بعد الإعلان عن فوز (329) مرشحا بمقاعد العضوية في السلطة التشريعية ، المتمثلة بمجلس النواب للدورة النيابية ( 2018- 2022 ) ، وما سيضاف إليهم لاحقا ممن سيمنح الثقة من الوزراء الجدد أيضا بالتعيين ، سيستحق كل منهم مبلغا قدره (50,000) خمسون ألف دولار أو ما يعادلها ، تحت عنوان ( المنحة المالية غير القابلة للرد ) ، إعتبارا من تأريخ أداء اليمين القانونية ، وقبل أن ينبس أحدهم ببنت شفة في أداء مهامه وواجباته الرسمية بالقول أو بالفعل ، وقد رأينا عرض الموضوع على الشعب العراقي الكريم ، للإطلاع على ما لا يعرف من تفاصيل المنحة موضوع البيان ، آملين من المشمولين بتلك المنحة ، إعلان موقفهم الرافض لأول إمتياز مالي يقدم إليهم من غير حق أو إستحقاق ، ولنكون على بينة من مدى سلامة توجهاتهم الفكرية عند العمل في السلطتين التشريعية أو التنفيذية من أجل الصالح العام ، بإلغاء الشريعات الخاصة بالحصول على المنافع الشخصية ، وعدم السعي لتحقيق إمتيازات المصالح المادية الآنية والخاصة ، لهم ولأقاربهم إلى الدرجة الرابعة ، خلال مدة الإستيزار أو مدة الدورة الإنتخابية …
لقد نص القانون رقم (12) في 17/10/2005(1) ، والذي صحح رقمه إلى (12) بدلا من (13) بموجب البيان المؤرخ في 1/1/2006(2) ، على ما يأتي :-
المادة -1- يمنح كل من رئيس الجمعية الوطنية ونائبيه وعضو الجمعية الوطنية ، مبلغا ماليا قدره (50) خمسون ألف دولار أمريكي أو ما يعادله بالدينار العراقي .
المادة -2- يعد المبلغ الوارد في المادة الأولى منحة مالية غير قابلة للرد ولمرة واحدة فقط .
إن أقل ما يمكن القول في القانون المذكور آنفا ، هو أن يهب الأمير ما لا يملك إلى من لا يستحق ، لأن صيغة وصفة المنح بغير القابل للرد ، تبرهن على إنعدام السند في الإستحقاق قبل المنح ، كما كان من اللائق والأجدر بالمشرع حينها أن يحترم قيمة العملة الوطنية العراقية ودلالات رموزها ، بدلا من صرفها بالدولار الأمريكي أو ما يعادله وإن كان العراق محتلا وللأسف الشديد ، بعد ذلك صدر قانون مجلس النواب رقم (50) في 3/9/2007(3) ، ونصت المادة (1) منه على ما يأتي :-
المادة -1- تسري أحكام قانون الجمعية الوطنية رقم (3) لسنة 2005 على مجلس النواب ، إعتبارا من تأريخ أداء اليمين القانونية لأعضاء مجلس النواب .
كما عدلت المادة المذكورة بموجب القانون رقم (23) لسنة 2009(4) ، لغرض شمول أعضاء مجلس النواب بالمنحة المالية المذكورة وبصيغة مضللة ، حيث النص الجديد :-
المادة -1- تسري أحكام قانوني الجمعية الوطنية رقم (3) و (12) لسنة 2005 على أعضاء مجلس النواب ، إعتبارا من تأريخ أداء اليمين الدستورية لأعضائه .
إن النص المذكور يوحي لغير المختصين أو المهتمين بالشأن القانوني وتطبيقاته الإدارية التنفيذية ، وكأن الموضوع ذو علاقة بتنفيذ مهام أو أداء واجبات أو تحديد آليات عمل معين ، وذلك ما قصدته بالصيغة المضللة ، كونه يتعلق بتمتع أعضاء مجلس النواب بإمتيازات خاصة ، منها منح عضو مجلس النواب للمكافأة المذكورة ، بالإستناد إلى ( الدور المهم الذي يمارسه أعضاء مجلس النواب ، ومساواتهم مع الوزراء في جميع المجالات ، ولتلافي الإشكالات الإدارية والمحاسبية الحاصلة ) ، حسب نص الأسباب الموجبة للتعديل ؟!. التي كشفت سبق صرف المنحة ذاتها للسادة الوزراء أيضا ؟!. ولكن بدون الإشارة إلى السند القانوني القاضي بذلك للسادة الوزراء ، الذين لم يفصح أحدهم عن قبضه لتلك المنحة من قبل ومن بعد ؟!.
وعليه يتوجب إلغاء القوانين متقدمة البيان ، لضمان إلغاء المنحة المالية المذكورة ، مع إسترداد ما تم صرفه منها للنواب السابقين ، باعتبار الصرف قائم على قواعد النفع الخاص على حساب الصالح العام ؟!، حيث لم يعهد في أسس وقواعد إشغال المناصب أو الوظائف حسب قواعد الخدمة العامة أو الخاصة ، أن يصرف أي مبلغ بتلك الصفة أو الصيغة ، كما إن عدم إسترداد المنحة من النائب الذي لم يكمل الدورة الإنتخابية ، بسبب إنتهاء صفته النيابية في غير حالتي الوفاة والعجز الصحي ؟!. دليل على وجود حالة الفساد المالي والإداري غير المسبوق !، وإن لم يكن ذلك غريبا في سعي مجلس النواب إلى تحقيق مصالح أعضائه بأي شكل كان ، وخاصة منحهم الرواتب والمخصصات مجهولة المقادير والسند القانوني ؟!.
وعليه نخاطب السادة النواب والوزراء الجدد ، بعدم تسلم ما خصص لهم من المال العام بغير إستحقاق ، قبل تشريع قانون الرد النهائي بالإلغاء ، وقبل أن يكون تسلم تلك المنحة ، وشم شائبة الفساد الأولى في سيرة ومسيرة ممثلي الشعب والوزراء وتأريخهم الشخصي ، لإمكانية تخصيصها إلى أبواب الصرف والإنفاق العام ، دعما لصناديق معالجة مرضى السرطان أو ذوي الإحتياجات الخاصة ، أو أية شريحة من المجتمع عونا أو إستثمارا .
أيها السادة النواب والوزراء الجدد ؟؟؟ ننتظر موقفكم وقراركم التشريعي الأول والمباشر ، عملا وفعلا غير قابل للرد ، برفض تسلم مبلغ المنحة موضوع البحث … وأن لا تتشبهوا بزميل سابق لكم في الدورة البرلمانية للسنوات ( 2010- 2014 ) ، حين اقترح إضافة لها بدلا من إلغائها ، منح النائب مكافأة عند نهاية الدورة البرلمانية ؟!، عوضا عن تخصيص الراتب التقاعدي ؟!، باعتبار المنحة الأولى مكافأة بداية الخدمة ؟!، وكأني به والمثل القائل ( راد يكحلها عماها ) ، حين شك رجل في حب زوجته له ، لأنها لا تضحك أو تبتسم أو تتكلم معه . فلجأ لإمرأة كبيرة في السن ، عُرف عنها الحكمة ليتأكد من حقيقة ريبه وسوء ظنه ، فنصحته بأن يصطاد أفعى ويخيط فمها ويضعها فوق صدره أثناء نومه ، ويصطنع الموت عندما تحاول زوجته إيقاظه ، وبالفعل حدث ذلك وظنت أنه توفى ، فأخذت تصرخ عليه حتى تأكد من حبها له ، فنهض من فراشه ليبشرها بأنه لم يمت ، وعندما علمت الزوجة بأنها خدعة ، غضبت كثيرا وأقسمت أنها لن تعود إليه ، ومن هنا جاء المثل ، وكثيرة هي الأمثال التي تنطبق على سلوك وتصرفات مسؤولي الصدفة بجميع مناصبهم وعلى مختلف درجاتهم الوظيفية ؟!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4008) في 2/11/2005 .
2- نشر البيان في الجريدة المذكورة بالعدد (4015) في 17/1/2006 .
3- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4049) في 27/9/2007 .
4- نشر القانون في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4141) في 11/1/2010 .