18 ديسمبر، 2024 10:40 م

خنجر الغدر و الخيانة … ماذا بعد الحيالي ؟!

خنجر الغدر و الخيانة … ماذا بعد الحيالي ؟!

 

في كل قوانين البلدان المتقدمة منها و المتخلفة ، الملكية منها و الجمهورية ، المستبدة و حتى الديمقراطية ، في الديانات السماوية و الوضعية على حد سواء ، تنظر للخائن نظرة ازدراء و تحاكمه اشد المحاكمات و تنزله عليه اقصى العقوبات ، الا في العراق حيث نرى العجب العجاب .

من يخون بلده و شعبه يحظى بالتكريم حد التقديس ، و يكون من علية القوم و افضلهم شأنا ، كلما خان بلده و تسبب بسفك الدماء و زهق الارواح كان نصيبه من التوقير اكثر ، لا تستغربوا رجاءا فمصابنا اعظم !!!

لنأخذ خنجر الغدر و الخيانة مثلا ، رجل اعمال و سياسي معادٍ للعملية السياسية ، كان له الاثر الاكبر في دخول داعش و سقوط المدن الغربية الواحدة تلو الاخرى ، فلقد استغل حالة الاحتقان الطائفي في الشارع السني و المشاكل السياسية انذاك و الاستخدام التعسفي للسلطة من قبل الحكومة حينها ، و استطاع بالاموال التي يمتلكها و الممولة من دول اقليمية اخرى ان يُجير مطالب الناس الحقة في معظمها نحو اهدافه و مخططاته .

انحرف مسار الاعتصامات من مطالبات بالحقوق البسيطة نحو التهديد و الوعيد باسقاط النظام و رفع شعار قادمون يا بغداد ، من مظاهرة و اعتصام سلمي الى اعتصام و عصيان مسلح و مقر للقاعدة و مخبأ لمطلوبيهم ، كل هذا كان برعاية الخنجر و ثلته القذرة ، في ظل ذلك دخلت داعش من بوابة الموصل ، حينها طلّ علينا من خلال شاشات التلفاز مهلهلا و مباركا و مرحبّا بدخول داعش و احتلال العراق و مفتخرا بكونه الداعم لهم بكل ما يملك !!! انه راعي الارهاب الاول في العراق هذا ما افصح عنه نهارا جهارا دون حياء و لا خجل .

بعد كل هذا التاريخ الاسود ، نرى الخنجر عائدا نحو ارض الوطن بصفته زعيما سياسيا سنيا مؤثرا !!! و يتم استقباله و الترحيب به من قبل معظم الزعماء الشيعة و هم الاعداء بالامس و الصراع بينهما كان بين حق و باطل ، بين علي و معاوية ، بين الحسين و يزيد ، هذا حسب زعمهم ، فكيف اجتمعت الاضداد ام هم بالاصل ليسوا اضدادا بل واحدا ؟! و خيانة هؤلاء الزعماء اقدم من هذا الخنجر و لحروب القرن العشرين عظيم الشواهد !!! اين شعارات الثار لدماء الشهداء و انصاف اليتامى و الانتصاف للارامل و الثكلى !!!! كيف لمن تلطخت يده بدماءنا ان يعود و يتسلط على رقابنا !!! ايزهق ارواحنا بسوح القتال و يُسلط على حياتنا في السياسة ، هل هذه العدالة و الاقتصاص من المجرمين و الارهابيين القتلة !!!!!

ان عودة الخنجر و مشاركته في العملية السياسية تعني سيناريوهين لا ثالث لهما ، و لانه يمثل اجندة دولة خليجية بعينها هذا يعني تطبيقه لتوجهاتها السياسية التي تخطط لها ، فبعد ان كان يصف شيعة العراق بالصفوية ها هو الان يرتمي باحضان الدولة الصفوية الام كتلك التي يمثلها ، و يكون جزءا من محورها و مشروعها السياسي الفاعل في العراق تماشيا مع توجهات هذه الدولة بغض النظر عن قناعته من عدمها لانه اداة رخيصة و ما عليه سوى التنفيذ و هذا هو الاول .

اما السيناريو الاخر فهو تخطيطه مع من يشايعه و يسانده لضرب العراق من الداخل و القضاء على الحكومة رويدا رويدا من خلال تواجده ممثلا فيها ، ذلك بعد ان فشل فشلا ذريعا بالقضاء على النظام القائم من الخارج ، هذا السيناريو ليس جديدا بل كان محط التطبيق من قبل معظم سنّة السلطة في اول مشاركة سياسية لهم بعد السقوط لكنهم اصيبوا بالفشل الذريع حينها ، و لعل هذا السيناريو هو الاكثر واقعية بمقياس الشواهد العملية .

من ابرز مؤشرات و تجليات هذا السيناريو ، هو تقديم اسماء للاستيزار في حكومة عبد المهدي عليهم مؤشرات امنية خطيرة ، منهم من كان احد قادة القاعدة في العام 2007 و ابرز المطلوبين قضائيا و الملاحقين امنيا و تم التصويت عليه وزيرا !!! و اخر ما تم طرحه للاستيزار و الذي اثار ضجة كبيرة هو الحيالي وزيرا للتربية ، فاخوها و ابناءه دواعش ، اما زوجها فقد انضم لداعش و اعلن التوبة و هو الذي كان وقتها يعمل في حماية النجيفي برتبة مقدم ، رغم ذلك نجده قد عاد لمزاولة عمله في حماية الجبوري و الان في حماية رئيس مجلس النواب الحالي محمد الحلبوسي !!! و انا اجزم لو ان ابو بكر البغدادي غير معرّف الشكل لدى الجميع و غير مشهور اسمه و طبيعة الصفة التي يحملها لكان قد رشحه الخنجر وزيرا للدفاع و استقتل من اجل استيزاره ، الحمد لله على نعمة الاعلام !!!

ما يطرح نفسه الان هو السؤال الاتي : ما الذي يدعو لاستيزار هكذا نوعية من الشخوص ، لماذا لم يختر الخنجر وزراء ذا سمعة يُشهد لها من اجل تغيير الصورة السلبية و السمعة السيئة المعروفة عنه ؟! اوهل خلت الارض من الوطنيين الشرفاء يا ترى !؟؟ ابدا بل جل ما في الامر ، ان هذه النوعية من الاشخاص ، سيكونوا مطية بيد الخنجر يسوقهم حيث يشاء و يريد ، واجهة لتنفيذ مآرب و مقاصد خبيثة لتدمير العراق ، فهو سيستفاد من المناصب التي يشغلونها هؤلاء امرين مهمين ، الاول هو توجيه كل العقود و الصفقات باتجاه العاملين معهم من اجل تمويل الارهاب و استمرار ديمومته و الذي من دون المال سيتلاشى و ينتهي ، اما الامر الاخر فهو استغلال الاماكن الحكومية و السيارات التابعة لهؤلاء الوزراء الدواعش من اجل انتقال الارهابيين من مكان لاخر بسهولة و يسر دون القدرة على مسكهم و القبض عليهم ، كذلك نقل المواد المتفجرة و الاسلحة و العبوات الناسفة و غيرها من ادوات التخريب و احداث الفوضى كما كان يجري قبل عقد من الزمن .

لذلك كان الاجدر بمن وقف كتف الى كتف مع هذا الخنجر الخبيث ان يحترم دماء الشهداء التي زهقت ارواحهم دفاعا عن تراب هذا البلد على ايدي زمرة داعش التي كان يرعاها و يدعمها بكل اشكال الدعم ، كان الاجدر بهم رفع دعوى قضائية و الطلب من كل عوائل الشهداء ان يقوموا برفع دعوى قضائية ضده بتهمة تمويل الارهاب و قتل ابناءهم و تخريب البلاد ، لكن هيهات ، فالمصالح التقت و المغانم قد حصدت ، اسمعت ان ناديت حيا لكن لا حياة لمن تنادي ، الا لعنة الله عليهم اجمعين .