18 ديسمبر، 2024 7:08 م

خمس ملاحظات… لا انتقادات!

خمس ملاحظات… لا انتقادات!

في البرنامج الإذاعي صباح الثلثاء، لفت نظري تركيز المتصلين الخمسة على أن ما يقولونه مجرد «ملاحظات بسيطة» يتمنّون أن تتفضل الجهات المعنية عليهم بالتفكير في إيجاد حلٍّ لمشاكلهم إن أمكن!

المذيعان كانا أيضاً يستخدمان المفردة نفسها، مراعاةً لمشاعر وأحاسيس المسؤولين، الذين قد تجرحهم كلمة «انتقاد» أو «مطالبة»، ويُفترض أنهم في موقع عام، جيء بهم لتنفيذ المشاريع وتسهيل الأعمال وخدمة المواطن، ويستلمون على ذلك راتباً شهرياً ومخصصات سنوية، وأن ما يقومون به ليس صدقةً أو إحساناً، بل عملٌ واجب.

ربما كان هناك متصلون قبل الساعة 7:45 وبعد 8:45، فترة احتباسي في الشارع العام بسبب الازدحام المروري على شارع البديع، لكن المكالمات الخمس تعطي انطباعاً لوتيرة عمل الأجهزة الحكومية، وفي مقدمتها الإذاعة والتلفزيون، التي وُعد الجمهور بحدوث نقلة جبارة في أدائهما قبل عام.

في الاتصال الأول تحدّث المواطن سعود عن ما يجري للبحر، بسبب ما يسمى بـ«الكراف»، حيث يتعرض إلى عملية صيد جائر يجري فيها تجريف قاع البحر وتخريب البيئة الطبيعية الحاضنة للأسماك، وغالباً ما تتم على أيدي العمالة الآسيوية، ولكنها تعمل لدى أرباب عمل بحرينيين. والموضوع قيل وكتب فيه الكثير، وكغيره من الموضوعات المعلقة التي لا تجد لها حلولاً، فتستمر وتتفاقم حتى تتضاعف الخسائر والأضرار.

المواطن كان يتكلّم بحرقةٍ، وتلفّظ بعبارةٍ بليغةٍ وهو يصف مشهد تدمير البيئة البحرية بقوله: «تصوّر شخصاً يحمل حديدةً في يده ويشخّط على جدران بيتك»، وهذا هو شعور وإحساس كلّ مواطن بحريني وهو يشاهد ما يجري للبحر.

الاتصال الثاني كان من المواطنة أم راشد، تحدّثت عن معاناتها للحصول على الدواء من المستشفى الحكومي، حيث ذهبت للحصول على أدويتها يوم الخميس، فقالت لها الصيدلانية: تعالي عصر يوم الأحد. فذهبت يوم الأحد عصراً فقيل لها: تعالي يوماً آخر (لعله الثلثاء)، فذهبت الساعة 3:15 وظلت تنتظر دورها حتى الساعة 8:00 مساءً. وبسبب معاناتها من الضغط والسكري بدأ قلبها يخفق وشعرت بالتعب والإرهاق. أما العائلة فبدأ يخالجها الخوف بعدما افتقدوها حوالي خمس ساعات، خوفاً من تعرّضها للإغماء، فلا يمكن أن تستغرق كل هذه الفترة لاستلام أدويتها من صيدلية المستشفى.

المرأة تبدو كبيرة السن، وكانت تكرّر القسم بالله بين كل جملتين، لتؤكّد على صحة كلامها، الذي كان يتدفق بعفوية وصدق ابن البلد، ما حمل المذيع والمذيعة على التعبير عن تعاطفهما معها، وبالتالي رفع هذه «الملاحظة» إلى إدارة المستشفى، ومن ورائها وزارة الصحة، التي تصدر المزيد من الإجراءات المعقّدة وغير المفهومة للجمهور.

الاتصال الثالث كان من مواطن تقدّم بطلبٍ إلى وزارة الإسكان قبل ثمانية أشهر للحصول على رخصة لبناء إضافي بمنزله، «بعدما العيال كبرت»، ويريد التوسعة على عياله. وسبق له أن اتصل بالبرنامج نفسه قبل أشهر ليعرض مشكلته بحثاً عن مساعدة، والمذيعون لم يقصّروا، فوصلت مشكلته للوزارة، وظلت تحوم في أروقتها حتى الآن، وكلما اتصل تجيبه السكرتيرة بأنه لم يصدر قرارٌ بعد! ويقول المواطن الذي أعيته كثرة الاتصالات بالوزارة دون جدوى: «إلى متى يمكن الحصول على رخصة البناء»؟ وترد المذيعة مؤنّبةً الوزارة: «هل تتصورون أن المواطن ستنتهي مشكلته بمجرد الحصول على الرخصة؟ المشوار أمامه طويل، والله أعلم كم سيستغرق منه البناء، فساعدوه على الأقل بإصدار الترخيص».

المكالمة الأخيرة كانت لمتصل يبدو من لهجته أنه مواطن خليجي، حيث رفع «ملاحظته» إلى الجهات المختصة بخصوص التصديق على شهادته الجامعية، فهو قد تخرج – حسب قوله – منذ سنتين، ولم تفلح اتصالاته حتى الآن في الحصول على التصديق. ويقول إن كل ما يسمعه من ردود هو لمجرد «التسكيت». وترفع المذيع أو المذيعة هذه الملاحظة للجامعة المعنية.
نقلا عن الوسط