23 ديسمبر، 2024 9:21 ص

خمسون شامل عبد القادر

خمسون شامل عبد القادر

قبل خمسين عاما كانت لدينا شورجة واحدة وخمسون  سينما منتشرة في شوارع ومحلات وازقة بغداد بمن في ذلك الشواكة وعلاوي الحلة مقابل مقهى ناصر حكيم وعلى مبعدة من مقهى “جزيرة العرب”. اما اليوم فلدينا خمسون  شورجة ولاسينما واحدة. ففي البياع شورجة وفي العامرية شورجة وفي الكاظمية شورجة وفي مدينة الثورة شورجة ومثلها في البصرة والعمارة والناصرية والرمادي وتكريت وديالى والسماوة. قبل خمسين عاما كان “السمك المسكوف” اختصاصا حصريا لـ “ابو نؤاس”    .. الشارع لا الشاعر. اما اليوم فقد تم “اجتثاث” ابي نؤاس الشاعر والشارع معا وتحولت عملية “سكف السمك” الى مهنة  من لامهنة له في كل شوارع ومحلات واحياء وازقة بل وزنقات بغداد.  
 قبل خمسين عاما كان لدينا باص مصلحة واحد احمر بطابقين يجوب شوارع بغداد بتوقيتات منتظمة كأنها ساعة “بيغ بين” من ساحة الاندلس الى النصر ومن المنصور الى باب المعظم ومن الباب الشرقي الى كرادة مريم مرورا بالقصر الجمهوري الذي هو الان المنطقة الخضراء حيث لا احد كان يقول لك “على عينك حاجب” طالما تلتزم بالقاعدة الشهيرة “ساعد المحصل باصغر نقد”. قبل خمسين عاما وفيما كان خيالنا العلمي واضغاث احلام يقظتنا  تصور لنا بغداد عام 2014 لا بغداد 1960 كلها مناطق خضراء تمخر عبابها متروات انفاق وجسور عائمة تمرق فيها السيارات بسرعة البرق فاذا ببغدادنا اليوم ليست قادرة على حماية اورزدي باك الكرادة بوجود الف سيطرة ومائة الف جندي وشرطي اتحادي و”أشكال وارناك” السونارات والمرابطات. قبل خمسين عاما كانت لدينا علوتا مخضر اثنتان.. واحدة في الكرخ واخرى في الرصافة واليوم في الزقاق الذي يقع فيه بيتي علوة مخضر “بسعر الجملة” ودكانان لبيع الفواكه والخضر بمن فيها الموز واللالنكي والسبيناغ ودكان مكتوب عليه بالقلم العريض “اسواق الزيتون” فيه مالذ وطاب من اطاييب الطعام يشخص بالقرب منه مطعم سفري للكص والكباب مع استعداد لتجهيز الحفلات والمناسبات.
قبل خمسين عاما كان لدينا سوق واحد للسيكاير في شارع الكفاح.الان لدينا خمسون  شارع كفاح لبيع كل كل انواع السيكاير في كل محلة وشارع وزقاق. قبل خمسين عاما كان لدينا همبركر ابو يونان في شارع السعدون وقوزي ابن سمينة بشارع السعدون واليوم لدينا كل انواع الهمبركرالردئ بكل انواع اللحوم الهندية وغير الهندية. قبل خمسين عاما كانت لدينا “الشركة الافريقية” لمن يعرفها من كبار السن ولمن لايعرفها من صغارهم فيها كل ما يحتاجه البيت من “الخيط للمخيط” وتلاها “اورزدي باك” الذي صار فيما بعد سوق الثلاثاء والاسواق المركزية التي حين ازيلت باعتبارها من “اسواق النظام السابق” لم يات لنا احد باحسن منها او مثلها. قبل خمسين عاما كان موكب الوزير سيارة واحدة فقط وبرفقة شرطي بينما اليوم الشرطي صار بحاجة الى موكب يسير بعكس اتجاه السير. قبل خمسين عاما كانت لنا ذاكرة عراقية واحدة تخصص بها  صحفي واحد اسمه شامل عبد القادر. بعد خمسين عاما سوف نحتاج الى خمسين شامل عبد القادر ولكن .. بلا ذاكرة.