقراء الغفيرة، وقد حاولت حمايات الحبربشية منعهم من الخروج لكنهم وبصعوبه افلتوا من قبضة الحمايات والتحقوا بحاج زعيبل..
وقف حاج زعيبل بعيدا عن الخندق وصاح :
(شوفوا مناعيل الوالدين احنه راح نتخندق بالهورة واللي بي خير يكرّب لينه)….
وخلال ايام معدودات لاتتجاوز اربعة جمع تم حفر خندق جديد للفقراء بعيدا عن خندق وريث غليص والتسعة والثلاثين حرامي اللذين معه، ووضعت لافتة بين الخندقين تقول : خندقان لاخندق واحد[email protected]